الناصرة المحتلة | لم يكن تصريح رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، الذي ألقى فيه اللوم على مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني، بتحريض أدولف هتلر على فعل «المحرقة النازية» غريبا عن الأجواء الهستيرية في إسرائيل. فمع تصاعد رد الشارع الفلسطيني على الانتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى وارتقاء 49 شهيداً فلسطينياً حتى الآن، ارتفعت الأصوات من المجتمع اليهوديّ مطالبة بفرض عقاب اقتصادي على فلسطينيي الـ48، يشمل وقف البيع والشراء معهم وفصل العمال العرب من أماكن عمل يهودية، اذا عبّر العامل الفلسطيني عن تضامنه مع مآسي شعبه.
وخُصصت في مواقع التواصل الاجتماعي عددٌ من الصفحات الإسرائيلية التي تستهدف العمال العرب، وانتشرت أمس مطالبة لشاب يدعى يوسي كوهين، وهو مرشد للشبيبة اليهودية في القدس، طالب فيها اليهود بالاتصال بأحد المخابز (مخبز بيت يسرائيل) في القدس، لأنّ صاحبه أقدم على فصل 15 عاملاً فلسطينياً بسبب تضامنهم مع أحد شهداء القدس. كوهين طالب الإسرائيليين بالتوجه إلى المخبز ومساعدة صاحبه، حتى لا يتخوف هو أو غيره من عواقب فصل الفلسطينيين، وقد لاقى ذلك تجاوبا عنصريا كبيرا.
لم تكن هذه حالة الفصل التعسفيّ الوحيدة، لأنه الأمر نفسه الذي اتُّخذ بحق مدربة «الكيك بوكس»، سماح خطيب، من مدينة طمرة الجليلية. تقول الخطيب إنّها كانت المدربة العربية الوحيدة ضمن عشرات المدربين اليهود في اتحاد الـ«كيك بوكس»، مضيفة: «حتى أحداث غزة الأخيرة كانت الأمور على ما يرام، وصدقت للأسف مسألة التعايش الوهميّ، لكن بعد الحرب على غزة بدأت الأمور تتغير، وبدأ زملاؤك الذين يتغنون بديموقراطيتهم يظهرون الوجه الحقيقي لهم»، كما أشارت إلى ما كانوا يصرّحون به من حولها «عبر المطالبة بقصف غزة وقتل أناس أكثر». وتفحص خطيب إمكانية التوجه إلى القضاء، مستبعدة في الوقت نفسه أن ينصفها.

الفصل من العمل ومقاطعة الشراء والاعتداء على
المصالح التجارية

قصة الشاب أمجد أبو سبية، من قرية دبورية قضاء الناصرة، كانت مؤشرا آخر على الهيستريا الإسرائيلية، فقد تعرّض أبو سبية لاعتداء جسدي في العفولة (قرب الناصرة)، حيث يملك هناك مطعما صغيرا. يقول: «دخل إلى مطعمي عددٌ من اليهود وضربوني. صرت أعمل وعيني على الكاميرا المنصوبة على مدخل المطعم الذي اضطررت إلى إغلاقه ثلاثة أيام، لكنه مصدر رزقي الوحيد». ويشير أبو سبية إلى أنه رفض طلبا من بلدية العفولة لإنزال لافتة المحل المكتوبة باللغة العربية.
في هذا السياق، قرر عددٌ من البلديات اليهودية الكبيرة منع إدخال عمال عرب إلى المدارس والمؤسسات الحكومية في ساعات الدوام الرسمية، بذرائع الحفاظ على أمن وسلامة الطلاب. يعقب المحامي نضال عثمان، وهو مدير «الائتلاف لمناهضة العنصرية»، إن هذه «ليست المرة الأولى لمثل هذه الإجراءات التعسفية، فقد أقدمت بلدية عسقلان على إيقاف مقاولي بناء عن العمل خلال العدوان الأخير على غزة، واستطعنا آنذاك حينها إبطال هذا القرار». وأضاف: «من الواضح أن من يقف وراء هذه القرارات يعمد إلى استخدامها في الترويج الانتخابي على مستوى محلي أو برلماني من أجل اكتساب الشعبية لدى الفئات المتطرفة والعنصرية، على غرار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي صعدت إلى سدة الحكم بإراقة الدماء العربية والفلسطينية».
ويقول مركز «عدالة ــ المركز القانوني للأقلية الفلسطينية»، إنّ هذه «القرارات تتغذى وتكتسب الشرعية من المستوى السياسيّ»، مشيرا إلى أن أول من حرض وطالب بالمقاطعة الاقتصادية «كان وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان»، إبان العدوان الأخير على غزة.
أما رئيس «اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية في الـ48»، ورئيس لجنة المتابعة للجماهير العربية بالإنابة»، مازن غنايم، فقال إن القرارات العنصرية «لن تؤثر فينا، فنحن مجتمع مستهلك والمتأثر الحقيقي من أي قرار للمقاطعة هو اليهودي لا العربي». وأضاف غنايم: «لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يتعرض له أبناء مجتمعنا من قتل واعتداءات، وإزاء ما تتعرض له مقدساتنا، المسلمة والمسيحية، من انتهاكات وتدنيس. حتى لو كان الثمن مقاطعة اقتصادية»، لكنه أكد أنهم سيحددون قريبا رئيسا لـ«اللجنة المتابعة» من أجل عقد اجتماع موسع واتخاذ قرارات لمواجهة الانتهاكات كافة.