56 عاماً تأرجحت الجامعة العربية خلالها بين الصعود والهبوط، وفي العقود الأخيرة أثبتت أنها لم تعد مؤهّلة، فكان اقتراح استبدالها باتحاد
القاهرة ــ الاخبار
«الاتحاد» بدلاً من «الجامعة»، هذا هو قلب المشروع الجديد الذي ناقشته القمة الخماسية في العاصمة الليبية، طرابلس، أمس، وانتهت بانقسام بين من دعا الى تسريع إقامة «الاتحاد»، وبين من طالب باتباع منهج «التطوير التدريجي» وبإبقاء الجامعة العربية.
وشارك في القمة كل من الزعيم الليبي معمر القذافي، الرئيس المصري حسني مبارك، الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الرئيس العراقي جلال طالباني وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إضافة الى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
وكانت قمة سرت (ليبيا) العربية الأخيرة قد ألّفت لجنة خماسية عليا «لإعداد وثيقة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك» وعرضها على قمة عربية استثنائية تعقد في 9 تشرين الأول المقبل.

ينص مشروع الاتحاد على أن القرارات تتخذ بغالبية ثلاثة أرباع في المسائل الموضوعية

وجاء في البيان الختامي الصادر عن القمة الخماسية «بالنسبة إلى الرؤية الخاصة بتطوير جامعة الدول العربية، اتضح من النقاش الذي دار حول هذا الموضوع وجود وجهتَي نظر. الأولى تهدف إلى إحداث تعديل جذري وشامل وبوتيرة سريعة لإقامة اتحاد عربي. والثانية تتبنى منهج التطوير التدريجي... وإرجاء بحث إقامة الاتحاد في أعقاب تنفيذ خطوات التطوير المطلوبة وتقويمها». كذلك أوصت القمة بعقد القمة العربية مرتين في العام «قمة عادية وقمة تشاورية في دولة المقرّ» أي في مصر. والمشروع الجديد الذي ناقشته القمة يمني، من حيث الصياغة الأولية، لكن أمانة الجامعة العربية ساهمت على نحو ملحوظ فيه. وهو يعتبر جميع الدول العربية أعضاء مؤسسين للاتحاد، الذي يقوم على مبادئ: المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام الحدود القائمة بين دول الاتحاد، وتشجيع الممارسات الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، وعدم الاعتراف بأسلوب الاستيلاء على الحكم بطريقة غير دستوية، والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الثنائية والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين.
واللافت هنا دعم شرعيات الحكم القائمة، كما يكشف نص المادة الثامنة عشرة على أن «تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدولة وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها».
وينص الميثاق التأسيسي للاتحاد على اعتماد وسائل وأساليب ملزمة ومبرمجة في المجال الاقتصادي، وعلى رأسها إقامة وتفعيل منطقة التجارة الحرة، ودعم وتشجيع القطاع الخاص، وإرساء شراكة حقيقية كي تساهم مساهمة فاعلة في تحقيق الاندماج الاقتصادي.
كذلك يقرّ المشروع إقامة علاقات مميزة بين دول الاتحاد ودول الجوار، واعتماد «الدبلوماسية الجماعية» في التحرك الخارجي. وطبقاً لنص المشروع (المادة 4)، فإن أهم الأجهزة الرئيسية المقترحة للاتحاد هي: مجلس أمة يعتبر الهيئة التشريعية (يعمل على مواءمة البناء التشريعي للدول الأعضاء وتوحيده بما يحقق أهداف الاتحاد)، ومجلس لرؤساء الحكومات هو بمثابة المجلس التنفيذي، ويتبعه مباشرة محكمة العدل العربية ومجلس الدفاع والأمن، بالإضافة إلى عدة مجالس وزارية أخرى متخصصة كالخارجية والاقتصاد والتنمية والدفاع والأمن.

يعزز المشروع دعم دولة المقرّ ويحسم التناوب على الأمانة العامة

وللمرة الأولى، نص المشروع على أن الأمانة العامة للاتحاد تتألف من الأمين العام وثلاثة مساعدين، على أن يشغل منصب الأمين العام والأمناء المساعدين بالتناوب بين الدول الأعضاء.
وتعدّ هذه المادة بمثابة محاولة لحسم الجدل الذي أثارته دول عربية عدة في السابق بشأن تدوير منصب الأمين العام للجامعة الذي تحتكره مصر.
وجاء فى نص المادة العاشرة من المشروع أن «يكون مقرّ الاتحاد الرئيسي في القاهرة وتحدد اللوائح المنظمة للمؤسسات والهيئات التابعة للاتحاد مقارها». فيما تقرّ المادة 13 أن «تحدد حصة كل دولة عضو في الاتحاد (من الميزانية السنوية) بما يتناسب مع دخلها القومي».
ويتبنى التعديل المقترح على ميثاق الجامعة العربية اقتراحات قدمتها ليبيا بشأن تعزيز دور الدولة التي تتولى رئاسة القمة العربية. وجاء في نص التعديلات «ينعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بصفة منتظمة في دورتين في العام، قمة تشاورية في شهر تشرين الأول، وقمة عادية رسمية في شهر آذار، وله عند الضرورة أو عند بروز تطورات تتصل بسلامة الأمن القومي العربي، عقد دورات استثنائية إذا تقدّمت إحدى الدول الأعضاء أو الأمين العام بطلب ذلك، ووافق ثلثا الدول الأعضاء».
وبالنسبة إلى كيفية اتخاذ القرارات، نصت المادة 7 على أن القرارات تتخذ «بالإجماع في ما يتعلق بقبول أي عضو جديد للاتحاد»، وبغالبية ثلاثة أرباع في المسائل الموضوعية الآتية: إقرار وتعديل الدستور، فصل أي عضو، فرض عقوبة ضد أي عضو واستخدام قوات حفظ السلام العربية، فيما تعتمد الغالبية البسيطة في بقية المواضيع الإجرائية.