القاهرة | تحركات مصرية ــ روسية مكثفة خلال الأيام الماضية بشأن الغارات الجوية التي ينفذها الروس في الأراضي السورية، في ظل إعلان القاهرة رسمياً دعم موسكو في هذه الغارات. ويبدو، فعلياً، أن القاهرة ستلعب دور الوسيط بين موسكو والغرب من جهة، ومع السعودية من جهة أخرى، في ظل التوافق غير المعلن بين الروس والمصريين على فكرة استهداف مراكز المعارضة المسلحة، دعماً للرئيس بشار الأسد، باعتباره «الضمانة الوحيدة للحفاظ على سوريا موحدة وغير مقسَّمة»، وهو الأساس الذي ترى فيه مصر السبب الوحيد لدعم الأسد، برغم وجود «تحفظات» من طريقة إدارته الأزمة من البداية.
وخلال اليومين الماضيين، أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي، فلاديمر بوتين، لمناقشة المستجدات. وجرى الاتفاق، كما تورد مصادر رئاسية، على دخول القاهرة كداعم دولي للتحركات الروسية في سوريا، وإقناع حلفائها في المنطقة بوجهة النظر الروسية، خاصة الرياض. وكذلك إيصال وجهة النظر إلى فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي المعارضة للتحركات الروسية.
في الوقت نفسه، يتواصل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، بشأن نتائج الغارات ومواصلة الحوار السياسي مع المعارضة السورية،، فيما أُطلعت القاهرة على النتائج التي حققتها الغارات في الأيام الماضية عبر التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية. وجاء تواصل شكري مع نظيره الروسي بعد يوم واحد من اللقاء الذي جمعه مع رئيس «لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الفرنسي»، اليزابيت جيغو، التي تزور القاهرة تمهيداً لزيارة رئيس الحكومة الفرنسية، مانويل فالس، التي تبدأ صباح اليوم، ويلتقي خلالها السيسي. وفي هذه الزيارة، من المقرر توقيع عقد شراء القاهرة حاملتي الطائرات «دي ميسترال»، وهي الزيارة التي تأتي لفالس بمستهل جولة عربية تشمل أيضاً السعودية والأردن. أيضاً، ناقش شكري مع جيغو التنسيق مع روسيا بشأن الغارات ومحاولة التوصل إلى تفاوض وتنسيق سياسي وعسكري للتحركات في سوريا، بعد التأكد من ضرورة أن يكون الأسد جزءاً من حل الأزمة، وهي وجهة النظر التي قالت المسؤولة الفرنسية إنها قيد الدرس، معبّرة عن أملها في اجتماع بين روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول العربية المعنية بالقضية. في سياق متصل، ينقل مصدر مصري مطلع أن تحركات التنسيق مع موسكو جرى شرحها بطريقة واضحة ومحددة للسعودية، عبر اتصالات جرت على مستوى المخابرات والخارجية خلال اليومين الماضيين، مشيراً إلى أن القاهرة متمسكة بشدة بوحدة الأراضي السورية مهما استلزم الأمر من تضحيات. وأضاف: «الدور المصري سيظل داعماً لدمشق ولموسكو من منطلق وطني عروبي، بالإضافة إلى المخاطر السياسية التي قد تهدد الأمن القومي المصري في حال سقوط النظام السوري وتحول دمشق إلى دويلات تسيطر عليها الفوضى، كذلك ترفض مصر تكرار السيناريو الليبي في سوريا».
ومن المقرر قريباً أن يزور وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير القاهرة في الأيام المقبلة، للقاء السيسي وشكري، بالإضافة إلى التنسيق لزيارة الملك سلمان المتوقعة الشهر الجاري، فيما سيكون الملف السوري على قمة المناقشات، خاصة بعدما طلبت القاهرة وقف أي تمويل للمعارضة المسلحة.
يشار إلى أن مطالبة لافتة للكاتب، محمد حسنين هيكل، المقرب من الرئاسة، بضرورة زيارة السيسي لدمشق «تعزيزاً للتحركات المصرية في حل الأزمة السورية»، علماً بأن القاهرة تنتظر «الوقت المناسب» لإعلان عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وسوريا وإعادة تسمية سفير مصري لدى دمشق، كما تفيد مصادر دبلوماسية. في شأن داخلي، نفذ السيسي، أول من أمس، زيارة لمقر «المخابرات العامة» هي الأولى منذ توليه منصبه. ونقل أنه اطلع على تقدير موقف من الجهاز للأوضاع في مصر والمنطقة العربية، وطلب زيادة التقارير التي تعرض عليه دورياً لتشمل جميع الملفات داخلياً وخارجياً واستطلاعات الرأي الخاصة بشعبيته دورياً، بالإضافة إلى الأوقات التي يمكن فيها تطبيق قرارات اقتصادية مرتبطة بزيادة الأسعار وتطبيق ضرائب إضافية.