واصل بنيامين نتنياهو سياسة توظيف الحادث الأمني الذي تعرضت له فرنسا، لدفع العالم الغربي إلى تبني رؤيته واستراتيجيته التي تخوضها الدولة العبرية على مستوى المنطقة. وبعد البيان الذي أصدره مكتبه، كرّر نتنياهو مفرداته، التي يحرص على تردادها، لجهة "الإرهاب" و"الإسلام الراديكالي" ووحدة المصير بين إسرائيل والعالم الغربي. وحرص خلال لقائه السفير الفرنسي في تل أبيب، باتريك ميزوناف، على تحويل مناسبة تقديم العزاء للشعب الفرنسي إلى فرصة للتثمير السياسي، بما يخدم رؤيته وبرنامجه في مواجهة قوى المقاومة في لبنان وفلسطين.
ورأى نتنياهو أنّ "من يمارسون الإرهاب في سوريا ونيجيريا وفرنسا والعراق، هم جزء من الذين يطلقون الصواريخ ضد إسرائيل انطلاقاً من غزة، ويطمحون لبناء سلاح نووي في إيران". ورأى أن تعدّد أسماء التنظيمات الإرهابية لا يعني أن هناك فروقاً بينها، وبين "حزب الله" و"حماس".
وبعد حشد مكثف للمفردات عن "الإرهاب" و"الإسلام المتطرف"، انتقل الى غاية هذا التأصيل، بالدعوة إلى الرّد على "الإرهاب العالمي، بردّ عالمي". ولفت نتنياهو إلى أنّ "هؤلاء أظهروا أنهم يطمحون إلى سحقنا ولكنهم لا يملكون القدرة على ذلك. وحالياً علينا أن نُظهر لهم أننا نملك الإرادة على هزمهم وسحقهم". والأمر نفسه كرّره نتنياهو خلال لقائه وزير الخارجية النروجي، بورغي بريندي، وصولاً إلى القول: "نفس القوى التي تهاجم أوروبا تهاجم أيضاً إسرائيل. إسرائيل تقف مع أوروبا. وعلى أوروبا أن تقف مع إسرائيل".
من جهة أخرى، قلَّل رئيس أركان جيش العدو، بني غانتس، من مفاعيل توجّه السلطة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمقاضاة إسرائيل لارتكابها جرائم حرب، واصفاً هذه الخطوة بأنه "لا لزوم لها، ويمكن الاستغناء عنها"، مشيراً، في هذا السياق، إلى أن إسرائيل قادرة بنفسها على إجراء تحقيقات لتقصّي وقائع أحداث في الأراضي الفلسطينية.
إلى ذلك، وجّه نائب رئيس أركان الجيش السابق، اللواء احتياط يائير نافيه، انتقادات قاسية للمستوى السياسي خلال الحرب الأخيرة ضد قطاع غزة. وأضاف في مقابلة مع صحيفة "مكور ريشون" اليمينية، أنه "في اللحظة التي لا تهدّد وجود المنظمة الإرهابية فأنت تمنحها مساحة من الحصانة".
وأوضح نافيه، الذي استقال من الجيش بعدما لم يجرِ اختياره رئيساً لأركان الجيش، أنه "عندما قرّرنا تنفيذ عملية ردع، اعتقدنا أننا في كلّ مرّة إذا ما ارتقينا درجةً فسندفع "حماس" لوقف القتال، لكن من الواضح أنه لن يكون هناك جدوى من ذلك". ورأى أن "إسرائيل لم تعرف ماذا أرادت "حماس" خلال العدوان كله، وعلى الرغم من معرفتها بمكان وجود كل عناصر "حماس" فهي لم تدرك الخطوط الحمراء التي وضعتها الحركة لنفسها، ولا مدى الضربة التي يمكن للحركة أن تتلقاها وتمتصّها، وما إذا كانت الضربة ستردع حماس أم لا"، مشيراً إلى أنّ "إدارة العدوان، كانت مخالفة كلياً للخطة التي وضعت قبل شنّ العدوان"، لافتاً إلى أنّ "قضية الأنفاق وما سبّبته من تحديات لإسرائيل تكمن في الأساس في تعامل القادة العسكريين معها، ولا تمتّ بصلة لمسألة النقص في المعلومات". أيضاً انتقد نافيه تسريب المعلومات من جلسات المجلس الوزاري المصغّر، مشيراً إلى أنه في اللحظة التي تسرّب فيها أن إسرائيل لا تريد القضاء على "حماس"، بل الاكتفاء بردعها، ازدادت ثقة حماس وتعزّزت قوتها المعنوية، ممّا أدّى في نهاية المطاف إلى إطالة مدّة العدوان.
يشار إلى أنّ نافيه ينتمي إلى التيّار الديني الصهيوني، وبالتالي فإنّ مواقفه وانتقاداته تأتي امتداداً لانتقادات حزب "البيت اليهودي" الذي يمثل هذا التيار.
أيضاً، شملت انتقادات نافيه شعبة الاستخبارات العسكرية، وقال: "إنّ المؤسسة الأمنية لم تفهم على نحو صحيح الصورة الاستخبارية". وكشف أنه "تقريباً في كلّ نقاش مسائي، كانت الاستخبارات تقول ربّما سيكون غداً وقف للنار". مضيفاً إنه نشأ وضع يمكن وصفه بأنّه "لم يكن لدى رئيس الأركان الأدوات للقول إنّه يفهم أن "حماس" تتجه حتى النهاية، وأنها مستعدة للتضحية بكلّ شيء بغية الوصول إلى القاهرة"، ورأى أيضاً أنّه في حال كهذه، "كان ينبغي القيام بعملية حسم لا عملية ردع".
وشدّد نافيه على أنّ استمرار الحرب خمسين يوماً "كان خلافاًَ لكل الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، التي تقوم على أساس الحرب الخاطفة والقصيرة".