انقضى اليوم الأول من مهلة الثلاثة أيام التي منحها المؤتمر الوطني الموسع للقوى السياسية المتفاوضة برعاية دولية، من دون أي نتيجة تذكر. على العكس، يبدو أن المفاوضات التي تجري في أحد فنادق العاصمة اليمنية صنعاء، منذ نحو أسبوع، بحضور المبعوث الدولى إلى اليمن، جمال بن عمر، فشلت في التوصل إلى حلٍّ توافقي، يسدّ الفراغ الناجم عن استقالة الرئيس والحكومة، ويحدّد شكل السلطة التي ستحكم البلاد في الفترة المقبلة. وفي ظلّ التعثر الذي يخيّم على هذه المحادثات، والتي لوّحت جماعة «أنصار الله» في حال فشلها باتخاذ «اجراءات حاسمة» عبر «اللجان الثورية»، يتزايد الاحتقان في الجنوب اليمني، حيث شهدت مدينة عدن، يوم أمس، مواجهات بين «اللجان الشعبية» التابعة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي والجيش وقوات الأمن، أوقعت قتلى وجرحى.
وفيما وردت أنباء مساء أمس عن انسحاب تكتل «اللقاء المشترك» من المفاوضات التي تخوضها القوى السياسية للتوصل إلى صيغةٍ تنقذ البلاد من الفراغ، أكد عضو المكتب السياسي في جماعة «أنصار الله»، علي العماد، أن الخيار الوحيد المرغوب فيه إقليمياً ودولياً هو العودة إلى برلمان ودستور ما قبل عام 2011. وقال العماد، عبر موقع «فايسبوك»، إن هذه الخلاصة هي ما توصل إليه بعد لقاءاته بعدد من سفراء الاتحاد الاوروبي، «الذين هددوا مباشرةً بقطع المعونات والحصار الاقتصادي والإعلامي إذا ما اتجهنا إلى إعلان مجلس رئاسي يمثل فيه الجميع»، مضيفاً أن صيغة المجلس الرئاسي مرفوضة من قبل دول الخليج والأميركيين.
وأوضح العماد أن «مهندسي المبادرة الخليجية» يريدون إعادة البلاد إلى المربع الأولى عبر الحفاظ على ظاهرة البرلمان، الذي يُعدّ غير شرعي. وعن انسحاب «المشترك» من مفاوضات بن عمر، قال العماد إن سبب رفض التكتل للحلول التوافقية هو «إيمانهم بأن الأزمات الاقتصادية التي ستُصنع غربياً والاضطرابات الأمنية والخدماتية في مأرب والجنوب على يد الإصلاح والقاعدة ومجاميع هادي، ستفضي إلى احتجاجات مفتعلة إذا ما واكبتها مسيرات سلمية تغطيتها قطر والسعودية وتركيا».
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي في الجماعة، حمزة الحوثي، في تصريح هاتفي مع قناة «المسيرة»، مساء أمس، أن المفاوضات «خلُصت إلى خيارات محدودة»، وأن النقاشات «تتقدم ببطء». وقال الحوثي إن هناك «مكونات سياسية تحاول تمييع الوقت وتضييعه، خصوصاً بعد المهلة التي حددها المؤتمر» الذي دعا إليه الحوثيون للتوصل إلى حلّ للفراغ.
في هذا الوقت، يشهد الجنوب اليمني حالة غليان، تسعّرها «اللجان الشعبية» التابعة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، التي بدأت منذ الأسبوع الماضي، عقب استقالة هادي، باتخاذ إجراءات ميدانية توحي بجعل انفصال الجنوب أمراً واقعاً. واندلعت، يوم أمس، في حي خورمكسر في مدينة عدن، جنوب اليمن، مواجهات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة بين قوات الأمن المركزي ومسلحي «اللجان الشعبية»، أدت إلى مقتل شخص وإصابة عدد من عناصر هذه اللجان، وأصابت عنصرين من الأمن بجروح.
وأفاد شهود عيان لـ«الأخبار»، بأن المواجهات اندلعت بعدما استحدثت «اللجان الشعبية» المسلحة نقطة تفتيش بالقرب من فندق عدن، وهو أكبر فنادق المدينة، والمجاور لمخازن الأسلحة الضخمة التابعة للجيش. هذه النقطة هدفت إلى الحؤول دون مرور شاحنة كبيرة تابعة للجيش بحماية قوات الأمن المركزي، كانت تحمل أسلحة وذخائر لإحدى المعسكرات في الضاحية الشمالية للمدينة، قبل أن تعترضها «اللجان الشعبية» بغية مصادرتها. حينها نشبت مواجهات بين الطرفين، توسعت في أرجاء المدينة، ثم تدخل الجيش بدبابات وعربات قتالية لمساندة قوات الأمن المركزي، مخلفةً قتيلاً واحداً، بحسب مصدر طبي في المدينة وعدد من الجرحى.
هذه الاشتباكات تواصلت حتى العصر، قبل أن تتمكن قوات الجيش من حسم الموقف، وترغم «اللجان الشعبية» على الانسحاب إلى شوارع المدينة الداخلية. تأتي هذه الأحداث في ظلّ احتقان كبير في جنوب اليمن تزايد في الأيام الماضية، فاقم من شدتها تأزم الوضع في العاصمة صنعاء بين الأطراف السياسية هناك وعلى رأسها الرئيس المستقيل هادي الذي ينحدر من محافظة أبين الجنوبية.
وكانت مواجهات ضارية نشبت قبل يومين بين مسلحين في محافظة لحج 100 كلم شمال عدن وبين الجيش المرابض هناك، استمرت يومين، سقط على أثرها عدد من القتلى من الطرفين، انتهت بخروج المسلحين إلى الجبال القريبة.

(الأخبار، الأناضول)