واصلت تركيا اللعب بأعصاب إسرائيل من ضمن سياسة ما بعد جريمة «أسطول الحرية». ففيما يؤكد رجب طيب أردوغان أن الدولة العبرية لا تزال صديقة لتركيا، تبدو تل أبيب مرعوبة من سيناريو إغلاق المجال الجوي التركي أمام جميع طائراتها
ترك القرار التركي بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية الإسرائيلية، مسؤولي الدولة العبرية في حيرة من أمرهم في ظل مخاوف بعضهم من أن يمتد القرار التركي ليشمل الطائرات المدنية أيضاً. حيرة عززها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي أصرّ على أنّ حكومة بنيامين نتنياهو هي «أكبر تهديد للسلام».
وطمأن أردوغان إلى أنّ إسرائيل لا تزال صديقة لبلاده، من دون أن يمنعه ذلك من وصف الحكومة الحالية بأنها «أكبر عقبة في وجه السلام في الشرق الأوسط». ودعا، في مقابلة ضمن برنامج تشارلي روز على شبكة «بي بي أس»، الولايات المتحدة إلى الاضطلاع بدور قيادي في التعامل مع تداعيات الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية» بسبب «وجود أميركيين بين الضحايا»، في إشارة إلى أنّ فرقان دوغان (19 عاماً)، وهو أحد الشهداء التسعة، يحمل الجنسيتين الأميركية والتركية.
ومن تداعيات جريمة «أسطول الحرية»، كشفت تقارير الطب الشرعي التركي أن سبعة من الشهداء الأتراك الذين قتلوا على متن سفينة «مرمرة الزرقاء»، قضوا نتيجة إصابتهم بعدة طلقات نارية، كذلك إنّ خمسة من الضحايا التسعة قُتلوا بطلقات نارية في الرأس.
وأوضح أحد محامي عائلات الضحايا الذين رفعوا دعوى لمقاضاة الدولة العبرية أمام القضاء التركي، وهو ياسين ديوراك، أنّ «النتائج توضح أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار بهدف قتل الناشطين، لا للتغلب عليهم». وجاء في التقرير أن الأميركي ـــــ التركي فرقان دوغان أُصيب بخمسة عيارات نارية، من بينها عياران في الرأس.
على صعيد آخر، أعربت مصادر في دولة الاحتلال عن خشيتها من أن يمتدّ الحظر التركي المفروض على الطائرات العسكرية الإسرائيلية، إلى الطيران المدني، وذلك إثر منع الأتراك الطائرة العسكرية الإسرائيلية من المرور في المجال الجوي التركي عندما كانت في طريقها إلى بولندا.
ورغم أنّ أنقرة أوضحت أن الحظر هو فقط على الطيران العسكري ولا يتعلق بالطيران المدني، إلا أنّ مسؤولاً في سلطة الطيران في دولة الاحتلال قال: «نحن ملزمون بأن نكون جاهزين لكل تطور»، مشيراً إلى أنه «إذا ما أغلق مجالهم الجوي أمام كل طائرة إسرائيلية، فمعنى الأمر إعلان حرب».
وشرحت مصادر في سلطة الطيران أنّ إغلاق المجال الجوي أمام الطيران المدني هو «خطوة متطرفة للغاية، ولا سيما عندما تكون تركيا هي عضو في اليورو كونترول، وهي الهيئة التي تشرف على المواصلات

أردوغان: على واشنطن تأدية دور قيادي لأنّ أحد ضحايا الأسطول من مواطنيها
الجوية في أوروبا بأسرها وفي دول أخرى». وحذّرت هذه المصادر من أن «خطوة كهذه تتخذ عادةً تماماً قبل إعلان حرب شاملة». ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإنّ مسؤولي شركات الطيران الإسرائيلية الثلاث «ال عال»، و«يسرائير» و«إركيع» بدأوا بدراسة الخرائط وتخطيط مسارات طيران بديلة في حالة تحقيق الأتراك خطوة استثنائية من نوع حظر مرور الطيران المدني في أجوائهم.
ويبدو أنّ الأمر سيكون مكلفاً للغاية بالنسبة إلى الدولة العبرية، بما أنّ تركيا تمثّل محور طيران مركزياً للطائرات التي تقلع وتهبط في إسرائيل، علماً بأنّ أكثر من 60 في المئة من الرحلات التي تقلع أو تهبط في مطار بن غوريون، تمر اليوم من فوق تركيا. حقيقة تجعل من أنه إذا ما غُيِّر مسار الطائرات المدنية الإسرائيلية لتمر فوق رودوس أو مقدونيا أو سلوفينيا بدلاً من تركيا، فإنّ ذلك سيطيل زمن الطيران، وبالطبع كلفته أيضاً.
واختصر مصدر في سلطة الطيران الأمر بالقول: «لم نفكر يوماً في أننا سنحتاج إلى تخطيط طيران التفافي على تركيا، لكن هذه الدولة أصبحت معادية وحسنٌ أننا تلقينا تحذيراً مما يمكن أن يحصل».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)