قتل بدم بارد، وتنكيل بالجثث يضافان إلى جرائم قوات الاحتلال الأميركي في العراق، بعد الكشف عن شريط مصور يُظهر كيفية قتلها صحافيَّين عراقيَّين في تموز 2007
واشنطن ــ محمد سعيد
اعترف مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بصحة الشريط المصوّر الذي بثه موقع «ويكيليكس» الأميركي الإلكتروني، ويُظهر مقتل صحافيين عراقيين كانا يعملان لحساب وكالة «رويترز» للأنباء إلى جانب إصابة مدنيين عراقيين بنيران قوات الاحتلال الأميركي في العراق في شهر تموز 2007. وقال المسؤول العسكري، الذي رفض الكشف عن هويته، إن تاريخ التسجيل يعود إلى الثاني عشر من تموز 2007، مشيراً إلى أن الحادث وقع في منطقة بغداد الجديدة شرق العاصمة العراقية، لكنه أضاف إنه لا يستطيع تأكيد ما إذا كان مصور وكالة «رويترز» من بين القتلى الذين يظهرون في الشريط أو لا. ويظهر الشريط مقتل 12 شخصاً، بينهم الصحافيان نمير نور الدين والسعيد شماغ، وإصابة طفلين بنيران مروحية «أباتشي» كانت توفر آنذاك الدعم الجوي لقوات أميركية على الأرض أثناء تنفيذها عملية عسكرية في حي بغداد الجديدة. واستهدفت المروحية عدداً من الأشخاص الذين هرعوا لإسعاف أحد الصحافيين. ويُظهر الشريط أن طاقم المروحية طلب الحصول على إذن بإطلاق النار على مجموعة أشخاص، بينهم المصور. ويقول أحد أفراد الطاقم إنه يرى من خمسة أشخاص إلى ستة يحملون أسلحة كلاشنيكوف وأحدهم يحمل قاذفة «آر بي جي»، وهو أمر جرى نفيه، بعدما أعلن الجيش الأميركي أن التحقيق الذي أجراه بشأن الحادث توصّل إلى أن طاقم المروحية أخطأ في هوية المصوّر ظانّاً أنه مسلّح. ويظهر الشريط أفراد طاقم المروحية يتحدثون في ما بينهم، وبينما يقول أحدهم «أنظر إلى أولئك القتلى السفلة»، يردّ عليه آخر «شيء جميل»، فيما ذكر آخر أنه وفقاً لقواعد الاشتباك فإنّ بإمكانهم إطلاق النار مجدداً على العراقيين القتلى. ويظهر الشريط أيضاً أن طاقم المروحية أطلق النار على سيارة جاءت لإسعاف الجرحى، بينهم طفلان. وقال أحد أفراد طاقم المروحية «حسناً، إنه خطأهم أن يُحضروا معهم أطفالهم إلى ميدان المعركة». وفي صورة أخرى يظهرها الشريط، سارت عربة أميركية مدرعة لدى وصولها إلى مكان الحادث فوق جثة أحد القتلى. وقال أحد أفراد طاقم المروحية بسخرية «أعتقد أنهم يسيرون الآن فوق جسد» أحد العراقيين.
وأبدى رئيس تحرير موقع «ويكيليكس»، جونيان أوجونز، في مؤتمر صحافي عقده في نادي الصحافة القومي قبل يومين، ثقته بالشريط الذي سرّبه إليه عدد من الجنود، موضحاً أن الشريط أصلي ولا شك في صدقيّته أبداً. وأوضح أوجونز أنّ الموقع لديه مصادر داخل المؤسسة العسكرية الأميركية وجهات حكومية أخرى «زوّدتنا بهذا الشريط، إضافةً إلى مواد أخرى كانت مشفّرة احتاجت منا إلى نحو ثلاثة أشهر لفك الشفرة». ورأى أوجونز أن هناك فرقاً جوهرياً بين ما نراه في المادة الفيلمية وما قالته المؤسسة العسكرية الأميركية قبل أكثر من سنتين عن الحادث. وأشار إلى أنه كان هناك غياب للمعلومات بطريقة مقلقة، حيث لم تردّ الحكومة الأميركية على طلب «رويترز» قبل أكثر من عام، وفق قانون حرية نشر المعلومات، الاطّلاع على الشريط الذي يبلغ طوله 38 دقيقة أسود وأبيض، والذي حرّر موقع «ويكيليكس» 17 دقيقة منه.
وعلّق رئيس تحرير وكالة «رويترز»، ديفيد شليسنغر، في بيان له، على ما ورد في الشريط، معتبراً أنه «يمثّل دليلاً مصوراً على المخاطر التي تتعرض لها الصحافة في الحرب والمآسي التي تؤدّي إليها».