القاهرة | رغم تأكيد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في اجتماعه مع الأحزاب المصرية قبل أسابيع، ضرورة الخروج في قوائم موحدة خلال مشاركتها في الانتخابات البرلمانية، فإن تلك الأحزاب لم تنجح في الاتفاق على قوائم موحدة، ولا حتى عبر بعض الشخصيات الرسمية.ومع بدء تقديم كشوف المرشحين إلى انتخابات مطلع الأسبوع، كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن جهات أمنية ساهمت في السيطرة على مفاصل العملية الانتخابية، وخاصة عبر جهازي الاستخبارات الحربية والأمن القومي، اللذين أحبطا باتصالاتهما قائمة تحالف «الوفد المصري» و«المؤتمر»، وكذلك «صحوة مصر».

كل ذلك كان لمصلحة قائمة «في حب مصر» التي تعكف على وضعها أجهزة الدولة، وهو ما ينذر بغضب قد يرفع عدد الأحزاب المقاطعة للانتخابات، في وقت قررت فيه محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة، تأجيل الدعاوى المطالبة بمنع ترشح أحمد عز لانتخابات مجلس النواب حتى جلسة الرابع والعشرين من الشهر الجاري، التي كانت قد تأسست على ضرورة الاعتبار لقواعد حماية الأمن القومي للدولة ومكافحة الإرهاب.
وعلمت «الأخبار» من مصدر سياسي مقرب من دوائر صنع القرار أن الاستخبارات بالتعاون مع «الأمن القومي» (أمن الدولة سابقا) تواصلا مع مرشحين من تحالفي «الوفد المصري» و«المؤتمر» وأيضا «التيار الديموقراطي»، طالبين منهم العزوف عن الترشح، أو الانضمام إلى قائمة «في حب مصر» التي كان يعكف على تأسيسها مستشار الرئيس الاقتصادي، كمال الجنزوي، وحاليا استلم مهمات تشكيلها سامح سيف اليزل، الذي خدم في الاستخبارات العامة حتى رتبة لواء.
وأضاف المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن اليزل مكلف من الاستخبارات إدارة «في حب مصر» عبر التعاون مع بعض أجهزة الدولة، وذلك لضمان ولائها للدولة بنظامها الحالي، وهو ما دفع عددا من الأحزاب إلى دراسة موقفها من الاستمرار في الانتخابات، أو اللجوء إلى المقاطعة في حال استمرار الضغوط الأمنية.
وفيما بدأ قطار المقاطعة عبر حزب «الدستور» (أسسه محمد البرادعي) و«التيار الشعبي» (حمدين صباحي) و«التحالف الشعبي الاشتراكي» وحزب «مصر القوية» (عبد المنعم أبو الفتوح)، فإن من المتوقع أن يدخل كل من «الوفد»، و«المؤتمر»، و«الوسط»، في دائرة المقاطعة، وخاصة في حال استمرار موقف الدولة الداعم لقائمة «في حب مصر». واليوم (الأربعاء)، يعقد «الوفد» اجتماعا ليدرس مع مرشحيه وأعضاء هيئته العليا موقف الحزب النهائي من الانتخابات، فيما أعلن حزب «البناء والتنمية» (إسلامي التوجه) مقاطعته، وبالأخير يخلو المشهد من قوى «الإسلام السياسي» عدا حزب «النور» السلفي.
وحاليا، تتوالى الاتصالات الأمنية على مرشحي «الوفد» في الدوائر الفردية وكذلك القوائم، ما دفع رئيس الحزب، السيد البدوي، إلى مهاتفة رئاسة الجمهورية وبعض دوائر صنع القرار لمعرفة حقيقة ما يحدث، لكنها جميعا نفت علمها بمثل هذه الاتصالات مع مرشحي «الوفد» أو غيره من الأحزاب، كما أرسل البدوي لرئاسة الجمهورية خطابا شرح فيه ما يحدث، وفق إفادة عضو الهيئة العليا للحزب ورئيس اللجنة الإعلامية لتحالف «الوفد» و«المؤتمر»، ياسر حسان.
يضيف حسان لـ«الأخبار» أن الأجهزة الأمنية لم يهدأ لها بال منذ إعلان السيسي أنه لا ينحاز إلى قائمة الجنزوري، فسعت «جاهدة لتكون القائمة الوحيدة الناجحة، وتحبط بقية القوائم»، مشيرا إلى أن أكثر من مرشح فردي طلب منه إما دعم قائمة «في حب مصر»، أو العزوف عن الترشح نهائيا، فضلا على استقطاب أقوى مرشحي قائمة «الوفد» إلى «في حب مصر».
في السياق نفسه، قال الأمين العام لحزب «المؤتمر» وعضو التحالف مع الوفد، اللواء أمين راضي، إن «الوفد» ليس الحزب الوحيد الذي يتعرض لمثل هذه الضغوط، مشيرا إلى أن «المؤتمر» كذلك أصاب مرشحيه هذه الاتصالات. وأضاف راضي لـ«الأخبار»، إن «الحزب يعلم أن الرئيس يرفض ما يحدث، ولا يدعم أي قائمة كما سبق أن قال خلال لقائه بالأحزاب»، موضحا أنه في حال استمرار التدخل بهذه الطريقة، فإن «الوفد» لن يكون المقاطع وحده، ولكن «القرار هنا ليس فرديا، إذ سيحدد المجلس الرئاسي للحزب (المؤتمر) خلال الأيام القليلة المقبلة موقفه».
إلى ذلك، تكللت الجهود الأمنية المذكورة بانسحاب حزب «المحافظين»، الذي يرأسه رجل الأعمال أكمل قرطام، من قائمة «الوفد»، مع إعلان انضمامه إلى قائمة «في حب مصر» التي تدعمها أجهزة الدولة.