بعد العاصفة التي أثارتها نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، تسيبي حوطوبلي، بإعلانها أنها تحلم برؤية علم إسرائيل مرفوعا في ساحات المسجد الأقصى، اضطر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، إلى احتواء الموقف والاتصال بها، مشددا على ضرورة عدم إجراء أي مقابلة أو تصريح علني، من دون تنسيق معه.
نتنياهو أملى على حوطوبلي ضرورة تعديل الموقف الذي أعلنته، وعلى هذه الخلفية نشر مكتبه بيانا أوضح فيه أن «سياسة حكومة إسرائيل بخصوص الحرم القدسي تتجسد من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في بيانه مساء السبت وليس فيها أي تغيير»، كما أعرب عن أمله في «أن يعمل جميع أعضاء الحكومة وفق هذه السياسة»، علما بأنه كان قد شرح أن «الحرم القدسي سيبقى مكان صلاة للمسلمين فقط، وسيأتي إليه أبناء الأديان الأخرى كزائرين». وبعد التصويب الذي بادر إليه مكتب نتنياهو، صرحت حوطوبلي بأن «الأمل» الذي عبرت عنه هو موقفها الشخصي فقط، وأن مكتبها يلتزم سياسات الحكومة. وأضافت: «تصريحاتي الخاصة ليست سياسات الحكومة، وأنا بالتأكيد ملتزمة سياساتها، كما عبّر عنها رئيس الحكومة، مساء السبت، حينما صرّح بأنّه لن يكون هناك أي تغيير في الوضع الراهن في جبل الهيكل (الأقصى)».
في هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن نتنياهو اتصل أمس بحوطوبلي، وطلب منها إلغاء اللقاء مع الإعلام الأجنبي الذي كان يفترض أن يجري يوم الخميس. وحدد لها الرسائل التي هو معني بتأكيدها في تصريحاتها، وأولاها «التزام إسرائيل المحافظة على الوضع الراهن في الحرم القدسي»، ثم طلب منها أن تجري تنسيقا مسبقا مع مكتبه قبل أي مقابلة أو ظهور علني من أجل «تنسيق الرسائل»، فيما أكدت حوطوبلي أنها لم تتعرض لأي توبيخ من نتنياهو، وأن الأجواء «كانت إيجابية».
لكن، وعلى صعيد متصل، نقلت الإذاعة الإسرائيلية تقديرات لمسؤول أمني إسرائيلي رفيع، يشير فيها إلى أن تصريحات وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، قد ساهمت في تطوّر «أحداث العنف». ونقلت الإذاعة عن الوزيرة قولها، عندما كانت تتولى منصب رئاسة لجنة في الكنيست، إنها ترغب في نقل رسالة إلى ملك الأردن وإلى العالم العربي، فحواها أن «لدينا هدفاً وهو أن يستطيع اليهود في دولة إسرائيل أن يزوروا جبل الهيكل ويصلوا فيه»، وأضافت: «من يدير جبل الهيكل هم الأردنيون، فهذا يؤسفني، وآمل مع الوقت أن نهتم نحن بإدارته». وهذا الكلام وفق التقديرات الأمنية تسبب في تصعيد آنذاك، يخشى أن يتكرر مع كلام حوطوبلي.
أما بشأن التفاهمات غير المكتوبة في ما يخص القدس، ويعمل عليها الجانبان الإسرائيلي والأردني برعاية أميركية، فقد كشفت مصادر أردنية أن صاحب الاقتراح بتركيب كاميرات في الأقصى هي عمان، تماما كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية قبل أيام، ولكنها أوضحت أن الهدف من ذلك هو وضع العالم في صورة ما يجري في القدس، باعتبار أنها ستبث إلى الأردن لا إسرائيل.
ويوم أمس، قال وزير الأوقاف الأردني، هايل الداوود، إن بلاده تتمسك بحقها في تركيب الكاميرات في الأقصى، باعتبار أن «الأردن صاحبة الولاية على المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، ولا يحق لإسرائيل بموجب الاتفاقات المبرمة أن تمنعنا من تركيب الكاميرات»، كما قال إن بلاده بدأت اتصالات مع الإدارة الأميركية للوقوف على «أسباب تراجع سلطات الاحتلال عن تعهداتها قبل يومين». مواقع أردنية نقلت عن الداوود قوله إن سلطات الإحتلال الإسرائيلية منعت الموظفين التابعين لهم من تركيب الكاميرات التي تسعى إلى «توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى والمصلين». وكشف كذلك عن أنه توجد كاميرات مثبته سابقا، «لكن الكاميرات التي ستثبت حديثاً ستبث عبر الإنترنت مباشرة، وستكون هذه الكاميرات تحت ولاية وزارة الأوقاف الأردنية وإشرافها».
في المقابل، نقلت وسائل أردنية ملامح خلاف فلسطيني ــ أردني سببه تصريح لوزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، قال فيه إن الفلسطينيين وقعوا في «الفخ» بعد الاتفاق على نشر كاميرات مراقبة في الأقصى. وكان المالكي قد قال إن الكاميرات «ستستخدم لاعتقال الفلسطينيين بحجج التحريض»، فيما ردت مصادر أردنية بالقول إنه «كان الأولى بالسلطة، لو كان لديها وجهة نظر، أن تتصل مباشرة بالحكومة الأردنية وتقول ما لديها»، بدلا من الحديث في الإعلام.
وعملياً، لا يتضح بعد موقف السلطة من هذه التفاهمات غير المكتوبة في ظل غيابها المعلن عن حضور الجلسات الأخيرة، ولكنها لم تبد حماسة كبيرة في ظل وجود شروط أخرى تريد رام الله تحقيقها من أي اتفاق قريب للتهدئة.
ميدانيا، أعلن مساء أمس استشهاد شابين فلسطينيين ادعى العدو أنهما حاولا تنفيذ عمليات طعن في بيت لحم، وسط إعلان إسرائيلي إحباط 1703 محاولات فلسطينية لعمليات منذ بداية العام الجاري، كما تواصلت المواجهات على عدة نقاط في مدن الضفة المحتلة، مع وقوع نحو 60 إصابة نصفها بالرصاص الحي.