يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يحاول احتواء المبادرات الأميركية باعتماد قاعدة «نعم ولكن»، بدلاً من «لا». وهذا هو فحوى اشتراطه الإبقاء على قوات إسرائيلية على الحدود مع الأردن
علي حيدر، قيس صفدي
في ظل وجود تقديرات متشائمة إزاء ما يمكن أن ينتج من زيارة المبعوث الأميركي إلى المنطقة، جورج ميتشل، لبحث سبل تحريك التسوية على المسار الفلسطيني، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المزيد من الشروط لقيام الدولة الفلسطينية. وأكد أنّ إسرائيل تعتزم نشر قوات لها في أي اتفاق مع الفلسطينيين على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية، أي في منطقة غور الأردن.
وبرر نتنياهو موقفه بضرورة المحافظة على أمن إسرائيل، مشيراً إلى «وجود خطر تهريب الصواريخ عبر الحدود الشرقية إلى داخل الدولة الفلسطينية، وهو ما يستوجب وجوداً إسرائيلياً على حدودها الشرقية».
واستشهد نتنياهو بالهجمات الصاروخية التي تعرضت لها إسرائيل من «حدود لبنان وغزة»، لتأكيد أن «إسرائيل ستمنع وضعاً يكون فيه بحوزة الفلسطينيين منصات إطلاق صواريخ في الضفة»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن أن نسمح لأن تصل الصواريخ إلى مركز دولتنا»، وخاصة «أننا محاطون دائماً بكميات هائلة من الصواريخ المنصوبة في مناطق انفصالية في الشمال بتأييد من إيران».
وأقرّ نتنياهو، أمام الصحافيين الأجانب، بأنه لا يعرف كيف سيكون تنفيذ ذلك، لكنه شدد على أن هذا الأمر «ينبغي أن يحصل»، مضيفاً أن «إسرائيل ستبقى في الضفة حتى بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين».
وفي محاولة لإلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني، أكد نتنياهو أن «إسرائيل تريد أن تعود إلى طاولة المفاوضات، لكن الفلسطينيين يتسلقون شجرة عالية».
في المقابل، رفض مسؤولون فلسطينيون تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي القاضية ببقاء قوات إسرائيلية على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية، والمقترح الأميركي الجديد بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 مع بقاء الكتل الاستيطانية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة «إن القيادة الفلسطينية لن تقبل بوجود جندي إسرائيلي واحد على الأرض الفلسطينية بعد إنهاء الاحتلال».
بدوره، قال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات: «نرفض رفضاً قاطعاً تصريحات نتنياهو الداعية إلى استمرار الوجود العسكري في الضفة الغربية، ولا سيما في منطقة الأغوار». وأضاف: «إن تصريحات نتنياهو لا تبقي فعلياً مساحة للتفاوض معنا بشأن حل الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية»، موضحاً أن «نتنياهو يريد منا أن نقبل بما يرغب في فرضه علينا من حدود موقتة لدولتنا المستقبلية التي يريد أن تكون منزوعة السلاح».
وكان ميتشل قد بدأ أمس سلسلة لقاءات في إسرائيل، قبل أن ينتقل اليوم إلى الضفة الغربية للاجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس.
وأجرى المبعوث الأميركي محادثات مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك.
وقالت وزارة الدفاع، في بيان، إن ميتشل وباراك «ناقشا الإجراءات الضرورية لدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين قدماً». وأضافت أنهما تطرقا إلى «الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لتسهيل بدء عملية سياسية».
والتقى ميتشل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ونتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن بيريز أجرى اتصالاً مع الرئيس محمود عبّاس، وحذره من «الجمود السياسي الذي قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة».

أوباما يقرّ بمبالغة إدارته في تقدير قدرتها على تحقيق اختراق تفاوضي

ورأى بيريز أن «الأميركيين جعلوا الرئيس الفلسطيني يصعد على شجرة وأخذوا السلم»، وأن خطأ أبو مازن أنه كان لديه سقف توقعات عالٍ من الرئيس الأميركي، معتقداً أن باراك أوباما سيتبنى الموقف الفلسطيني. وأعرب عن تفهمه لشعور عبّاس بخيبة الأمل.
وفي السياق، أقرّ أوباما، في مقابلة مع مجلة «تايم» الأميركية، أن إدارته «بالغت في تقدير قدرتها على إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين باستئناف مفاوضات السلام وإحداث خرق بسبب عدم إدراكها المسبق لحجم بعض المشاكل السياسية لدى الطرفين».
وأشار أوباما إلى أن عملية السلام في الشرق الأوسط لم تتحرك قدماً «وليست حيث أريدها أن تكون» رغم جميع الجهود الأميركية لتحقيق الحوار. وقال إن «ميتشل أمضى أشهراً في التفاوض على تسوية ورأى بعض التقدم من جانب الإسرائيليين، وربما بهره ذلك لدرجة أنه لم ير أن هذا التقدم لم يكن كافياً للفلسطينيين».
وأقر أوباما بأن النزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي صعب للغاية، حتى على أشخاص أمثال جورج ميتشل الذي ساعد في إحلال السلام في إيرلندا الشمالية. وأعاد تأكيد نية الولايات المتحدة مواصلة العمل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتحقيق «حل الدولتين الذي تحظى إسرائيل في ظله بالأمان والفلسطينيون بالسيادة، ويمكنهم بعدها البدء بالتركيز على تنمية اقتصادهم وتحسين حياة أطفالهم وأحفادهم».


أشجار للاحتيال على تجميد الاستيطان

يواصل المتطرفون اليهود تحدّي أوامر تجميد البناء في المستوطنات، وهذه المرة عبر غرس 15 ألف شجرة في الضفة الغربية لمناسبة يوم الشجرة اليهودي الذي يُحتفل فيه نهاية الأسبوع. وقال العضو في منظمة «تشاسدي مائير» الخيرية التي تقف وراء المشروع، بانتشي غوبشتاين، أمس إن هذه «طريقة لتجاوز أوامر التجميد. هذا ردّ صهيوني ذكي على التجميد»، لأن قرار الحكومة بشأن التجميد المؤقت لا يغطي الأشجار. وأضاف أن «أقمار أوباما الاصطناعية لا يمكنها أن ترصد الأشجار، وفي المستقبل ستبنى المنازل قربها».
في هذه الأثناء، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن بلدية القدس جمدت منذ مطلع العام عمليات هدم منازل شُيّدت بصورة غير شرعية في القدس الشرقية المحتلة كي لا يُهدَم مبنى يحتله مستوطنون. وكانت محكمة إسرائيلية قد أمرت بأن يجري في مرحلة أولى إخلاء وسد منافذ مبنى من سبع طبقات يحتله مستوطنون في حي سلوان العربي، شُيد في ملك خاص من دون ترخيص. غير أن هذا القرار لم يُطَبّق بسبب معارضة غالبية أعضاء المجلس البلدي ورئيس البلدية نير بركات. وأوضح مساعد رئيس البلدية دايفيد حداري أنه عُلّق حالياً 117 أمراً بهدم منازل في القدس الشرقية، واحد منها فقط يتعلق بمبنى يحتله مستوطنون. وقال: «لا يمكن في مطلق الأحوال هدم كل شيء في يوم واحد أو حتى في عام، ولا داعي للبدء بمنزل يسكنه يهود. يجدر الشروع بالمباني التي تمثّل أكبر ضرر». وأعرب عضو المجلس البلدي، مئير مرغاليت، من حزب «ميريتس» اليساري المعارض، عن ارتياحه «لإمكان كسب بعض الوقت وإرجاء هدم منازل عرب».
(أ ف ب، يو بي آي)