سؤال يطرح بعد غياب الملك عبد الله عن المشهد السياسي في المملكة: هل ثمة تغييرات مرتقبة في السياسة السعودية إزاء الملفات الإقليمية الساخنة، خصوصاً في اليمن والعراق وسوريا وإيران والبحرين؟على خلاف المقاربات المتّصلة بالصراع على السلطة داخل العائلة المالكة، فإن التباين حول الملفات الخارجية يكاد يكون نادراً إن لم يكن معدوماً. فالاتفاق على الملفات الخارجية الإقليمية والدولية منعقد بين الاجنحة كافة، وإن التباينات تبدو شكلية في الغالب.

في الملف اليمني، على سبيل المثال، يتوحّد الموقف السعودي ضد أي تغيير داخلي يقود الى وصول الحوثيين والحراك الجنوبي والقوى الشعبية المستقلة الى السلطة وإحداث تغيير في شكل التحالفات التقليدية المرتبطة ويحرم الرياض نفوذها الواسع والقديم في السلطة الحاكمة في صنعاء.
في العراق، يبقى الحال كما هو باستثناء الخطر المتمثل في «داعش» وما يفرضه من تحدٍّ أمني على الداخل السعودي، وبناءً عليه سيبقى التعاون بين البلدين مقتصراً على الأخطار المحدقة بالسعودية، وتبقى للأخيرة خلافات أخرى عميقة مع بغداد، لأسباب طائفية وسياسية وجيوسياسية.
هناك سياسات ثابتة تتبناها السعودية حيال القضايا الخارجية


في الملف السوري، ليس هناك من تغييرات محتملة إلا بما تطوّر ميدانياً وفرض نفسه في السياسة، وقد بدأ التغيّر في الموقف السعودي منذ إعفاء رئيس الاستخبارات العامة السابق بندر بن سلطان من منصبه، حيث باتت الرياض لاعباً ثانوياً في الأزمة السورية بعد تبدّد فرص إسقاط النظام.
وفي الملف الإيراني لا جديد فيه سعودياً، وهناك مؤشرات تفيد بتراجع فرص التقارب الإيراني السعودي، فقد كان الملف في عهدة جناح الملك عبد الله منذ نحو عشرين عاماً، وإن غياب الأخير يعزز فرص التباعد مع طهران ما لم يحدث تطور دراماتيكي أو يوجد خطر مشترك يستوجب تقارب البلدين.
في البحرين كذلك، فإن الموقف السعودي الذي عبّر عنه الأمير نايف، وزير الداخلية الأسبق، في لقائه نظيره الإيراني حيدر مصلحي في ديسمبر 2011 بأن الحل في البحرين هو عودة المتظاهرين إلى بيوتهم سيبقى هو الموقف السعودي السائد. وعليه، لا تغيير جوهرياً في الموقف من الثورة الشعبية في البحرين.
أيضاً، السياسة السعودية النفطية ستكون ثابتة لن تتغير، وإن الارتفاع الطارئ في أسعار النفط بسبب موت الملك عبد الله لن يطول وستعود الأسعار للهبوط مجدداً، ما لم يحدث تطوّر أمني دراماتيكي يبعث القلق في الأسواق العالمية؛ فالسعودية تخوض حرباً ضد إيران بسلاح النفط وتشارك الولايات المتحدة في الحرب على روسيا. وستستمر حتى النهاية أو سقوط مفعول السلاح.
في كل الأحوال، الملفات الخارجية، التي ستبقى في أيدي سعود الفيصل، لا تحمل بشارة من أي نوع مع رحيل الملك، فهناك سياسات ثابتة تتبناها السعودية حيال قضايا الخارج، وإن الكلام عن صقور وحمائم يبقى مجرد رؤية خارجية لا نصيب لها في صناعة القرار السعودي.