الأهالي يلجأون إلى المولّدات... والشتاء يعقّد الأزمةغزة ــ قيس صفدي
تحاول سعاد عوّاد التأقلم مع أزمة انقطاع التيار الكهربائي الحادة عن غزة. لكنها فشلت بسبب الساعات الطويلة التي ينقطع فيها التيار عن أجزاء واسعة من المدينة، من دون جدول محدد ومعلوم مسبقاً.
قالت سعاد، التي تعيل أسرة من ثمانية أفراد، إنها «تستيقظ مبكراً لتتابع أعمالها المنزلية، غير أن عدم انتظام الكهرباء أو انقطاعها لفترات طويلة ومتكررة يصيبها بالإحباط واليأس». وأضافت أنه «خلال الأيام الأربعة الماضية، لا يمكن أي مواطن في مدينة غزة أن يعرف متى وكم من الوقت ستنقطع فيه الكهرباء».
وتعاني مدينة غزة، وخصوصاً المنطقة الغربية التي تضم غالبية المؤسسات الصحية والرسمية والأهلية، من أزمة خانقة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة ومتكررة منذ أسبوع، بسبب عدم توافر الوقود الصناعي اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع.
تابعت سعاد شكواها، لتقول إن «ازدياد استخدام السكان للكهرباء في فصل الشتاء، وتشغيل وسائل التدفئة مع تدنّي درجات الحرارة على نحو ملحوظ، أدّيا إلى مضاعفة أزمة الكهرباء».
ومنذ قصف قوات الاحتلال محطة التوليد الكهربائية عقب أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 حزيران 2006، اعتاد سكان غزة على انقطاع التيار الكهربائي عنهم لثلاثة أو أربعة أيام أسبوعياً، بمعدل قد يصل إلى ثماني أو عشر ساعات في اليوم، لكن الأزمة الحالية تبدو أشد وأخطر. واضطرت محطة التوليد إلى وقف أحد المولدات يوم السبت الماضي بسبب أزمة الوقود، ما أدى إلى انخفاض إنتاج المحطة إلى 30 ميغاواط.
كلّ ما يصل غزة من كهرباء لا يغطي حاجة السكان
ويقدر مختصون حاجة غزة من الكهرباء بأكثر من 240 ميغاواط، في وقت تنتج فيه محطة التوليد نحو 67 ميغاواط، فيما تغطي الخطوط الإسرائيلية ما لا يزيد على 120 ميغاواط، وتغطي الكهرباء المصرية جزءاً محدوداً من جنوب القطاع.
وقال مسؤول في شركة توزيع الكهرباء إن «كل ما يصل غزة من كهرباء لا يغطي حاجة السكان، وهو ما يضطر إلى التعامل بنظام جدول فصل التيار عن المناطق بالتناوب».
ولم يكن أمام الفلسطينيين من خيار إلا اللجوء إلى المولدات، التي تحوّل انتشارها إلى ظاهرة أمام المحال التجارية وفي منازل الغزّيّين. وقال علي الشعراوي إنه «اضطر إلى شراء مولد كهربائي بحجم 3 كيلو للتغلب على أزمة الكهرباء الحالية، التي تنقطع عن المنطقة التي يقطن فيها في مدينة غزة بمعدل 12 ساعة يومياً». وأضاف إنه «يمتلك مولداً قديماً بحجم كيلو واحد، لكنه لا يكفي لتشغيل الثلاجة، فاضطر إلى شراء مولد أكبر خشية تلف المواد الغذائية».
ولفت الشعراوي إلى «استغلال التجار لأزمة الكهرباء عبر رفع أسعار المولدات مع ازدياد الطلب عليها»، موضحاً أن «سعر المولد الذي ابتاعه ارتفع من 1300 شيكل (الدولار يساوي 3.9 شيكلات) إلى 1700 شيكل».
ويقول عاملون في محطات الوقود إن أزمة الكهرباء «دفعت السكان إلى التهافت على تخزين الوقود الخاص بتشغيل المولدات».
وكان ثلاثة أشقّاء قد توفّوا وأصيب اثنان آخران الأسبوع الماضي جراء استنشاقهم الدخان المنبعث من مولد كهربائي، اضطرّ والدهم إلى تشغيله داخل الغرفة التي يقيمون فيها في منزلهم في مدينة دير البلح وسط القطاع.
استغلّ التجار الأزمة لرفع أسعار المولدات
وغزت المولدات الكهربائية بأحجامها وأسعارها المختلفة أسواق قطاع غزة المحاصر منذ أربعة أعوام عبر أنفاق التهريب المنتشرة أسفل الحدود الفلسطينية المصرية في مدينة رفح جنوب القطاع. وشرح أحد المهربين أن «الطلب انخفض على المولدات الصغيرة بحجم كيلو واحد لمصلحة المولدات الكبيرة القادرة على تشغيل الثلاجات والغسالات، مع اشتداد أزمة انقطاع التيار الكهربائي». وأكد أن الطلب على هذه المولدات «لا يقتصر على شريحة محددة من السكان، وباتت محل اهتمام وسعي الجميع للحصول عليها، وخصوصاً أن الوقود اللازم لتشغيلها متوافر وبأسعار قليلة»، قاصداً الوقود المصري المهرّب أيضاً عبر الأنفاق.
من جهته، يقول موسى مازحاً إن جاره في البرج السكني الذي يقطن فيه «اعترض على الضجيج الذي يصدره المولد الكهربائي، لكنه اضطرّ إلى شراء مولد ووضعه في المكان ذاته، في الطبقة نفسها، مع اشتداد الأزمة». وأضاف «اعتدنا على ضجيج المولدات كأنها معزوفة موسيقية. الضجيج أفضل بكثير من الظلام».
أما مدير محطة توليد الكهرباء في غزة، رفيق مليحة، فأوضح أن «توقف الاتحاد الأوروبي عن تمويل تكلفة شراء الوقود المخصص للمحطة هو سبب أزمة الكهرباء الحالية»، مضيفاً أن «الاتحاد توقف منذ شهر تشرين الثاني الماضي عن تمويل تكلفة شراء الوقود للمحطة والمقدرة بنحو 13 مليون دولار أميركي شهرياً، ضمن معونته للسلطة الفلسطينية».
وحذّر مليحة من أنه «إذا لم تتحرك السلطة الفلسطينية سريعاً، فإن قطاع غزة يتجه نحو كارثة بيئية خطيرة وستتوقف الخدمات الأساسية»، موضحاً أن «الوقود الموجود لا يكفي سوى ليوم السبت المقبل، عندها ستتوقف المحطة كلياً عن العمل».
وكانت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة قد قالت إن نسبة العجز في الطاقة الكهربائية ستزداد بسبب أزمة الوقود إلى 50 في المئة في مناطق غرب مدينة غزة.


أعلن رئيس مجلس الأعمال الروسي ـــــ الفلسطيني، ألكسندر نيتشيبوروك، أن «شركة تيكنو بروم اكسبورت وبنك في تي بي الروسيين أبديا استعدادهما لتنفيذ مشروع بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في فلسطين». ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن نيتشيبوروك، الذي شارك في لقاء جمع رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية يفغيني بريماكوف، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في موسكو، قوله إن «الشركة والبنك مستعدان لبناء محطة لتوليد الكهرباء في فلسطين».
(يو بي آي)