القاهرة | قدمت جهات سيادية إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تقارير مهمة تفيد بتزايد الغضب الشعبي ضد نظامه، ولا سيما الحكومة الجديدة التي يرأسها شريف إسماعيل، بالإضافة إلى تزايد المظاهرات والوقفات الاحتجاجية لتصل إلى ذروتها منذ وصوله السلطة، فضلاً عن وجود احتقان لدى الفئة العاملة بسبب تزايد الأسعار برغم وجود «بعض الأمل» لديهم في قدرته على التغيير وتحقيق النهضة.
التقارير التي قدمت إلى السيسي، كما نقلت مصادر مطلعة، أكدت له أن حالة الغضب الشعبي مرتبطة بسوء الأوضاع وتراجع شعور المواطن بأي إنجازات تمسه مباشرة، خاصة في ما يتعلق بالأجور والحديث المتكرر عن الزيادات الجديدة في أسعار المواد البترولية بعدما زادت العام الماضي، بجانب الشكاوى من ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه خاصة في المناطق الشعبية. وطالبت تلك التقارير بضرورة إرجاء أي زيادات جديدة في الأسعار لعدة شهور وإعلان هذا التأجيل عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وفق التقارير نفسها، فإن الأجهزة السيادية طالبت الرئيس بألّا يتمسك بالحكومة بعد انتخاب البرلمان وترك تشكيلها للأحزاب وللقوى السياسية حتى تتحمل مسؤوليتها أمام المواطن، وحتى لا تصبّ الانتقادات بكاملها على الرئيس، مشيرة إلى أن المواطنين حالياً يحمّلون السيسي مسؤولية كل ما يتعرضون له من زيادة في الضغوط والأعباء المالية «مقابل تراجع تأثير اتهام جماعة الإخوان المسلمين في أي تحركات مناهضة للنظام».
التقارير حذرت السيسي أيضاً من مغبة التعامل الأمني مع المعارضين مع التوجيه بضرورة «التزام الداخلية الضوابط القانونية والدستورية في التعامل مع المتهمين، خاصة الشباب، بعدما رصد تحول شباب من مؤيدين للرئيس إلى معارضين له بشدة بعدما شاهدوا وقائع الاعتداء على زملائهم في ظل غياب أي نتائج في تحقيقات التجاوزات التي تعرضوا لها». وكذلك طالبت السيسي بإعادة حديثه للمواطنين ومخاطبتهم شخصياً عبر الكلمات التليفزيونية «التي لا تزال تحظى بصدقية كبيرة بينهم»، لافتة إلى أن قضية وزارة الزراعة والفساد التي كشف فيها وإجراءات الرئيس في هذا السياق «لاقت استحساناً شعبياً مؤقتاً»، الأمر الذي يتطلب «ضرورة العمل على كشف قضايا الفساد التي تعطي المواطنين شعوراً بأن هناك أملاً في المستقبل».

انسحابات في شمال
سيناء بسبب اغتيال أمين حزب «النور» هناك


في مقابل ذلك، طلب الرئيس المصري الحصول على ملخص أسبوعي لها مع «رصد اهتمامات المواطنين وحديثهم في الشارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي»، وذلك مع ضرورة تواصل قيادة عسكرية معه مباشرة في الأمور العاجلة التي لا تتطلب التأخير.
يأتي هذا التطور في الوقت الذي تجرى فيه جولة الإعادة للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية للمصريين المقيمين خارج البلاد. وتجري عمليات التصويت في مقرات 139 سفارة وقنصلية على مدى يومين متتاليين. أما الإعادة داخل مصر، فستُجرى غداً (الثلاثاء) على مدى يومين متتاليين أيضاً، وتشمل 14 محافظة. وتقتصر جولة الإعادة في هذه المرحلة من الانتخابات، على النظام الفردي للانتخابات، بعدما تمكنت قائمة «في حب مصر» من الفوز في قطاعي شمال ووسط وجنوب الصعيد، وكذلك غرب الدلتا.
وتدور المنافسة بين 444 مرشحاً، يتنافسون في ما بينهم على المقاعد الباقية في الانتخاب بالنظام الفردي، والبالغ عددها 222 داخل 103 دوائر انتخابية.
وقد جاءت نتيجة الجولة الأولى لتكشف زيف شعبية الأحزاب، خاصة بعدما حصد رجال «الحزب الوطني» المحلول صدارة مقاعد الإعادة، ما بين مستقلين أو منضمين إلى أحزاب أخرى، ولا سيما حزب «مستقبل وطن»، و«المصريين الأحرار».
وقد سبق أن أربعة مقاعد حسمت بإعلان فوز أربعة مرشحين من الجولة الأولى للمرحلة الأولى، لأنّ كلاً منهم تمكن من الحصول على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة (50% + 1)، فيما يكون النجاح في جولة الإعادة حليف من يحصل على الأغلبية النسبية، أي بحصوله على عدد أكبر من الأصوات الصحيحة عن منافسه. وحصد حزب «مستقبل وطن» على أكبر عدد من المرشحين الذين سيخوضون جولة الإعادة، يليه «المصريين الأحرار»، ثم «النور» السلفي، و«الوفد»، الذي يُعَدّ أقدم الأحزاب لكنه تذيل القائمة.
تفوّقُ المستقلين في الانتخابات دفع الأحزاب المدنية إلى التحالف معاً في جولة الإعادة لمواجهة «النور» والمستقلين. هذا ما يوضحه رئيس اللجنة الإعلامية لحزب «الوفد»، ياسر حسان، الذي قال إن الحزب قرر بالفعل التحالف مع «مستقبل وطن، والمصريين الأحرار، والمصري الديموقراطي الاجتماعي»، في جولة الإعادة على كل الدوائر.
في قضية أخرى، أعلن 18 عضواً في الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، في مقدمتهم أمير سمير، وهو أمين التنظيم في شمال القاهرة، وأسامة يني، وهو أمين المجالس المتخصصة، تقدمهم باستقالة جماعية من عضوية الحزب إلى رئيس الحزب محمد أبو الغار. وأرجع الأعضاء أسباب استقالتهم إلى غلبة «المصالح الخاصة، والفساد والانقسامات داخل الحزب».
وقال الأعضاء المستقيلون إنه في الآونة الأخيرة وأثناء انتخابات الحزب الأخيرة «ظهرت أعراض انكسار المبادئ وفساد المقاصد، من موائمات مخجلة وعضويات خاملة وتجاوزات مالية ورشى انتخابية واستعانة لكل الوسائل الملتوية لتحقيق انتصارات خاصة وتكوين مجموعات انتفاع».
في الوقت نفسه، أعلن «تحالف نداء مصر» الانسحاب من الانتخابات في المرحلة الثانية، كما أفادت عضو الائتلاف وفاء عكة، التي قالت إن هناك جهات تدعم مرشحين محددين وإنهم لجؤوا إلى القضاء لأنه «لا توجد نزاهة في العملية الانتخابية». وأكدت عكة أن مرشحي المرحلة الثانية تراجعوا عن خوض الانتخابات بعد ما حدث مع مرشحيهم في الجولة الأولى.
الجدير بالذكر أن «اللجنة العليا للانتخابات» أعلنت وقف إجراءات انتخابات الإعادة للنظام الفردي في أربع دوائر تنفيذاً للأحكام القضائية التي صدرت من محاكم القضاء الإداري، فيما لا تزال طعون أخرى منظورة أمام القضاء، علماً بأن اللجنة سيكون عليها إعادة الانتخابات في الدوائر التي أبطلت فيها النتيجة بحكم القضاء خلال 60 يوماً.
إلى ذلك، شهدت محافظة شمال سيناء مساء أول من أمس عملية اغتيال للأمين العام لحزب «النور»، مصطفى عبد الرحمن، وهو مرشح في الانتخابات الجارية. وبينما تواصل القوات المسلحة استكمال العمليات العسكرية في شمال سيناء، أعلن أربعة مرشحين هناك انسحابهم من الانتخابات البرلمانية بعد اغتيال عبد الرحمن، كذلك تسود حالة ترقب كبيرة في مدينة العريش، عاصمة المحافظة، بعد استهداف مدرعة خلال تنفيذها دورية صباحية، ما أدى إلى مقتل ضابط وجنديين.




الجبير زار القاهرة... و«الجنرال» في جولة خارجية جديدة

أجرى وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير (الصورة)، زيارة سريعة للقاهرة سلم خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، دعوة لزيارة المملكة الشهر المقبل من أجل حضور «القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا اللاتينية» التي تستضيفها الرياض. كذلك سلمه رسالة من الملك السعودي سلمان تتضمن «مبادرة إنشاء مجلس تنسيق مصري ــ سعودي للتعاون المشترك بين البلدين». لكن لم يعلن الموعد المقترح لزيارة سلمان للقاهرة التي كان قد أعلنها قبل عدة شهور، فيما ناقش الجبير مع السيسي الأوضاع في سوريا والتحركات الدولية الأخيرة.
وجاء لقاء الاثنين قبل ساعات من وصول السيسي إلى الإمارات في زيارة قصيرة يهدف فيها إلى مناقشة الأزمة السورية والأوضاع في اليمن مع دول الخليج. كذلك سيلتقي المسؤولين في الإمارات والبحرين خلال عودته من الهند، التي سيشارك خلالها في قمة.
أما الجبير، فعاد والتقى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وعقدا مؤتمراً أكدا فيه «تطابق وجهات النظر حول الحل السياسي» للأزمة السورية، لكن الجبير كرر أن «الحل يأتي انطلاقاً من تطبيق وثيقة جنيف 1 مع التمسك بتأسيس هيئة انتقالية تضع دستور جديد وتحضر لانتخابات لا يكون لبشار الأسد أي دور فيها». واتفق الوزيران على تفعيل آلية جديدة للمشاورات بين البلدين لتكون ربع سنوية وكلما اقتضت الحاجة، فيما جاءت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في آخر أجندة لقاء الوزيرين.