بغداد | في غمرة الاحتجاجات التي يواجهها رئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته ضد قانون سلّم الرواتب الجديد، تسعى مجموعة من النواب إلى جمع تواقيع كافية لإقالة العبادي من منصبه، وسحب التفويض الذي مُنح له للمضي في الإصلاحات، فيما علمت «الأخبار» أن قيادات بارزة في شورى حزب «الدعوة» تؤيّد ذلك التوجه.
وكانت وسائل إعلام عراقية تناقلت، مساء أول من أمس، بياناً أفادت بأنه صادر عن ائتلاف «دولة القانون» يؤكد فيه سحب 70 عضواً ونائباً في الائتلاف تفويضهم الذي منحوه للعبادي، عازين ذلك إلى «إخفاقاته» وعدم مشاورة الكتل السياسية. إلا ان الائتلاف نفى رسمياً، صباح أمس، صحة البيان، وقال إنه «مزوّر» و«مفبرك»، فيما كشف مصدر مطلع أن الائتلاف سرّب البيان، في محاولة منه لـ«جسّ النبض» وإيصال رسالة إلى العبادي.
وأكد مصدر برلماني في ائتلاف «دولة القانون» أن نواباً تمكنوا، حتى الآن، من جمع نحو 60 توقيعاً لسحب الثقة والتفويض اللذين منحوهما للعبادي، موضحاً لـ«الأخبار» أن تلك التحركات غير معلنة للإعلام و«تجري بتنسيق عالٍ».
في موازة ذلك، كشف مصدر مطلع عن اجتماع ضم عدداً من القيادات البارزة في شورى حزب «الدعوة الإسلامية»، من بينهم صادق الركابي وعبد الحليم الزهيري، فضلاً عن نوري المالكي، تمخّض عنه الاتفاق، مبدئياً، على تغيير العبادي. وأضاف المصدر أن الاجتماع قرر، أيضاً، ترشيح كلّ من مدير مكتب المالكي، طارق نجم، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب «الدعوة» خلف عبد الصمد بديلاً منه.
وأوضح المصدر أنه «تمّت بالفعل مفاتحة أطراف في التحالف الوطني، من بينها التيار الصدري الذي أبدى موافقة غير رسمية على الأمر، طالباً منحه بعض الوقت لدراسة حيثيات ذلك». المصدر لفت الانتباه إلى أن أطرافاً في «الدعوة» طالبت بمنح العبادي فرصة جديدة للتغلب على الصعوبات التي يواجهها، الأمر الذي جوبه برفض قيادات أخرى لذلك، ما أدى إلى وقوع ما يشبه الانقسام.
وبحسب المصدر، فإن المرجعية الدينية في النجف على علم بتلك التحركات وتراقب التطورات، من دون التدخل بشكل مباشر على الأقل، مستدركاً بالقول إن «المرجعية هي الأخرى غير راضية عن تحركات وسياسات العبادي الأخيرة».
في مقابل ذلك، رأى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أن حزب «الدعوة» يفكر ببراغماتية، لذلك «لا يريد أن يحسب فشل العبادي على الحزب»، مشيراً إلى أن «قيادات الدعوة يشعرون بأن العبادي يفشل، لذلك يندفعون في هذا الاتجاه. الدعوة أولاً، ومن بعده دولة القانون، يريد الإفلات من إخفاقات العبادي».
وكشف الشمري لـ«الأخبار» أن الولايات المتحدة وضعت شروطاً بشأن مضيّ حزب «الدعوة» في تغيير العبادي، مضيفاً أنه «من ضمن شروط واشنطن أن لا يكون البديل هو المالكي، أو أحد المحسوبين على جناحه»، كذلك اشترطت أن «يكون المرشح شخصية مستقلة من دولة القانون».
وأوضح الخبير القانوني محمد شريف آلية سحب الثقة من رئيس الوزراء، موضحاً أن الدستور العراقي الحالي ينص على ثلاث آليات لسحب الثقة عن رئيس الوزراء.
وفي هذا الإطار، أوضح شريف أن «الآلية الاولى هي عبر تقديم رئيس الجمهورية طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة»، والآلية الثانية هي أن «يتقدم خُمس (1/5) أعضاء مجلس النواب بطلب لسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز أن يقدم هذا الطلب إلا بعد استجوابٍ موجّه إلى رئيس مجلس الوزراء، ويصوّت عليه بعد سبعة أيام على الأقل من الاستجواب».

زيباري: الإنفاق الدفاعي سيستحوذ على نحو 20 في المئة من موازنة 2016

وأضاف شريفي أن الآلية الثالثة تنص على أن «يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالغالبية المطلقة لعدد أعضائه»، موضحاً أن «الوزارة تعدّ مستقيلةً في حال سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء».
في غضون ذلك، صرّح وزير المالية العراقي هوشيار زيباري بأن الضغوط المالية تدفع العراق إلى تعليق صفقات أسلحة كبرى، لكن الدولة سوف تجنّد عشرة آلاف فرد إضافي من القوات شبه العسكرية، يعتبر وجودهم ضرورياً لقتال «داعش»، مشيراً إلى أن الإنفاق الدفاعي سيستحوذ على نحو 20 في المئة من موازنة 2016.
وقال زيباري، في مقابلة ضمن قمة «رويترز» للاستثمار في الشرق الأوسط، «حوّلت الحكومة تركيزها إلى تحسين جودة الأسلحة الضرورية لهذا النوع من الحروب». وأضاف أن حوالى 20 في المئة من ميزانية عام 2016 ستنفق على البنود الدفاعية، بما في ذلك قوات «الحشد الشعبي». غير أن الإنفاق على القوات شبه العسكرية سيقل عن المليار دولار المخصص لهذا العام، في إطار تخفيضات أوسع نطاقاً في الميزانية.
ميدانياً، شهد قضاء سامراء تطورات أمنية لافتة، أمس، تمثلت في تنفيذ «داعش» هجمات استهدفت القوات الأمنية و«الحشد الشعبي». مصدر أمني أكد لـ«الأخبار» إحباط القوات المشتركة محاولات لـ«داعش» السيطرة على منشآت حيوية وثكنات للجيش.
وقال قائمقام قضاء سامراء محمود خلف إن «الوضع طبيعي في سامراء والدوائر الحكومية لم تعطل دوامها، ولا يوجد حظر للتجوال داخل المركز»، مشيراً إلى أن «الهجوم على منطقة الحويش (غرب سامراء)، الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام، هو عبارة عن تسلّل مسلحين معدودين تابعين لداعش إلى المنطقة، ليلاً، وسيطرتهم على منزلين واشتباكهم مع القوات الأمنية».
في سياق متصل، رأى النائب عن ائتلاف «دولة القانون»، علي فيصل الفياض، أن قضاء الشرقاط شمال محافظة صلاح الدين، أصبح بحكم المحرر وفقاً للحسابات العسكرية، موضحاً أن ملف محافظة صلاح الدين سيغلق، خلال الأيام المقبلة.
وقال الفياض، في بيان، إن «الإرهاب سيتلقى ضربة قاصمة في محافظة صلاح الدين»، مشيراً إلى أن «الخطوط الأمامية لعصابات داعش الإرهابية انهارت في قضاء الشرقاط».