يحثّ وليّ وليّ العهد السعودي الجديد، محمد بن نايف، خطاه نحو مستقبل المملكة بما يلزم من ثقة وثبات لتأدية الدور الكبير المنوط به. لدى بن نايف الكثير الكثير لينجزه من أعمال هذه الأيام، فحقيبة وزير الداخلية تبدو ملأى بالمشاريع اللازمة لضبط إيقاع ملفّات تجمّعت في قبضة «صاحب السموّ الملكي» من مكافحة الإرهاب إلى ملف الداخل.
ملفات وإن كان اجتماعها إلى الرجل سالفاً لغياب الملك عبدالله بن عبد العزيز، كما وإن كان اسم محمد بن نايف ليس طارئاً على عالم الأمن والسياسة إقليمياً ودولياً، إلا أن وفاة عبدالله، واعتلاء أخيه السديري، سلمان بن عبد العزيز، عرش المملكة، مكّنا أوّل حفيد للمؤسّس عبد العزيز من تخطّي أعناق صفوف طويلة من الأنجال والأحفاد المتوثّبين لتسنّم هذا الدور، فأقصي متعب بن عبدالله وبندر بن سلطان فضلاً عن أحد عشر أميراً من أبناء عبد العزيز، لتخلو الساحة للأمير السديري، الموثوق أميركياً، فيصبح ولياً لوليّ العهد بإخراج الأوامر الملكية المستعجلة، وقبل أن يوارى الملك عبدالله الثرى.
محمد بن نايف أكثر من وليّ لوليّ العهد، يجمع المتابعون. سريعاً تكشّف حجم النفوذ الذي بات يبسطه رئيس «مجلس الشؤون السياسية والأمنية» (وهو مجلس استحدث مؤخراً لمحمد بن نايف).

وثيقة تداولتها مواقع إلكترونية خليجية معارضة، كشفت عن تعميم سرّي على كل من وزير العدل ورؤساء المجالس القضائية في السعودية. تتضمن الوثيقة المسرّبة (مع الإشارة إلى أن التسريبات واختراق مواقع حكومية تحتفظ بمستندات سرّية باتت ظواهر متكررة في الآونة الأخيرة) جملة من الشروط والضوابط لتطبيق العفو الملكي الصادر عن الملك سلمان لمناسبة تولّيه العرش، تستبعد مرتكبي 12 جريمة، أبرزهم السجناء السياسيون (أصحاب الجرائم التي تمسّ أمن الدولة كما يسميهم التعميم السرّي)، إلى جانب تعليمات تحدّد تخفيضات لمدد سجن كلّ فئة من المحكومين دون النص على الافراج الفوري، ثم يختم تعميم وزارة الداخلية باسم «صاحب السمو الملكي: محمد بن نايف».
الفضيحة التي تكشف عن الطريقة التي تدار فيها الأمور في السعودية، تداركها الاعلام السعودي في اليوم التالي، كما فعلت صحيفة «الحياة» في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي، حين نقلت عمّن وصفته بـ«مصدر قضائي» استبعاد مرتكبي الجرائم الـ12 من شمولهم «العفو الملكي».
على جبهة الإرهاب، يتقدّم محمد بن نايف متأبّطاً استراتيجية جديدة كشفت عنها يومية «التايمز» البريطانية أول من أمس الثلاثاء. ينقل الكاتب هيو توملينسون عن أحد المستشارين السعوديين عزم الرياض على خوض حرب استخباريّة مع «داعش» عن طريق اختراق جسم التنظيم بالجواسيس، حيث لم يعد مطمئناً الاكتفاء بالاعتماد على التعزيزات العسكرية عند الحدود الشمالية.
وتشير «التايمز» إلى دور محمد بن نايف الذي يسعى إلى دمج رئاسة الاستخبارات مع القوات الأمنية تحت إشرافه (وهو ما قد يفسّر تسجيل سابقة تعيين رئيس استخبارات من خارج أمراء العائلة الحاكمة للابتعاد عن ضوضاء تنازع نفوذ الأمراء).
أبعد من ذلك، لا يستبعد بعض المختصّين في الشأن السعودي أن يكون محمد بن نايف هو من يقف وراء وأد قناة «العرب» في مهدها، على خلفيّة امتناع الوليد بن طلال عن مبايعته والاكتفاء بتهنئته بعد مبايعة الملك ووليّ العهد عبر تغريدة على «تويتر».
كثير من المراقبين بدأوا بإطلاق لقب «الملك الفعلي» على محمد بن نايف، والأخير، ذو الـ55 عاماً، يبدو ماضياً كمرشح وحيد «لأسطرة» الشخصية في مشيخة النفط، خلفاً لبندر بن سلطان.