بعد ستة أشهر من بدء العدوان على اليمن وفراره من عدن إلى الرياض، عاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى عدن يوم أمس، في مشهدٍ أراده التحالف الذي تقوده السعودية أن يبدو «انتصاراً» في ظلّ الهزائم العسكرية التي منيت بها في هجماتها الأخيرة على المحافظات الشمالية والتخبّط الأمني الذي تعيشه قواتها والمجموعات المسلحة المؤيدة لها جنوباً، ولا سيما في عدن.
وقالت مصادر متابعة إن هادي وصل مساء أمس إلى القاعدة الجوية لمطار عدن على متن طائرة عسكرية سعودية، بعد تأكيد وزير الخارجية اليمني بالوكالة رياض ياسين أن الرئيس الفار سيتوجه على الفور من عدن إلى نيويورك حيث سيشارك في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 28 أيلول الجاري. تصريح ياسين إلى صحيفة «عكاظ» السعودية أمس، يشير إلى أن عودة هادي القصيرة إلى عدن، خطوة رمزية وشكلية أكثر منها فعلية لتثبيت عمل الرئيس وحكومته من داخل اليمن، بعد أشهر طويلة من محاولات فاشلة لإدارة البلد من الرياض، في وقتٍ كانت فيه اللجنة الثورية العليا مع المؤسسات العامة في صنعاء، تسيّر شؤون المحافظات اليمنية، طوال تلك الفترة.
وتعزّز الأوضاع الأمنية والسياسية في عدن من شكلية العودة، ومن كونها خطوة تخدم دعاية التحالف المترنّح في اليمن، ليس إلا. إذ إن رئيس الحكومة المستقيلة، خالد بحاح الذي عاد قبل نحو أسبوع إلى عدن يعاني صعوبات عدة في مزاولة أعماله من المدينة الجنوبية، حيث يسيطر تنظيم «القاعدة» على أجزاء واسعة، بما فيها حيّ التواهي، ما دفعه إلى الإقامة مع بعض الوزراء العائدين من الرياض في فندق «القصر» في منطقة البريقا ــ منطقة النفوذ العسكري الاماراتي الكبير.

أقرت السعودية بوجود أسيرين من جنودها لدى «أنصار الله»
ومعروف أن وجود بحاح الذي من المتوقع أن يستعر النزاع بينه وبين هادي في الايام المقبلة كواجهة لصراع سياسي بين الرياض وأبو ظبي في الجنوب، يقابله رفض جنوبي كبير، وسط غضب من «خذلان» السعودية وحلفائها للجنوبيين وقضيتهم، فضلاً عن نكثها لعهود سياسية وخدماتية. كل ذلك، دفع الجنوبيين من أنصار «الحراك الجنوبي» إلى الخروج في احتجاجات ضد بحاح العاجز حتى عن التنقل بحرّية في المدينة، وسط أنباء عن احتمال مغادرته، ما يصعّب أكثر من قدرة هادي على المكوث في عدن والعمل منها. على خط موازٍ، علمت «الأخبار» أن الوفد اليمني في مسقط، التقى بالمبعوث الدولي، اسماعيل ولد الشيخ، أول من أمس، من دون أن يتضح أي جديد حول مقترحات في حوزة ولد الشيخ. وقالت المصادر إنه خلال اليومين المقبلين ستنضج صيغة معينة عن المشاورات واللقاءات الدبلوماسية. وفي السياق نفسه، دعا البيت الابيض أمس، كل الاطراف اليمنية المتصارعة إلى التجاوب مع جهود الامم المتحدة لإيجاد تسوية سياسية، مؤكداً أن الحلّ في اليمن يكون عبر المفاوضات السياسية.
وكان المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن، باولو ليمبو، قد دعا أمس، إلى ايقاف هذه الحرب على الفور، مؤكداً «عدم رضى الأمم المتحدة عما تقوم به السعودية من أعمال مخزية في اليمن»، ذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الصحة اليمنية سقوط 236 شهيداً في غارات سعودية خلال الأيام الاربعة الماضية على صنعاء.
في هذا الوقت، أقرت السعودية للمرة الاولى بأسر حركة «أنصار الله» اثنين من جنودها، حيث أعلن المتحدث العسكري باسم التحالف، أحمد عسيري، «فقدان جنديين من القوات السعودية بعدما ضلا طريقهما داخل الاراضي اليمنية». وأوضح في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية، يوم أمس، أن «الأدلة تشير إلى أنهما على قيد الحياة وأنهما معتقلان لدى الميليشيات الحوثية (أنصار الله)». وطالب عسيري الحركة «باحترام اتفاقية جنيف وعدم استخدام صورهما في الإعلام»، مشيراً إلى أن «التحالف يحمّل الميليشيات مسؤولية المحافظة على حياتهما». وطمأن عسيري عائلات الجنديين، مؤكداً أن التحالف يبذل حالياً قُصاراه لإعادتهما إلى المملكة في أسرع وقت.

كسر هجوم جديد على مأرب

تمكن الجيش و«اللجان الشعبية» من صدّ هجومين جديدين لقوات الغزو على محافظة مأرب. وعلمت «الأخبار» بمقتل نحو 35 جندياً ومسلحاً من قوات التحالف والمجموعات المسلحة المؤيدة له، أثناء صدّ هجومين في منطقتي ذات الراء وحمة المقهوي في المحافظة. وأفادت مصادر «الأخبار» (علي حاجز)، بأن اللواء عبد الرب الشدادي، قائد المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب، (المعيّن من قبل الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي)، أصيب إصابة خطرة بعد استهداف مدرعته ضمن عدد من المدرعات التي دُمِّرَت أمس، في كسر هجوم قوات الغزو على ذات الراء في مأرب، ووفقاً للمصدر نقل الشدادي الى السعودية على متن مروحية.
في سياق متصل، قتل عنصران من تنظيم «القاعدة» في غارة جوية شنتها طائرة من دون طيار يعتقد انها أميركية مساء أول من أمس، في مأرب.
(الأخبار)