بغداد | في محاولة لصرف الأنظار عن الحديث المتسارع عن الدور الأميركي في الأنبار والاستعدادات الجارية لتحريرها، بدأت قوات البشمركة، مع قوة برية أميركية «محدودة» لم يعرف عديدها، عملية عسكرية واسعة لتحرير قضاء الحويجة الذي يخضع لسيطرة «داعش»، منذ أكثر من عام، بينما رفض «الحشد الشعبي» الذي لم يشارك في العملية التعليق على العملية، مكتفياً بإعلان قرب انطلاق عملية كبرى لتحرير ما بقي من قضاء بيجي، وصولاً إلى حدود محافظة نينوى.
وتقع الحويجة إلى جنوب غرب مدينة كركوك، وغالبية سكانها هم من العرب السنّة من عشائر وقبائل الجبور والعبيد وشمر والدليم، وقد أدّت دوراً كبيراً إبان الاحتجاجات التي نُظِّمَت في المناطق السنية، أواخر عام 2012. وبرزت إلى واجهة الأحداث، في نيسان 2013، عندما أقدمت قوة أمنية على اقتحام ساحة الاحتجاج فيها، بعد معلومات عن وجود مطلوبين للقضاء وأسلحة، واتهمت «قوى سنية» الحكومة، في حينها، بارتكاب «مجزرة» بحق المعتصمين.
وقالت مصادر أمنية لـ«الأخبار»، إن «قوات البشمركة بدأت عملية عسكرية واسعة، في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، لتحرير قضاء الحويجة من ثلاثة محاور»، مشيرة إلى «مشاركة قوة أميركية برية محدودة في العملية».
المصادر أكدت تحرير عدد كبير من قرى الحويجة ــ أبرزها زكاع والكريطات وسيد خلف والخليل والشلالات وكوازكورد والمنصورية ــ والتقدم إلى مركز القضاء، مشيرة إلى أن العملية أدت، حتى الآن، إلى مقتل وإصابة العشرات من عناصر «داعش»، فيما أبلغ شهود عيان أن مستشفى الحويجة اكتظ بعناصر «داعش». وقال وزير البشمركة في حكومة إقليم كردستان مصطفى سيد قادر في تصريحات له إنه «استُعيدت جميع القرى في غربي كركوك، التي تقرّرت استعادة السيطرة عليها، ضمن الخطة المعدّة بالتنسيق مع التحالف الدولي، ولم يبقَ سوى مناطق قليلة بيد تنظيم داعش». وأضاف قادر أن «الخطة نُفِّذَت جيداً، وأن فرق الجهد الهندسي ورفع المتفجرات، تفكك حالياً الألغام المزروعة في القرى الـ12 التي استعيدت السيطرة عليها». وأكد وزير البشمركة عدم توافر إحصائية دقيقة بشأن خسائر التنظيم، لكون العملية لم تنتهِ بعد. من جهته، قال نجم الدين كريم، الذي ينتمي إلى حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة رئيس الجمهورية السابق جلال الطالباني، إن «قوات البشمركة في كركوك أطاحت مخططات داعش، وتمكنت من تحرير مساحات واسعة في جنوب كركوك وغربها، ودمرت خطوط داعش ومواقعهم، وجعلتهم بحالة انهيار تام بفعل التقدم الكبير لتأمين محافظة كركوك، بشكل جعلها أكثر استقراراً، وأدى إلى تضييق الخناق على داعش في المناطق التي ما زالت محتلة».
في المقابل، أشار قيادي بارز في «الحشد الشعبي» إلى أن قوات «الحشد» لم تشارك في هذه العملية، وقال إن «أية عملية لاستعادة الأراضي والمناطق، هي دفعة معنوية للقوات المقاتلة ضد داعش وانكسار في صفوف التنظيم».
وأفصح جواد الطليباوي عن قرب انطلاق عملية عسكرية كبيرة لتحرير منطقة الصينية، إحدى المناطق الاستراتيجية التابعة لقضاء بيجي، وصولاً إلى الشرقاط والحدود الإدارية لمحافظة نينوى، مشدداً على أن «كلّ جهودنا منصبة حالياً على ذلك».
وأشار الطليباوي، وهو قيادي بارز في حركة «عصائب أهل الحق»، إلى أن «العراق مقبل على عمليات عسكرية مركزية، وأعني بالمركزية أن النصر فيها مؤكد ومتحقق».
في السياق، رأى الباحث في الشؤون الاستراتجية عبد العزيز العيساوي أن انطلاق عملية تحرير الحويجة قد تكون بتوجيه أميركي، وذلك في محاولة من واشنطن لصرف الأنظار عن التطورات الجارية في الأنبار والاستعدادات القائمة لمعركة تحرير الرمادي ومناطق الأنبار الغربية.
العيساوي رأى في حديثه لـ«الأخبار»، أن التنافس الأميركي ــ الروسي قد يعجّل في تحرير المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش»، حسب «تقاسم النفوذ بين الجانبين، حيث تتولى واشنطن تحرير كامل الأنبار في نهاية العام الحالي، كما وعدت بذلك، فيما يركز التحالف الرباعي الجديد على مناطق شمال العراق وتحديداً صلاح الدين».