استهلّ الرئيس السوري بشار الأسد جولة «تاريخية» هي الأولى لرئيس سوري إلى أميركا الجنوبية، من فنزويلا، تخلّلها كلام في السياسة واتفاقيات في الاقتصاد لتتويج «محور الشجعان»
بدا الرئيسان السوري والفنزويلي، بشار الأسد وهوغو تشافيز، متفقين على كل شيء: قال تشافيز إنّ إسرائيل دولة إبادة جماعية، فأردف الأسد بأنّ الرئيس الفنزويلي هو «من بين عدد قليل من الساسة الذين لديهم الجرأة الكافية كي يقولوا لا عندما يكون من الضروري أن تقول لا». تناغم سياسي كامل كان لا بدّ من ترجمته بتسعة اتفاقات اقتصادية ومذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون في المجالات الاقتصادية والزراعية والسياحية والعلمية والنفطية، هدفها إيصال العلاقات الرسمية بين البلدين إلى ما هو موجود بين الشعبين، علماً بأنّ الجالية السورية في فنزويلا تعدّ من بين أكبر الجاليات الأجنبية في البلاد.
ووصف تشافيز، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأسد، إسرائيل بأنها «دولة إبادة جماعية تتصرف كقاتل لحساب الولايات المتحدة وتهدّدنا جميعاً»، متوقعاً أن توضع الدولة العبرية «في مكانها الصحيح يوماً ما». أما عن التحالف بين دمشق وكراكاس، فرأى أنه «محور الشجعان والشعوب والأحرار والعالم الجديد». وفيما أشار إلى أنّ الجولان السوري المحتل «سيعود يوماً ما إلى سوريا»، أيّد أن يكون ذلك «سلمياً لأننا لا نريد مزيداً من الحروب». كما طمأن إلى أنّ «المحاولات الأميركية لعزل سوريا وإعادة رسم الشرق الأوسط فشلت، وإسرائيل تخسر حلفاءها بسرعة».
ومن كراكاس، «رمز المقاومة والثورة على الطغيان وعلى الاستعمار بالنسبة للمنطقة العربية والعالم العربي والشعب العربي»، على حد تعبير الأسد، ذكّر الرئيس السوري كيف أخذت فنزويلا مكانتها في منطقتنا في محطتين، وهما اللتان ترجمتهما مواقف تشافيز إزاء كل من عدوان تموز 2006 على لبنان و«الرصاص المصهور».
ولهذه الأسباب، أوضح الأسد أن العلاقة الاستراتيجية بين العالم العربي والقارة اللاتينية تبدأ بالعلاقة بين سوريا وفنزويلا. واقترح أن تكون سوريا «بوابة فنزويلا باتجاه آسيا وشرق المتوسط، على أن تكون فنزويلا في المقابل، بوابة سوريا البحرية تجاه العلاقة مع أميركا اللاتينية»، من خلال مصفاة النفط الفنزويلي التي وُقّع اتفاق إنشائها في حمص. وكرّر الرئيس السوري مواقفه من «الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي سعت وتسعى لإشعال الحروب والفتن والمشاكل في المنطقة»، لافتاً إلى قيامها بتهويد القدس وطرد السكان الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم، وتطبيقها سياسة الفصل العنصري. ثمّ استعاد الاعتداء على «أسطول الحرية»، ليرى أنه كان «دليلاً صارخاً على إجرام إسرائيل، وبالتالي فإنّ السلام مستحيل معها». وفي السياق، كشف الأسد عن اتفاقه مع نظيره الفنزويلي على «دعم المقاومة وحق الشعوب التي تنتهك حقوقها وتحتل أراضيها بالمقاومة عندما تفشل المفاوضات»، رافضاً وصف المقاومة بالإرهاب الذي له «مرادفة واحدة هي إسرائيل فقط». وفي الموضوع النووي، أعرب الأسد عن ثقته بأنّ مقاربة الدول الـ5+1 للموضوع النووي الإيراني «غير صحيحة»، محذراً من الخروج عن اتفاقية منع الانتشار النووي ومن الاتفاق النووي الثلاثي الذي وُقع في طهران في 17 أيار الماضي بين إيران وتركيا والبرازيل.
ومن فنزويلا، ينتقل الأسد والوفد المرافق له، غداً، إلى كوبا ومن بعدها إلى الأرجنتين والبرازيل، علماً بأنه كان مقرراً أن يستهل جولته بكوبا لا فنزويلا.
(سانا، أ ف ب، رويترز)