أعلن وزير المالية اليوناني، يانيس فاروفاكيس، في باريس أمس، أنه يأمل التوجه قريباً الى برلين وفرانكفورت حيث مقر البنك المركزي الاوروبي، بهدف توضيح موقف أثينا حيال تسديد ديونها. وقال فاروفاكيس، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي ميشال سابان، "إني في الحقيقة استعجل التوجه الى برلين... ومدريد وفرانكفورت".
وتابع قائلاً "بالتأكيد سأتوجه إلى برلين" للقاء وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، موضحاً أن مثل هذه الزيارة "أساسية" نظراً إلى أهمية ألمانيا في أوروبا.
وتراقب أوروبا بكاملها، ولا سيما ألمانيا، بحذر الخطوات الاولى للحكومة اليونانية الجديدة التي تأمل التوصل الى اتفاق أوروبي يخفف عن كاهلها عبء الديون. وبدأ الوزير اليوناني في باريس، أمس، جولة أوروبية سعياً وراء حلول، ولتوضيح الموقف الذي ستتخذه الحكومة اليونانية اليسارية الجديدة التي تسلمت السلطة في أثينا. ويعود فوز حزب "سيريزا" اليساري في الانتخابات التشريعية اليونانية يوم الأحد الماضي الى الوعد الذي قطعه بالتراجع عن سياسات التقشف لتي ألقت بثقلها على اليونان، مقابل خطة إنقاذ مالية للبلد في 2010، بينما ترزح أثينا تحت عبء كبير من الديون العامة تفوق قيمتها 300 مليار يورو.
وإضافة الى نظيره الفرنسي، كان من المرتقب أن يلتقي فاروفاكيس، أيضاً، وزير الاقتصاد الفرنسي، ايمانويل ماكرون، قبل التوجه الى لندن حيث سيجري محادثات اليوم مع نظيره البريطاني، جورج اوزبورن، وممثلين عن أوساط الاعمال في لندن.
وأول من أمس، اعلن رئيس الوزراء الفرنسي، ايمانويل فالس، قبيل اجتماع وزير المالية اليوناني مع نظيره الفرنسي، أن على فرنسا أن تساعد اليونان "على احترام التزاماتها" وتشجيع إرادتها في "البقاء داخل منطقة اليورو". وقال فالس إنه "دور فرنسا في تشجيع إرادة الشعب اليوناني في البقاء في منطقة اليورو، لكن في الوقت نفسه احترام التزاماته في إطار قواعدنا المشتركة".
ويصل الوزير اليوناني غداً الثلاثاء الى روما لمقابلة نظيره الايطالي، بير كارلو بادوان، لكنه لم يتوقع حتى الآن زيارة برلين العاصمة الأكثر تشدداً حيال أثينا.
ومنذ فوز "سيريزا" في الانتخابات التشريعية، تستعجل الحكومة اليونانية بزعامة اليكسيس تسيبراس شركاءها الاوروبيين للنظر في مسألة تسديد الديون اليونانية، وبعد مداولات أولى متوترة، خففت أثينا، أول من أمس، من لهجتها. وقال تسيبراس "لا أحد يريد نزاعاً، ولم تكن لدينا على الاطلاق أي نية للتحرك بصفة أحادية في ما يتعلق بديوننا".
وخلال لقاءاته، سيطرح فاروفاكيس "مقاربة تقنية للملف" مع "براهين صارمة ومحددة الارقام" من أجل "الحصول على دعم"، بحسب المقربين منه.
والرهان بكامله الآن يكمن في تحديد الهامش الحقيقي للمفاوضات بالنسبة الى أثينا. فهل يمكن أن تحصل اليونان على المزيد من الوقت لتسديد ديونها وعلى استحقاقات أكثر ليونة أو بكل بساطة على شطب قسم من متوجباتها؟ والسؤال الاساسي الآخر هو كم من الوقت يمكن أن تستغرق المفاوضات، بينما يبدو أن البلد على شفير السقوط مالياً؟
وشددت، أول من أمس، المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، من لهجتها لإبعاد أي فكرة تتعلق بالذهاب حتى شطب للديون التي تملك الدول الاوروبية القسم الاكبر منها. وقالت ميركل، في مقابلة صحافية، "هناك أصلاً رفض طوعي من قبل الجهات الدائنة في القطاع الخاص. المصارف رفضت أساساً مليارات من القروض لليونان". وأضافت "لا أرى أي شطب جديد للديون" (والذي يتعين التوافق بشأنه هذه المرة بين الجهات الدائنة في القطاع العام).
وفي مقابل ألمانيا، تبدو فرنسا وإيطاليا وكأنهما الدولتان اللتان يراهن عليهما اليونانيون لدعمهم، لأن تسيبراس بعد مروره بقبرص اليوم، سيصل الثلاثاء الى روما والاربعاء الى باريس. وكان فاروفاكيس قد قال لأسبوعية "تو فيما اليونانية"، "نعارض (برنامج التقشف الذي تم اعتماده حتى الآن) ليس لأنه غير جيد بالنسبة الى اليونان وحسب، بل لأنه سيّئ جداً لكل أوروبا"، في خطاب سيجد صدى في فرنسا وإيطاليا، وهما الدولتان المناهضتان لسياسة التقشف.
وتعتمد الحكومة اليونانية الجديدة، أيضاً، على الأحزاب المماثلة لـ"سيريزا". وكان حزب "بوديموس" اليساري المتشدد الاسباني قد حشد، أول من أمس، نحو مئة ألف شخص، على الأقل، في شوارع مدريد، للتعبير عن الرغبة في تغيير قواعد اللعبة الاوروبية اقتصادياً.
(الأخبار، أ ف ب)