عاد العنف إلى العراق بجرعات كبيرة، مع قتل عدد من عناصر «الصحوات»، وتسجيل مجزرة بحق سفارات وقنصليات أجنبية عديدة، وسط جمود سياسي نسبي
بغداد ــ الأخبار
تُرجم الفراغ السياسي الذي يعيشه العراق منذ انتخابات الشهر الماضي، بانفجار الأوضاع الأمنية على نحو مأسوي، بينما بقي الوضع السياسي يراوح مكانه على صعيد مفاوضات تأليف الحكومة المقبلة، في ظل تسجيل تباعد جديد بين «الائتلاف الوطني العراقي» وائتلاف «دولة القانون»، على حساب مؤشرات تقارب نسبي بين تحالف نوري المالكي و«عراقية» إياد علاوي.
وشهد يوما السبت والأحد الماضيين، مجازر موصوفة، في كل من منطقة هور رجب، جنوب بغداد، ووسط العاصمة التي عرفت موجة غير مسبوقة من استهداف للسفارات الأجنبية المعتمدة لدى العراق. وفي قرية الصوفية التابعة لمنطقة هور رجب، أعلنت مصادر أمنية أنّ مسلحين يرتدون زياً عسكرياً قتلوا 25 شخصاً من عائلات تنتمي إلى قوات «الصحوة» فجر السبت. وقال مصدر في وزارة الداخلية إنّ «مسلحين يرتدون زياً عسكرياً ويستقلون سيارات مماثلة لتلك التي تقودها قوات الجيش، اقتحموا ثلاثة منازل في قرية الصوفية وأقدموا على قتل 25 شخصاً بعد تقييدهم.
وظهر يوم الأحد، فجّر ثلاثة مهاجمين انتحاريين سيارات ملغومة في وقت واحد تقريباً، في هجوم منسق بالقرب من مقار بعثات أجنبية في وسط بغداد، ما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 42 قتيلاً، وإصابة ما يزيد على 200 آخرين.
واستهدفت التفجيرات كلاً من الممثليات الدبلوماسية (سفارات وقنصليات) الإيرانية والمصرية والألمانية والإسبانية والسورية، عقب هجمات بقذائف الهاون على المنطقة الخضراء. وأبطلت قوات الأمن مفعول سيارة ملغومة رابعة في حي المسبح في وسط بغداد، وألقت القبض على المهاجم.
وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية أنّ حارساً عراقياً يعمل في السفارة الألمانية في بغداد كان من بين قتلى التفجير الذي استهدفها. كذلك أصيب 4 مصريين عاملين في قنصلية بلادهم لدى العراق.
وعلى الفور، بدأت السلطات العراقية عملية عسكرية في بعقوبة، أمس، شارك فيها 22 ألفاً من الشرطة و17 ألفاً من عناصر الجيش، للرد على عمليات نهاية الأسبوع. أما في العاصمة، فقد سادت حالة تأهب كاملة أعقبت اجتماعات أمنية كثيرة. وفيما واجهت الأحداث الأمنية موجة استنكارات شاركت فيها عواصم عربية وغربية، رأى وزير الخارجية هوشيار زيباري أنّ من المبكر تحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات، مشيراً في الوقت نفسه إلى احتمال أن تكون من تدبير «القاعدة». أما نائب الرئيس المنتهية ولايته، طارق الهاشمي، فقد حذّر من احتمال أن تكون «المجزرة المروّعة» التي استهدفت «الصحوات»، مقدمة «لانفلات أمني جديد من شأنه أن يغطي على كل النجاحات الأمنية التي تحققت خلال السنوات الماضية». وطالب الهاشمي، في بيان، بعدم استبعاد تورّط الأجهزة الأمنية المسؤولة عن حماية المنطقة من التحقيق، «وخصوصاً أن ملابس وعجلات ومعدات رسمية استخدمت في الجريمة الإرهابية».
انتخابياً، أعلن القيادي في «القائمة العراقية»، فتاح الشيخ، حصول تقدم في المباحثات مع ائتلاف «دولة القانون»، كاشفاً أن «الخطوط الحمراء والتحفظات التي كانت بين الطرفين ألغيت». وأوضح فتاح الشيخ، وهو قيادي سابق في التيار الصدري، أنّ «هناك تقارباً في برامج القائمتين ورؤاهما»، معترفاً بأنّ الائتلاف بين الطرفين «سيكون أكثر مصلحة لنا من الائتلاف مع باقي الكيانات». ووصف القيادي في «دولة القانون»، عزت الشابندر، الاستفتاء الذي يجريه التيار الصدري لاختيار رئيس الوزراء بأنه «خطوة لإبعاد نوري المالكي عن الترشيح لرئاسة وزراء العراق»، لافتاً إلى أن المالكي يعتزم زيارة إقليم كردستان لبحث التحالف مع الأكراد في غضون الأيام المقبلة.
في هذا الوقت، بحث وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، في أنقرة، ملف الانتخابات العراقية مع نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي، الذي سبق زيارته إلى تركيا باجتماع عقده مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق. وأعرب الأسد عن أمله أن تمثّل الانتخابات «محطة أساسية في توحيد العراقيين وعودة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد».