Strong>بدأ الرئيس السوداني عمر البشير، أمس، زيارة لإقليم دارفور، في إطار حشد الدعم الجماهيري للتصدي لقرار المحكمة الجنائية الدولية القاضي بتوقيفه، ومجدداً التهديد بطرد المزيد من المنظمات الدولية، وكل من «يمسّ بأمن البلاد واستقرارها»هدد الرئيس السوداني، عمر البشير، أمس خلال زيارته الأولى لإقليم دارفور، بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، المنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي الأجنبي، وقوات الأمم المتحدة المنتشرة في السودان، بالطرد إذا لم يحترموا القوانين الوطنية.
وقال البشير، في خطاب ألقاه في مدينة الفاشر أمام الآلاف من أنصاره: «أوجه رسالة لجميع البعثات الدبلوماسية والدبلوماسيين العاملين في السودان وقوات حفظ السلام الموجودة في السودان، بأنهم إذا تجاوزوا حدودهم فسنطردهم مباشرةً». وطالبهم بعدم التدخل في ما لا يعنيهم، قائلاً: «لا تفعلوا شيئاً من شأنه أن يمسّ بأمن البلاد واستقرارها». وأضاف: «كل من يخالف سيطرد».
كذلك جدد البشير انتقاده للمحكمة، وقال: «المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ومدعيها وكل من يدعمها أسفل حذائي». وتابع: «قالوا لنا إذا تركتم المنظمات (غير الحكومية) تعمل فسنجمد المذكرة في مواجهة الرئيس، لكننا رفضنا ذلك». كذلك أعلن رفضه التسليم لأعداء السودان، وعدم قبول الاستعمار الجديد، مشيراً إلى أن السودان هو «رائد حركات التحرر في أفريقيا». وسبقت زيارة البشير لدارفور، استقباله أول من أمس وفداً من منطقة جنوب دارفور قدم له وثيقة «عهد ومبايعة» من أبناء الجنوب. وقال البشير أمامهم إنه «إذا كان هناك من يريدون محاربة السودان فلا يتعين عليهم أن يستصدروا قرارات من خلال مجلس الأمن الدولي أو المحكمة الجنائية الدولية، بل عليهم أن يأتوا ويحاربوا السودانيين وجهاً لوجه». وفي إطار المبادرات السياسية الهادفة إلى احتواء الأزمة، أجرى وزير الخارجية الصيني، يانغ جيه تشي، أمس اتصالاً هاتفياً مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أعرب خلاله عن أسفه وقلقه العميق إزاء مذكرة التوقيف. ودعا أطراف المجتمع الدولي إلى تقديم مساهمات إيجابية لتسوية قضية دارفور من خلال الحوار ومحادثات السلام. كذلك جدد دعم الصين لدور الآلية الثلاثية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية بوصفها القناة الرئيسية لحل المشكلة، مشيراً إلى أنه «بالرغم من أن العدالة القضائية هامة في منطقة دارفور، فإنه لا يجب تحقيقها على حساب عملية السلام في المنطقة». في هذا الوقت، رفض السودان دعوة وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، لعقد «مؤتمر دولي» لمناقشة الأزمة السودانية. وقال وزير الدولة بالخارجية السودانية، علي كرتي، إن بلاده ترفض دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي بشأن الأزمة بين السودان والمحكمة الجنائية، لأن هذا المؤتمر يعني تدويل قضية السودان وقضية دارفور، مؤكداً أن السودان لديه «وسائل وطرق للعمل مع المنظمات الدولية التي تنتمي إليها مثل الأمم المتحدة، ومع الدول الأخرى الأعضاء في هذه المنظمات».
وفي ما يتعلق بآخر تطورات طرد السودان للمنظمات الإغاثية الدولية، جدد مستشارالرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، أول من أمس، بعد لقائه الزعيم الليبي معمر القذافي في طرابلس، رفض السودان لإعادة السماح لهذه المنظمات بالعمل. وبرر الأمر بالقول: «لدينا الأدلة الكافية ونستطيع أن نعرضها على العالم بأنها كانت تهدد الأمن القومي السوداني». وأوضح أنه «إذا كانت هذه المنظمات يهمها أو حريصة على الإنسان في دارفور، فعليها أن تسلم آلياتها وما تود أن تقدمه إلى الصليب الأحمر، الذي ليس لدينا معه أي مشكلة». وأشار إلى أن «المنظمات التي طُردت يبلغ عددها 13 من أصل 118 منظمة تعمل في السودان».
إلا أن الأمم المتحدة عارضت الرقم، إذ قالت في بيانٍ لها إنه «بالرغم من أن نحو 85 بالمئة من المنظمات غير الحكومية الدولية تعمل في دارفور، إلا أنه دون هذه المنظمات ستتوقف معظم عمليات الإغاثة فعلياً». وأوضحت أن «طرد منظمات معروفة مثل أكسفام، وأنقذوا الأطفال، وفرعين لمنظمة أطباء بلا حدود ينهي عمل 40 في المئة من القوة العاملة في المجال الإنساني في شمال السودان». ورأت أنه «ليس ممكناً في أي إطار زمني معقول أن نجد بديلاً للقدرات والخبرات التي وفرتها هذه المنظمات على مدى فترة طويلة من الزمن». وقررت المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان في السودان، إحلال المنظمات الوطنية المتمثلة في مؤسسة الزبير الخيرية، ومؤسسة معارج للسلام والتنمية، والوكالة الإسلامية للإغاثة، والمؤسسة الصحية العالمية بديلاً للمنظمات التي طُردت.
من جهة ثانية، أعلن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، أن هناك جولة مباحثات ستُعقَد بين السودان وتشاد بمساعدة ليبيا تُستكمل فيها قاعدة التفاهم بين البلدين. وأكد أن الزيارة التي قام بها أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قبل أيام إلى تشاد وليبيا تأتي «استمراراً لدور قطر في الوساطة وتهيئة الأجواء الإيجابية للوصول إلى اتفاق إطاري يضمن وقف إطلاق النار في دارفور».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، قنا)


موسى أقنع الرئيس السوداني بوقف التصعيد!وقال موسى لـ«الأخبار»، إنه تلقى تأكيدات قاطعة من البشير بعدم المساس ببقية المنظمات الإغاثية الدولية العاملة في إقليم دارفور بغرب السودان، لافتاً إلى أنه ستُتَّخذ خطوات أخرى ملموسة على الأرض قانونياً وسياسياً. وأعلن أنّ من المنتظر أن يجيز البرلمان السوداني قبل نهاية الأسبوع الجاري، تعديلات قانونية مهمة ستسمح بمحاكمة من ارتكبوا جرائم حرب في الإقليم داخل السودان.
بدوره، أبلغ وزير العدل السوداني، عبد الباسط سبدرات، «الأخبار» عبر الهاتف، أن شعبية البشير قد ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ استيلائه على السلطة 1989، بسبب القرار الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد سبدرات أن زيارة البشير لإقليم دارفور تأتي في إطار ما وصفه بالتحدي العلني والواضح لقرار توقيفه. وقال: «الفكرة هي أن يفهم العالم أن البشير محبوب من شعبه، وأن أمنه مضمون ولا يمكن المساس به مطلقاً، ما دامت الجماهير قد التفّت حوله عفوياً وتلقائياً». كذلك شدد على أن الرهان على آثار القرار وما يمكن أن يحدثه داخل المجتمع السوداني من الفرقة لم يتحقق. وانتقد محاولة مجلس الأمن أن يسلب الدولة حقها في رفض تدخل المنظمات الإغاثية المطرودة في الشؤون الداخلية للبلاد، وتعهد بمحاولة تعويض النقص الذي سببه قرار الطرد لهذه المنظمات.
(الأخبار)