بغداد | لم يكمل الاتفاق الذي أبرم بين «الحشد الشعبي» والبشمركة 24 ساعة، حتى انهار وتجددت الاشتباكات والقصف بين الطرفين وعادت الأمور إلى النقطة الصفر، بينما واصل إقليم كردستان وفصائل في «الحشد» إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية والأسلحة الثقيلة إلى القضاء، الذي بات منكوباً من الناحية الإنسانية بعد انقطاع الماء والكهرباء.
يأتي ذلك في وقت كشف فيه مصدر سياسي تركماني أنّ «التركمان يدرسون تقديم مقترح للمجتمع الدولي باستدعاء قوات حفظ السلام من ذوي القبعات الزرقاء إلى القضاء. وأكد المصدر لـ«الأخبار» أن هذه القوة هي الوحيدة القادرة على إنهاء النزاع، المحتدم منذ 13 عاماً، بين الأكراد والتركمان وردع سلطات كردستان.
تمحورت القصة، هذه المرة، حول شخصية مثيرة للجدل تدعى كوران جوهر. يقود هذا الأخير مجموعات كردية في الطوز، حيث أشعل شرارة المواجهة بعدما قام بالهجوم على «قوات الشهيد الصدر» (أحد فصائل «الحشد الشعبي»)، فيما ادعى قيام تلك القوات برمي قنبلة على منزله، ما أدى إلى تفجر الأزمة من جديد.
ولم تتوفر، حتى الآن، حصيلة مؤكدة بشأن الخسائر البشرية في صفوف «الحشد» والبشمركة، إلا أن الأخيرة أعلنت مقتل ضابط كبير فيها، خلال الاشتباكات، فيما تحدثت مصادر من داخل المدينة عن هدم عدد كبير من المنازل، جراء القصف بالدبابات والمدفعيات للقوات الكردية، بينها بناية «ديوان الوقف».
وعلى الفور، سارعت قيادة «الحشد الشعبي» إلى احتواء الموقف بتدخل ودعم مباشر من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ورئيس الحكومة حيدر العبادي، وفق ما أبلغ مصدر في «الحشد» «الأخبار». ووصل الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، أحد أبرز قادة «الحشد»، إلى الطوز، ظهر أول من أمس، حيث ترأس اجتماعاً رفيع المستوى بين الحكومة المحلية لكركوك وقيادات «الحشد» والبشمركة. العامري أطلق من هناك تصريحات وتحذيرات شديدة اللهجة، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي مشترك أن «المعركة الداخلية بين مكونات الشعب العراقي لا تخدم إلا الأجنبي... وأن المعركة الأساسية، اليوم، مع تنظيم داعش الإرهابي»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن القبول بأي متطرّف من الجانبين، يعكّر صفو الأجواء في طوز خورماتو».
مصدر مطلع قال لـ«الأخبار» إن أهم بنود الاتفاق تضمّن خروج «الحشد» والبشمركة من مركز الطوز، وتسليم الملف الأمني إلى الشرطة، وتوزيع المهمات الأمنية على نقاط التفتيش الخارجية بين «الحشد» والبشمركة. كذلك، فقد نصّ الاتفاق على اعتبار الذين سقطوا في الاشتباكات الأخيرة «شهداء»، وتقديم الأشخاص المتورّطين والمتسببين بالأحداث الأخيرة إلى القضاء.
وفي معرض تعليقهم على ذلك الاتفاق، حدد المكوّن التركماني، صاحب الأغلبية في الطوز، أربعة شروط لحلّ أزمة المدينة، محذراً من أنه بخلاف ذلك سيكون لأبناء المكوّن «حديث آخر». النائب التركماني جاسم البياتي قال لـ«الأخبار» إن «شروطنا هي: رفض الهيمنة الكردية، وعدم انضمام الطوز إلى كردستان، والشراكة في الإدارة، وإشراف الحكومة المركزية على الأمن في الطوز».
وتجددت، عصر أمس، الاشتباكات والمواجهات بين «الحشد الشعبي» والبشمركة. وذكر مصدر محلي في القضاء، في حديث إلى «الأخبار»، أن الاشتباكات تجددت على خلفية سقوط قذيفة قرب مدرسة في حي ملا صفر وسط الطوز، موضحاً أن الاشتباكات متقطعة، وليست بشدة الاشتباكات التي وقعت خلال الساعات الماضية.
في غضون ذلك، فجّر انتحاري قنبلة في أحد أحياء شرق بغداد، ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً على الأقل، وإصابة 39 آخرين، في ثالث تفجير من نوعه في العاصمة العراقية، خلال أربعة أيام. وأعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عن الانفجار الذي وقع قرب دار سينما في حي بغداد الجديدة. وذكرت وكالة «أعماق» للأنباء الموالية لـ«داعش»، أن الانتحاري كان يرتدي سترة ناسفة واستهدف قوات الأمن العراقية.
سياسياً، من المقرّر أن يعقد مجلس النواب جلسة «موحّدة» و«شاملة»، اليوم، برئاسة سليم الجبوري. وبحسب بيان رسمي للمجلس، فإن جدول أعمال جلسة اليوم يتضمّن استضافة رئيس الحكومة حيدر العبادي بشأن التعديل الوزاري، ومناقشة إقالة رئاسة البرلمان. وتأتي الجلسة بالتزامن مع خروج الآلاف من أتباع «التيار الصدري» في تظاهرة حاشدة في ساحة التحرير، وسط بغداد، للضغط على البرلمان لإمرار التشكيلة الوزارية التي دعا إليها زعيم التيار مقتدى الصدر.