أوقفت السلطات اللبنانية حوالى 170 شاحنة تابعة لشركات نقل سورية، بسبب مخالفتها قرارات وزارة النقل لجهة عدم اعتماد المناصفة في النقل مع الشاحنات اللبنانية، إضافة إلى مخالفة قرارات تنظيم عمليات الترانزيت وتعاميمه
رشا أبو زكي
تقف 170 شاحنة سورية، منذ أربعة أيام، عند معبر العبودية ـــــ الدبوسية، وهي محمّلة موادّ بناء، مثل الإسمنت والحديد والأخشاب، استوردها عبر المرافئ اللبنانية تجار عراقيون. هذا الإجراء الذي اتخذته السلطات الحدودية في لبنان أثار تساؤلات عن سبب توقيف الشاحنات، واقترن بحملة إعلامية من طرف واحد، هو الطرف السوري، بحيث رأى أصحاب الشاحنات السورية ووسطاء النقل أنهم يتعرضون للظلم من السلطات اللبنانية، ولا سيما وزارة النقل، فيما تؤكد مصادر وزارة النقل اللبنانية أن هذه الشاحنات تخالف قرارات الوزارة في عدد من الشروط المطلوبة في عمليات الترانزيت، وتشدد على أن الشاحنات غير اللبنانية كانت تتخطى القوانين وقرارات وزارة النقل في السابق، فاضطر وزير النقل غازي العريضي إلى إصدار تعاميم ومذكرات لإعادة إحياء هذه القرارات بعد مطالبات عديدة من أصحاب الشاحنات اللبنانية التي يتعدى عددها 3 آلاف شاحنة تتعرض لمزاحمة غير مشروعة من الشاحنات العربية.
إذ يشير رئيس تجمّع أصحاب الشاحنات في لبنان أحمد الخير لـ«الأخبار» إلى أن «حيتان وسطاء النقل يحاولون تضخيم المشكلة التي هم أنفسهم افتعلوها، محاولين تصوير موضوع توقيف الشاحنات من السلطات اللبنانية بأنه ظلم وافتراء». ويشرح قائلاً إن عدد الشاحنات المتوقفة لا يتعدى 170 شاحنة، فيما يقول الوسطاء إنها 250 شاحنة، وجميع هذه الشاحنات مخالفة للقرارات الصادرة عن وزارة النقل والتعليمات المتعلقة بتحميل البضائع إلى خارج الأراضي اللبنانية، ولا سيما لجهة إعطاء الأفضلية في التحميل إلى الشاحنات اللبنانية وشاحنات بلد المقصد واعتماد مبدأ المناصفة في التحميل بينهما.
إذ ينص القرار الرقم 110/ ن على أنه يجوز للشركة الصناعية أو التجارية أو شركات الشحن أن تنقل عمليات ترانزيت عبر الأراضي اللبنانية شرط استخدام 50% من شاحنات بلد المنشأ و50% من الشاحنات اللبنانية. أما في حال عدم توافر الشاحنات اللبنانية، فتحصل الشركات على تصريح من وزارة النقل للقيام بعملية الشحن على شاحنات بلد المنشأ (العراق). إلا أن الشاحنات المتوقفة عند الحدود اللبنانية ارتكبت مخالفات متعددة، إذ إن جنسية الشاحنات يجب أن تكون عراقية لا سورية لكي تنقل الشحنات إلى العراق مباشرة، فيما أنها لم تلتزم بقرار أن تكون نصف الشاحنات لبنانية، بحيث تم التحميل بشاحنات ليس من بينها أية شاحنة لبنانية!
وقد حاول وسطاء النقل أن يستحصلوا على تصاريح من وزارة النقل بعد تحميل الشاحنات، إلا أن الوزارة رفضت إعطاءهم التصاريح بسبب عدم التزامهم بالقوانين والقرارات والتعاميم الإدارية، وخصوصاً أنه كان يجب على الوسطاء أن يتقدموا بطلبات التصاريح قبل تحميل الشاحنات، لكي تتأكد الوزارة من عدم توافر الشاحنات اللبنانية للقيام بهذه العملية.
ويلفت الخير إلى أن «وسطاء النقل وأصحاب الشاحنات غير اللبنانية يرون أن لبنان غابة بلا قوانين، فهم لا يدفعون رسوماً ولا ضرائب للمرور في الأراضي اللبنانية خلافاً لمبدأ المعاملة بالمثل، فالشاحنة اللبنانية تدفع 400 دولار للسلطات السورية، للشحن ذهاباً وإياباً إلى العراق، فيما الشاحنات السورية وغيرها من الجنسيات العربية لا تدفع أي قرش». ويشدد على أن وزير النقل غازي العريضي يطبق القانون، ويحمي القطاع من المنافسة غير المشروعة، ويعمل على إلزام الدول العربية بمبدأ المعاملة بالمثل في النقل البري».
وفيما يقول سائقو الشاحنات التابعة لشركات نقل سورية، إن السبب المباشر لتوقفهم هو «طلب السلطات اللبنانية من شركات النقل السورية العاملة في هذا المجال إعطاء حصة (مناصفة) لشركات النقل اللبنانية في نقل هذه البضائع العراقية»، مشيرين إلى أن الشاحنات السورية دائماً تنقل تلك البضائع لكون لبنان لا يمتلك أسطولاً للنقل البري يفي بـ10% فقط ممّا ينقل من بضائع عبر أراضيه إلى العراق ودول الخليج، يؤكد الخير أن الأسطول اللبناني من الشاحنات يتألف من 3 آلاف شاحنة، وأن وسطاء النقل يحاولون الإبقاء على فوضى النقل لكونها تتناغم مع مصالحهم.
ولفت إلى أن أصحاب الشاحنات غير اللبنانية يحاولون إثارة ضجة للضغط على الدولة اللبنانية «بوقاحة»، كما اشتكا وسطاء النقل لدى المجلس الاعلى السوري اللبناني، وبعدما استوضح المجلس عن المشكلة من المسؤولين اللبنانيين، أشار إلى ضرورة تطبيق القرارات اللبنانية. أما الوزير العريضي فطلب من وسطاء النقل في اجتماع معهم أمس «التقيد بالقرارات والتعليمات الصادرة عن وزارة الأشغال العامة والنقل لتسهيل أعمال كل الشاحنات، احتراماً لصدقية الجميع ولمنع الفلتان على الأرض»، وفوّض إلى المدير العام «اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين من وسطاء النقل وسحب تراخيص مزاولة أعمال وسيط نقل الصادرة عن الوزارة في حال عدم التقيد وتصويب الوضع القائم إلى ما كان عليه بعد الضجة التي افتُعلت على المنافذ الحدودية البرية». ودعا إلى «اجتماع يعقد الأسبوع المقبل في الوزارة يضم سائر المعنيين من وسطاء نقل، أصحاب شاحنات وأصحاب مصانع لبحث كل الاقتراحات في هذا الشأن».