في وقت يعود فيه شبح الفلتان الأمني إلى غزة، اتهم مرصد حقوقي أوروبي، الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «حماس» السابقة، بتقييد «حرية التظاهر» و«التجمع السلمي». وقال المرصد الأورمتوسطي (منظمة حقوقية مركزها جنيف)، في بيان، إنه رصد أخيرا منع الأجهزة الأمنية تظاهرات وتجمعات سلمية، فيما تسمح «حماس» بالتجمعات «التي تخدم رؤيتها السياسية» دون أي معوقات.
ووفق المرصد، فقد منع أمن غزة في الثالث عشر من الشهر الجاري وقفة احتجاجية نظمها عدد من الصحافيين، كما منعت تجمعا آخر لكوادر من حركة «فتح» تلقوا قبل وقت رسائل تحذير من إقامة أي تجمع.

في السياق نفسه، قالت حركة «فتح»، إنّ «أنصار القيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان، أرسلوا نحو 2000 رسالة تهديد إلى كوادر فتح في القطاع». وذلك بالتزامن مع تحذير المجلس الثوري للحركة من أنّ «الاعتداءات» على كوادر ومؤسسات الحركة في غزة «تتصاعد بصورة غير مسبوقة». وكان مجهولون، يُعتقد أنهم من أنصار دحلان، قد هاجموا، قبل يومين، كوادر وقيادات من «فتح»، أثناء انعقاد مؤتمر خاص بأطباء يتبعون الحركة، في أحد فنادق غزة، كما اعتدى مجهولون على المقر الرئيسي لمؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى (تابعة لمنظمة التحرير) في غزة، وحطموا محتوياته.
حاول أحد النازحين ممن هدمت منازلهم حرق نفسه في خانيونس

ولم يصدر أي تعقيب من وزارة الداخلية التابعة لـ«حماس» على سلسلة الأحداث والاتهامات السابقة حتى كتابة النص، لكن قادة في الحركة والوزارات كانوا يرددون عند وقوع حوادث مشابهة أنهم يسيطرون على الوضع في غزة، ولن يسمحوا بعودة الفلتان الأمني. وقد دعا منسق لجنة الحريات العامة، المنبثقة عن لقاءات القاهرة، والقيادي في «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، أمس، رئيس الوزراء في حكومة التوافق، رامي الحمدالله، بصفته وزيرا الداخلية، إلى إصدار توجيهاته لجهاز الشرطة في غزة بفتح تحقيق سريع في كل الأحداث الداخلية الأخيرة. وقال البطش: «نعبر عن استنكارنا لمنطق التهديد ورسائل الخوف التي يتلقاها المواطنون من بعض الجهات، وكان آخرها تهديد خليل أبو شمالة عضو لجنة الحريات العامة ومدير مركز الضمير لحقوق الإنسان، كما نتسنكر الاعتداء الذي تعرض له المناضل محمد النحال» مدير مؤسسة الشهداء والجرحى في غزة.
على صعيد آخر، حاول نازح غزي، يعيش داخل مركز إيواء منذ هدم منزله في الحرب الأخيرة، إضرام النار في نفسه، يوم أمس، وذلك في محاولة منه للانتحار، احتجاجا على «سوء الأوضاع المعيشية» التي يمر بها، لكن تدخل عناصر الشرطة والدفاع المدني حال دون نجاحه في ذلك. وقال شهود عيان إن رجلا خمسينيا يدعى يوسف أبو جامع، من سكان مدينة خانيونس جنوبي القطاع، أقدم على سكب البنزين على أنحاء متفرقة من جسده، ومحاولة إشعال النار، ولكن أفرادا من الشرطة والدفاع المدني تدخلوا لإنقاذه، ثم تمكنوا من السيطرة عليه، ونقله إلى المستشفى.
ووفق بيانات أممية، لا يزال 15 ألف نازح في مدارس وكالة الغوث (الأونروا)، فيما لم يبدأ الإعمار الفعلي لنحو 29 ألف وحدة سكنية متضررة. كذلك أعلن المستشار الإعلامي لـ«الأونروا»، عدنان أبو حسنة، أمس، أن الوكالة ستحدد اليوم (الإثنين) «موقفًا واضحًا وحاسمًا» إزاء ملف إعادة إعمار غزة. وذكر أبو حسنة لوكالة «صفا»، المقربة من «حماس»، أن اجتماعًا سيعقد بين مسؤولين من «الأونروا» وممثلي الدول المانحة في القدس المحتلة بشأن مناقشة تطورات ملف إعادة الإعمار «على أن يتلو ذلك إعلان موقف حاسم من الوكالة» في ظل ضعف التمويل.
وفيما لم يسجل أي تطور على بنود وقف الحرب في ظل تعثر المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة والاحتلال، قالت «الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الاعمار»، المقربة من «حماس»، إنها افتتحت، أمس، ممرا بحريا لقطاع غزة. وأعلنت الهيئة «افتتاح ميناء غزة ليكون نافذة حول العالم ورفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع»، مضيفة أنها اتفقت مع مقاولين، لتنفيذ أعمال بناء، بهدف البدء الفعلي في إنشاء «الميناء الدولي».
وتابعت الهيئة: «تواصلنا مع العديد من الموانئ الأوروبية التي أبدت موافقتها على إنشاء الميناء في غزة، والتعامل معه»، دون أن تكشف هوية تلك الموانئ، كما أشارت إلى أنها تعمل حاليا على تأهيل إحدى السفن التي سوف تحمل المرضى «وتنطلق بهم في أول رحلة لكسر الحصار».
ويبدو افتتاح «الممر المائي»، خطوة رمزية، ترمي إلى لفت أنظار العالم إلى معاناة غزة، وهو أحد مطالب المقاومة في مفاوضات وقف الحرب، إذ سبق لإسرائيل أن منعت سفنا من الوصول إلى شواطئ القطاع، بل أقدمت على مهاجمة أسطول بحري تركي نهاية أيار 2010، ما أدى إلى مقتل 10 متضامنين أتراك.
(الأخبار، الأناضول)