صنعاء | لم تستطع السعودية أن تواصل اختباءها خلف الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، فلم تمر أيام منذ أعلن هادي وحكومته المستقيلة الموافقة على الدخول في مفاوضات مباشرة مع «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» في جنيف نهاية الشهر الجاري، حتى كشفت الرياض أنها صاحبة القرار، حين «باركت» قبل أيام قبول الأطراف اليمنية بالعودة إلى المفاوضات، معتبرةً أن هذا شأن يمني يمني. ورغم ذلك، يتضح أن السعودية تعوق خطوة التوجه إلى المفاوضات، وتطالب بتأجيلها تحت شروط وصفت بالتعجيزية.
فمصادر دبلوماسية مطلعة أكدت لـ «الأخبار» أن «السعودية طلبت بنفسها تأجيل مؤتمر جنيف مشترطةً تنفيذ القرار 2216 من دون شروط قبل الدخول في أي مفاوضات»، على أن تبحث المفاوضات في «استسلام أنصار الله وتسليم سلاحهم وقطع علاقتهم بإيران»، وهو ما يعتبر تغيراً جوهرياً في موقف السعودية الذي بدا ليّناً قبل أيام.
وبعدما كان إعلان موعد «جنيف 2» وقبول الأطراف اليمنية به قد ترك تفاؤلاً حذراً في الشارع اليمني، ظهرت مؤشرات تدلّ على أن قوى العدوان ماضية نحو التصعيد العسكري وأنه ليس لديها جدية في إنهاء العدوان والحصار. وتؤكد التحركات العسكرية الأخيرة أن التحالف يعدّ لحملات عسكرية جديدة على أكثر من جبهة، كذلك هناك تعزيزات سودانية جديدة قادمة قوامها بحسب مصادر إعلامية 6000 جندي، إضافةً إلى أن هناك تحركات لفتح جبهة جديدة في محافظة الجوف شمال العاصمة، وهي المؤشرات التي تكشف عدم رغبة السعودية بالسماح للتفاوض في جنيف، فضلاً عن عدم جدّيتها في وقف العدوان وإنهاء الحصار.
وأكد مسؤول سياسي رفيع المستوى في حديث إلى «الاخبار»، أن المفاوضات التي دعا إليها المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ مطلع الأسبوع الماضي والتي حظيت بقبول كل الأطراف، لن تعقد آخر الشهر الجاري مثلما هو معلن. وأفاد المسؤول بأن السعودية طلبت التأجيل أسبوعين أو ثلاثة، وأن هناك حديثاً عن أن التأجيل سيستمر حتى منتصف الشهر المقبل.

وصفت اللجنة العامة
في «المؤتمر» ما قامت به شخصيات الحزب في الرياض
بـ «العمل الصبياني»

وفي حين من المتوقع أن يقدّم ولد الشيخ الموجود في نيويورك إحاطة لمجلس الأمن، اليوم، كشف المسؤول أن ولد الشيخ عند لقائه بولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد محمد بن نايف قبيل مغادرته الأخيرة للرياض، تلقى توجيهات منهما قالوا فيها بنبرة تحذيرية: «على المفاوضات أن تجري على أساس القرار 2216، وإلا فسيكون مصيرها الرفض. وها أنت تسمع هذا بأذنك». وبحسب المصدر، فإن ولد الشيخ تعهد بتلبية هذا الطلب اضافة إلى أنه قال في حضرة بن سلمان وبن نايف إن «وثيقة النقاط السبع ليست ورقتي ولا علاقة لي بها»، متنصّلاً من الوثيقة التي كانت تمثل أساساً لقبول «أنصار الله» و«المؤتمر» بتنفيذ القرار الدولي علاوةً على كونها حظيت بتبنٍّ معلن من قبل ولد الشيخ وجاءت وفقاً لمقترح قدمه بنفسه واعتُمدت بعد مشاورات لفترة طويلة برعاية أطراف دولية وإقليمية مطلعة على المراحل التي انتجتها. وأفاد المصدر بأنّ من غير المتوقع أن يعود ولد الشيخ إلى المنطقة خلال الأسبوع المقبل كما هو متوقع، بل قد يرسل طاقم مكتبه إلى مسقط وحسب.
وفي هذه الأثناء، علمت «الأخبار» بمحتوى الرسالة التي أرسلها هادي إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ردّاً على رسالته التي طلب منه فيها المشاركة في «جنيف 2». الرسالة التي لم تُنشر بعد، أكدت أن جنيف سيستند إلى القرار 2216 والمبادرة الخليجية ومؤتمر «الحوار الوطني»، مشيرةً إلى رسالة بان (التي استندت بدورها إلى رسالتي «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام»، وفيهما تشديد على أن تنفيذ القرار سيكون وفقاً للنقاط السبع)، وبعد استنادها إلى ما سبق تقول رسالة هادي: «نحن نؤكد هنا مرة أخرى استعداد الحكومة الذهاب إلى هذه المشاورات حتى نتمكن من العمل معاً لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216».
وتضيف الرسالة «سنبدأ بالخطوات الأولى من طريق إنشاء لجنة متخصصة، وفقاً لرغبة المبعوث الخاص، لتطوير وإعداد بعض المتطلبات لتسهيل المحادثات وإنجاحها». ويرى المسؤول أن الرسالة تشترط التشديد على أن تنفيذ قرار مجلس الأمن سيكون شرطاً ومرتكزاً لاستئناف المفاوضات في جنيف، وكشفت أيضاً عن توجه هادي نحو تشكيل اللجنة المتخصصة، مشيراً إلى أن تشكيل تلك اللجنة التي كشفت الرسالة أنها تاتي «وفقاً لرغبة المبعوث الدولي»، ستهدد الوضع برمته وتسبب تعقيد الأمور أكثر.
في غضون ذلك، كان هادي قد استبق «جنيف» بالاجتماع بقيادات في «المؤتمر الشعبي العام» المقيمة في الرياض بينها أعضاء في اللجنة العامة للحزب، وعقب لقائها بهادي أعلنت تلك القيادات إعفاء رئيس الحزب، رئيس الجمهورية السابق، علي عبد الله صالح، وتنصيب هادي رئيساً لـ «المؤتمر»، في محاولة منها للحيلولة دون تمثيل «المؤتمر» في لقاء جنيف المرتقب عبر خلق حالة من الانشقاق داخل الحزب، وهو ما دفع اللجنة العامة في الحزب في صنعاء إلى أن تصدر بياناً اعتبر أن تلك القيادات لا تمثل الحزب لكونها أيدت العدوان، معتبرةً ما أقدمت عليه تلك الشخصيات «عملاً صبيانياً».