برغم أن أي إعلان رسمي لم يصدر بعد عن القوى اليمنية المتفاوضة برعاية المبعوث الدولي إلى اليمن، جمال بن عمر، بدأت مآلات الأزمة السياسية في البلاد، بالاتضاح شيئاً فشيئا.
إعلان الاتفاق بين الأحزاب على إنشاء مجلس رئاسي يضم القوى اليمنية كافة، بات قاب قوسين أو أدنى، بعدما وردت تأكيدات من مفاوضين في الجلسات الجارية في أحد فنادق العاصمة صنعاء، تفيد بتوصّل معظم المجتمعين إلى تفاهم جامع، دعمها كشف الحزب الاشتراكي اليمني، مساء أمس، عن موافقته على إنشاء مجلس يدير البلاد في المرحلة المقبلة. ويبدو أن بيان «اللجنة الثورية» التابعة لجماعة «أنصار الله» (الحوثيين)، ليل أول من أمس، الذي أدرجت فيه نيتها «بدء ترتيب أوضاع السلطة» خلال أيام، أوتي ثماره، بواسطة الضغط على الأحزاب للإسراع في التوصل إلى تفاهمٍ ينقذ اليمن من استمرار الفراغ الناجم عن استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومة خالد بحاح.

واستؤنفت المفاوضات يوم أمس، قبل أن يؤكد مفاوضون أن معظم القوى وافقت على إنشاء مجلس رئاسي مؤقت، يدير البلاد لمدة عام. وقال أعضاء من الوفود المشاركة في جلسات المشاورات، إن 9 أحزاب وجماعات من بينها ممثلون عن «الحراك الجنوبي»، وافقت خلال المفاوضات في صنعاء على إنشاء مجلس رئاسي من خمسة أعضاء برئاسة الرئيس السابق لدولة جنوب اليمن المنحلة، علي ناصر محمد. وفي هذا الصدد، أكد مصدر مقرب من محمد، أن المشاورات مستمرة مع الرئيس السابق لكنها لم تُستكمل بعد.
من جهته، أعلن الحزب الاشتراكي اليمني (وهو أحد أحزاب تحالف «اللقاء المشترك»)، «موافقته المشروطة» على مقترح المجلس الرئاسي لحل أزمة الفراغ الدستوري بالبلاد، بحسب ما نقلته وكالة «الأناضول» عن مصدر في الحزب. وقال المصدر إن الحزب اشترط أن تكون مهمات هذا المجلس «ضمن ترتيبات العملية السياسية القائمة بالاستناد إلى مرجعياتها المتمثلة في مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة، وعدم قبول أي ترتيبات إجرائية تُجرى خارج هذه العملية». وكان ممثلا الحزب الاشتراكي والإصلاح (الإخوان)، قد طلبا، أول من أمس، تأجيل المفاوضات، من أجل التشاور مع قيادة الحزبين حول مقترح إنشاء مجلس رئاسي، الأمر الذي أخّر المفاوضات حتى تجاوزت مهلة الأيام الثلاثة التي منحتها جماعة «أنصار الله» (الحوثيون)، للقوى المتفاوضة حتى تتوصل إلى حلٍّ يسد الفراغ في البلاد، تحت طائلة الاحتكام إلى قرارات «اللجان الثورية» التابعة لها.
من جهةٍ أخرى، صدرت إشارات متعلقة بالموقف الاقليمي إزاء الاتفاق المرتقب، يوم أمس، حيث أكد وكيل وزارة الخارجية الكويتي، خالد الجارالله، أن المبادرة الخليجية بشأن اليمن «لم تتضمن نقل صلاحيات الرئيس اليمني إلى مجلس رئاسي». وقال الجارالله في مؤتمر صحافي، يوم أمس، «الأوضاع في اليمن للأسف تتطور بطريقة مؤسفة ومقلقة ونحن لدينا مبادرة خليجية نرجو أن يجري تفعيلها والعمل بها ولو جرى ذلك لاستطاع اليمن أن يخرج من عنق الزجاجة». وأضاف الجارالله، أن «العودة إلى المبادرة هي المخرج الوحيد والعملي والواقعي لحلّ الأزمة»، وهو ما قد يُعدّ تحدياً للمتغيرات التي فرضتها «أنصار الله» أخيراً على الساحة اليمنية، وخصوصاً أن المبادرة الخليجية، باتت شبه منتهية الصلاحية مع استقالة الرئيس والحكومة.
في سياقٍ آخر، أعلنت القاهرة، أنها ستتدخل عسكرياً إذا أغلق مضيق باب المندب في اليمن. وقال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، إن بلاده «لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرضت الملاحة الدولية للخطر عبر إغلاق مضيق باب المندب في اليمن». وأكد مميش في تقارير صحافية، أن «قوة عسكرية جاهزة للتدخل، لأن هذا الإجراء يمس الأمن القومي المصري، ويؤثر على نحو مباشر في قناة السويس».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)