خاص بالموقع - قالت أفراح علي سعيد إنها كثيراً ما تتذكر أياماً كانت تستطيع فيها الخروج مع أسرتها مرتدية قميصاً وسروالاً، للاستمتاع بنسيم المساء العليل على شواطئ عدن.كان ذلك قبل 20 عاماً. كانت تعيش فيما كانت تعرف بجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية الاشتراكية. وتلاشى كثير من الحقوق التي منحتها للمرأة تلك الدولة الجنوبية منذ أن دُمجت في عام 1990 مع الشمال القبلي المحافظ.
قالت أفراح التي تعمل صحافية، وهي تشد بغضب ثوباً أسود بلا شكل، «يا لها من أيام جميلة. اليوم كثيراً ما أبقى في البيت. وإذا خرجت يجب أن أغطّي شعري وارتدي عباءة».
ويأسى بعض الرجال في عدن أيضاً على تآكل حقوق المرأة في جنوب اليمن الذي كان متحرراً من الناحية الاجتماعية بعد الوحدة. ويشكو أبناء الجنوب من أن حكومة صنعاء تعاملهم بعدم إنصاف في عدة مجالات، من بينها المنازعات على الملكية والوظائف وحقوق التقاعد.
وتنفي السلطات ذلك الاتهام وتشير إلى لجنة ألّفها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لبحث شكاوى الجنوب.
لكنّ سكان المدن الجنوبية يغضبون لما يرون أنه فرض لعادات الشمال المقيدة، حيث تؤدي القبائل ورجال الدين السنّة دوراً أقوى بكثير في المجتمع.
وقال عبد الرحمن الوالي، وهو ناشط في حركة جنوبية تركز تركيزاً متزايداً على الاستقلال عن حكومة صالح التي يسيطر عليها الشماليون، «لم يعد للنساء أي حقوق».
وأصبحت الاحتجاجات العنيفة متفشية غالباً في جنوب اليمن في العامين الماضيين.
وتمثّل النزعة الانفصالية الجنوبية تهديداً قوياً لصالح الذي يكافح بالفعل ضد تمرد شيعي في الشمال، وجناح لتنظيم القاعدة استعاد نشاطه في البلاد.
وصاغ صالح الوحدة بين الشمال والجنوب في عام 1990، ولكن وسُحق انفصال جنوبي بعد أربعة أعوام على أيدي قوات حكومية زادها صلابة مقاتلون إسلاميون حاربوا من قبل في أفغانستان.
ويشكو بعض الجنوبيين وكذلك المتمردون الشيعة من أن علاقات صالح مع المملكة العربية السعودية، أكبر دولة مانحة لليمن، دفعت الرئيس إلى التغاضي عن الغزو الوهّابي السنّي المتشدّد من المملكة.
وانتشر التقيّد بتعاليم الإسلام وأشكال الزي المحافظ في أرجاء الشرق الأوسط كله، لا في اليمن وحده، في العقود القليلة الماضية. ولكنّ التغييرات بالنسبة إلى كثير من العدنيات رجعية على نحو يدعو إلى الإحباط.
وخلافاً لبقية الدول في شبه الجزيرة العربية، فرض اليمن الجنوبي الاشتراكي السابق الكثير من الإصلاحات بالنسبة إلى المرأة. وذهبت الفتيات إلى مدارس مختلطة، وشُجّعت النساء على العمل وترك غطاء الرأس في البيت وحظر تعدد الزوجات.
ولكن سرعان ما تحركت الحكومة الموحدة حديثاً في صنعاء في الاتجاه المعاكس، بفرض قانون للأسرة في مصلحة الرجل، حسبما تشير وفاء عبد الفتاح إسماعيل، وهي محاضرة في كلية الحقوق في جامعة عدن.
وقالت إسماعيل، وهي واحدة من نساء قليلات في عدن يرفضن ارتداء الحجاب، «في الجنوب كان الزوج لا يستطيع أن يطلب الطلاق إلا لأسباب محددة مثل المرض». وأضافت «اليوم يستطيع الحصول على الطلاق حتى دون إبلاغ زوجته».
وعدن كانت دوماً أكثر تطلعاً إلى الخارج من بقية اليمن. وفي الحقبة الاشتراكية، كان في المدينة مدّعيات وقاضيات وموظفات كبيرات في الحكومة. وكثير من النساء درسن في الاتحاد السوفياتي.
إلا أنه أصبح للإسلام تأثير أكثر وضوحاً على عدن منذ الوحدة،
وازدهرت المساجد في كل شارع تقريباً، بينما تدهورت المباني الأخرى في مدينة تعاني من إهمال لسنوات.
وقالت أفراح وهي تشير إلى بناء متألّق في شارع مكتظ بوحدات سكنية مهدمة شيّدت قبل انتهاء الاحتلال البريطاني لليمن عام 1967 «أنظر هنا.. إلى هذا المسجد الجديد».
وفي المطاعم، بل وفي المقاهي على الشاطئ، هناك الآن أقسام مخصصة للعائلات يحظر على العزاب الجلوس فيها في محاكاة لتقاليد في السعودية.
والأموال السعودية تموّل المساجد والمعاهد والجامعات الدينية اليمنية التي تشدد على قواعد السلوك الاجتماعي الإسلامية المتزمتة التي يرى بعض المحللين أنها الأرض التي تولّد التشدّد.
وترى راضية شمسر التي خاضت انتخابات البرلمان مرتين، وتحتفظ بنسخة من قانون الأسرة في اليمن الجنوبي لتتذكر الحقوق التي كانت تتمتع بها، أن «كثيراً من الأمور السيّئة حدثت».
بدورها، رأت إحسان عابد السعد، التي تدير جماعة نسائية تعلم المرأة مهارات حرفية وتشجعها على التعبير عن رأيها، أن جامعة الإيمان في صنعاء التي تحرّم تدريس الأفكار التقدمية تنتج متخرّجين يريدون تقييد حقوق المرأة. وأضافت المرأة في اليمن دفعت ثمن الوحدة.
(رويترز)