بغداد ــ الأخباروجد طرفَا تحالف قائمتي «دولة القانون» و«الائتلاف الوطني الموحَّد»، حلاً غير مضمون لخلافاتهما العالقة التي هربا منها إلى الأمام. «حلّ» من غير المعروف إن كان سيجد صدى إيجابياً، بما أنه يقوم على تكليف المرجع الديني علي السيستاني بالكلمة الأخيرة في أيّ ملف خلافي بين الطرفين. تكليف كشفت عنه وكالة «أسوشييتد برس» ولم يعلّق عليه السيستاني بعد، ويُرَجَّح أن يثير غضب كل من العرب السنّة والرافضين لتكريس النهج الطائفي والمذهبي في السياسة العراقية، بما أنه سيضع رجال الدين في مرتبة الآمر الناهي في قرارات الحكومة المقبلة.
وجاء إعلان تحالف «دولة القانون» و«الائتلاف الموحد»، ليل أول من أمس، بدلاً من أن يعلَن اليوم كما كان متوقعاً. تسرّع برّرته، على ما يبدو، خشية من عدم تغيّر نتائج بغداد بعد إكمال إعادة عدّها وفرزها، فكان ضرورياً بالنسبة إليهما القفز فوق مشاكلهما، وخصوصاً فوق هوية الرئيس المقبل للحكومة، وقطع الطريق نهائياً أمام إياد علاوي.
وبحسب «أسوشييتد برس»، نص اتفاق الكتلتين على تسمية مجموعة ضيقة من رجال الدين مرجعية النجف، يتزعّمهم السيستاني، وإعطائهم حق الإدلاء بالكلمة الأخيرة والفاصلة في ما يتعلق بأي مشكل بين الائتلافين. وقال مسؤول في التحالف الشيعي الجديد، المتوقع أن ينضم الأكراد إليه، إنّ «المرجعية ستتمتع بالكلمة الأخيرة لحل جميع الخلافات بيننا»، وهو ما ثُبِّت خطياً في نص الاتفاق. وبذلك، يكون التحالف الجديد قد أنشأ هيئة رقيبة على رئيس الحكومة المقبلة نفسه.
وكان لافتاً إعلان الاتفاق بغياب قادة كل من «دولة القانون» و«الائتلاف الوطني»، ما طرح تساؤلات عن درجة متانته، علماً أنّ التيار الصدري، كما المجلس الإسلامي العراقي الأعلى، يرفضان رفضاً مطلَقاً، تولّي نوري المالكي ولاية حكومية ثانية.
هيئة المساءلة والعدالة تعلن «العصيان» على حكومة نوري المالكي
كذلك فإنّ الإعلان عن الاتفاق، الذي كان مقتضباً، اقتصر على التأكيد أنه «جرى الاتفاق على إعلان تأليف الكتلة النيابية الأكبر من خلال التحالف بين الكتلتين، وهي خطوة أساسية للانفتاح على القوى الوطنية الأخرى». وحاول الائتلافان، خلال بيانهما المشترَك، طمأنة الكتل الأخرى إلى عدم الانفراد بتأليف الحكومة، وأنهما ينويان تأليف حكومة شراكة وطنية تشترك فيها جميع الأطراف.
وعن قضية منصب رئيس الوزراء التي بقيت عالقة، أوضح القيادي في الائتلاف الوطني وائل عبد اللطيف أن «اللجان التي انبثقت عن الائتلافين ستكون كفيلة بوضع ضوابط لتعيين رئيس الوزراء».
وكان نائب الرئيس العراقي، القيادي في الائتلاف الوطني الموحّد، عادل عبد المهدي، أكثر وضوحاً لدى حديثه عن هذه الضوابط، كاشفاً عن الاتجاه إلى «اعتماد مبدأ التصويت في اختيار الرئيس من بين المرشحين للمنصب».
ويمثّل تحالف الائتلافين 159 مقعداً، إذ إن الائتلاف الوطني العراقي لديه 70 مقعداً، ودولة القانون 89، وهما بحاجة إلى أربعة مقاعد فقط لكي يؤلّفا الحكومة، ويكون رئيس الوزراء منهما. فنسبة النصف زائداً واحداً التي يتطلّبها اختيار رئيس الوزراء، بحسب الدستور، تحتاج إلى 163 مقعداً، بينما يحتاج رئيس الجمهورية إلى 217 مقعداً.
ومن شبه المحسوم انضمام التحالف الكردستاني إلى التحالف الشيعي، وهو ما أكّده القيادي الكردي محمود عثمان، الذي قال إنّ التحالف الكردستاني «لديه علاقات مع المجلس الأعلى وحزب الدعوة، عن طريق التحالف الرباعي، كما أنه ليست له أيّ مشاكل مع الصدريّين».
وبهذا الاتفاق، أصبح علاوي في وضع حرج، إذ إنّ تأليف هذا التحالف وانضمام الأكراد إليه، قد يؤدّيان إلى تفكّك قائمته، التي تضم قادة تنتظر منهم جماهيرهم المشاركة في الحكومة.
وقد سارعت «العراقية» إلى التنديد بالتحالف الجديد الذي «ركّبته قوى إقليمية، وبُني على أساس طائفي، ويدفع باتجاه تهميش العلمانيّين السنّة».
على صعيد آخر، تتّجه إعادة عدّ أصوات بغداد وفرزها إلى تثبيت النتائج الرسمية، وخصوصاً بعدما ردّت الطعون التي تقدم بها «دولة القانون» بشأن آلية إعادة العدّ والفرز.
على صعيد آخر، اندلعت الأزمة على مصراعيها بين حكومة المالكي، من جهة، و«هيئة المساءلة والعدالة» من ناحية أخرى. فإثر إعلان المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ السعي إلى تأليف طاقم جديد للهيئة، اتهم المدير التنفيذي الحالي للهيئة، علي اللامي، الدباغ، بأنه «يتحدث باسم السفارة الأميركية»، معلناً عدم تلقّي هيئته أوامر من الحكومة الحالية، واضعاً «مطالبة الحكومة العراقية بإلغاء هيئة المساءلة والعدالة أو تأليف هيئة مؤقتة»، في خانة «الانقلاب على الدستور والعملية الديموقراطية في البلاد».