احتفلت تونس، أمس، بالذكرى الرابعة على ثورتها التي أدت إلى خلع الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، في وقت كانت قد أعادت فيه الانتخابات الأخيرة وجوهاً بارزة كانت تنتمي إلى النظام القديم.وإلى جانب الاحتفالات، المحدودة نسبياً، التي شهدتها تونس العاصمة ومناطق خارجها، استحوذ الرئيس التونسي الجديد، الباجي قائد السبسي، على مجمل المشهد. فقد اغتنم الذكرى ليطرح، في وقت رمزي، رؤيته لمسار الأمور، في الوقت الذي شكلت فيه، ربما، إثارة ذوي «شهداء الثورة» لقضيتهم داخل قصر قرطاج رسالة أولى لعهده تفيد بأن «الهدنة» مع النظام القديم لن تكون يسيرة.

وقال الرئيس التونسي، أمس، إن «دور الرئيس هو أن يكون رمزاً للوحدة، ساهراً على احترام الدستور وأن يكون أحد حراس قيم الثورة، وأنه لإنجاح هذا الدور لا بُدّ من الاهتمام بحماة الديار من جيش وأمن... وتركيز على السياسة الخارجية للبلاد».
وأضاف السبسي، خلال كلمة ألقاها أمس في الذكرى الرابعة لـ«الثورة التونسية» في قصر قرطاج، أنّ «من الضروري دعم قوات الأمن والجيش في حربهم ضد الإرهاب من خلال القوانين وتوفير التجهيزات اللازمة والإجراءات المادية والاجتماعيّة بحجم المخاطر التي يتعرضون لها هم وعائلاتهم».
ومضى قائلاً إن «الحرب على الإرهاب تعني أنه لا يمكن التسامح مع كل من يبرر أو يشجع أو ينظّر لهذا الفعل»، مشيراً إلى أن «النجاح في هذه المعركة ضدَّ الإرهاب لا يمكن أن يحدث إلا بتحقيق شروط وحدة مكونات الأمة».
وأضاف في سياق متّصل أن «الثورة بمعناها المدني هي عمل متواصل وبمعناها التشريعي فهي ليست حكراً على فكر واحد وحزب واحد وشخصية واحدة، بل هي صورة وطن وطموح أمة وبرنامج جمهورية ثانية لا خوف عليها سوى ممن يريد ابتزاز التونسيين».
وأردف: «إنّ أبرز هدف اليوم هو القضاء على الخوف وبناء الأمن الوطني. أما سياسياً، فإن اعتماد دستور وتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية أدّيا إلى تقدم ملموس في المسيرة الوطنية، ولا بد من مواصلة العمل في هذا الاتجاه لتحقيق الديمومة».
وأكد السبسي أنه «مع مسار العدالة الانتقالية لعدم تكرار أخطاء الماضي، والمحاسبة لتحقيق المصالحة الوطنية».
وتعهد في الخطاب نفسه بـ«رفع وصمة العار حتى نفهم ما وقع بخصوص اغتيال المعارضين البارزين شكري بلعيد ومحمد البراهمي».
ولمناسبة «الذكرى الرابعة للثورة»، قام الرئيس التونسي بتكريم شخصيات تونسية تقديراً «لدورها الوطني»، على غرار الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، ورئيس الاتحاد الوطني للصناعة والتجارة والصناعات التّقليدية، وداد بوشماوي، ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عبد الستار موسى، وعميد المحامين التونسيين، محمد فاضل محفوظ.
في الوقت ذاته، تعهد الرئيس التونسي بـ«تكريم كل شهداء الثورة»، رداً على احتجاجات عدد من «أهالي شهداء الثورة» بسبب «تجاهل» ذويهم.
وكان حفل التكريم قد شهد، عقب كلمة السبسي، مظاهر احتجاج من قبل عشرات من «أهالي شهداء الثورة» الذين دعتهم رئاسة الجمهورية إلى قصر قرطاج. وقالت والدة أحد الضحايا، نجاة عبد الحفيظ: «إنّ ما حصل اليوم هو مهزلة بأتم معنى الكلمة، كنا نعتقد أنهم دعونا اليوم لتكريمنا، ففوجئنا بتجاهل كبير لعائلات شهداء الثّورة وجرحاها». من جهتها، رأت زوجة ضحية أخرى أنه «يجري اليوم تكريم شخصيات بعينها لم تقدم الكثير للبلاد، فيما يجري تجاهل عائلات الشهداء». وأمام الصحافيين، علّق الرئيس التونسي على احتجاج الأهالي، متعهداً بأنه «سيتم تكريم كل الشهداء».
(الأخبار، الأناضول)