طالب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بني غانتس، بضرورة الابتعاد عن «الهستيريا» والقلق، في أعقاب التوقيع على الاتفاق النووي بين طهران والدول الكبرى، لافتاً إلى وجوب النظر إلى «نصف الكأس المليء» والتعامل مع الاتفاق على أنه منع حرباً.
كلام غانتس ورد في سياق كلمة ألقاها في معهد «واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، تحت عنوان «الأمن القومي الإسرائيلي في بيئة إقليمية متغيرة»، تطرق فيها إلى مختلف التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.
وأكد في كلمته أنه كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل مع إيران، لكن في نهاية المطاف استطاع هذا الاتفاق تأجيل تسلح إيران بالسلاح النووي مدة تصل إلى ما بين 10 و15 عاماً على الأقل، و«أنقذ إسرائيل من حرب، أي إنه لا ضرورة للدخول في حالة هستيريا» جراء التوقيع عليه.
وقال غانتس إن إيران تشكل تهديداً على العالم وعلى منطقة الشرق الأوسط، بشكل أكبر من التهديد الذي تشكله على إسرائيل... و«إذا رأت إسرائيل أن من الواجب عليها أن تتحرك وتعمل»، في إشارة منه إلى الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، فإنها «ستعمل ولديها الحق في العمل». لكن في الوقت نفسه أكد على ضرورة العمل بصورة مشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية، إذ «في ما يتعلق بإيران، فإن مصالح مشتركة تجمعنا مع الأميركيين، وعلى إسرائيل أن تحافظ على أشد الصلات الممكنة معهم».
وحول الصورة الاستراتيجية الإقليمية لإسرائيل، أكد غانتس أنه «غير قلق»، لكنه لفت في المقابل إلى أن «ما يقلقني هو باب المندب والطرق البحرية الأخرى»، إذ إنها أشد إقلاقاً من البرنامج النووي الإيراني، وأشار إلى أن «إسرائيل بحاجة إلى أن تسأل نفسها عن ماهية الطريقة الدفاعية التي ستكون لديها في مواجهة مستقبل غير معروف»، مشيداً بالدعم الأميركي غير المحدود والاستثنائي الذي عرضته الولايات المتحدة على إسرائيل، من أجل الحفاظ على تفوّقها العسكري النوعي في المنطقة.
وتطرق غانتس إلى التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا، الذي وصفه بالوجود العسكري المتنامي، مشيراً إلى أن من الصعب في هذه المرحلة تقدير ماهية الأهداف الاستراتيجية لروسيا في الساحة السورية ومن خلالها باتجاه المنطقة، وقال: «قد يكون الكرملن نفسه، في هذه المرحلة، غير متأكد وغير مدرك بعد لهذه الأهداف».
مع ذلك، أشار غانتس إلى أن المسألة الأهم بالنسبة إلى إسرائيل، إزاء التدخل الروسي في سوريا، هو تأسيس خطوط حمراء متفق عليها حول انزلاق أو نقل سلاح إلى حزب الله، ومنع سوء تفاهم أو إمكان نزاع في المناطق العملياتية للجانبين، وتحديداً في ما يتعلق بسلاح الجو للجيشين الروسي والإسرائيلي.
وحول الوضع والعلاقات مع الجانب المصري، أشار غانتس إلى ضرورة أن تبقى مصر قوية ومستقرة وأكثر تطوراً، مضيفاً أن وجود القوات المتعددة الجنسيات في سيناء مهم جداً لاستقرار الحدود، و«هذه القوات باتت تلعب دوراً أكثر فاعلية في عهد الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي». ووصف العلاقات مع القوات العسكرية المصرية بأنها جيدة، لكن يمكن توصيفها بأنها تنسيق وليس تعاوناً، وتركز على الاتصال المباشر ومنع النزاعات البينية.
وأضاف غانتس أن الوضع الحالي مع الجانب المصري ليس شبيهاً بالوضع الذي كان سائداً مع نظام الرئيس السابق حسني مبارك، حتى مع وصول السيسي إلى الحكم في القاهرة، وهو يدرك (السيسي) أن الاحتجاجات المقبلة في مصر قد تتسبب في إسقاطه هو أيضاً.
وحول تشخيص إسرائيل للتهديدات من قطاع غزة، أشار غانتس إلى وجود هوة بين الذراع العسكرية والذراع السياسية في حركة حماس، وفي حال اتساع هذه الهوة، فقد يتسبب ذلك في تصعيد أمني مع غزة. وقال إن على الفلسطينيين أن يدركوا أنه «مع السيادة تأتي المسؤولية»، وأن على القيادة الفلسطينية إظهار المسؤولية «إذا أرادوا من الإسرائيليين أن يؤمنوا» بأن من الممكن أن يكون هناك تقدم دبلوماسي.
وتطرق غانتس إلى تنظيم «داعش»، مشيراً إلى وجوب اعتماد ثلاث استراتيجيات في مواجهته: «الاحتواء والقتال وإيجاد بديل إيديولوجي». وقال لا يمكن للعالم أن يسمح بأن يتحول «داعش» إلى ظاهرة، إذ إنه «خطر استراتيجي أكثر من كونه تهديداً عملياتياً».
وحول الوضع على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، أشار غانتس إلى وجود عصر جديد مختلف تماماً عمّا عرفناه قبل خمس سنوات، مضيفاً أن التعامل مع الوضع والتحديات الأمنية الجديدة شبيه بعملية إصلاح ساعة يدوية ما زالت تعمل.