فيلتمان فشل بتركيب «التحالف الثلاثي»إيلي شلهوب
لم تفلح زيارة نائب وزيرة الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، للعراق في ردم الهوة بين نوري المالكي وإياد علاوي، على أمل تأليف «تحالف ثلاثي» يضمهما إلى الأكراد، في مواجهة محاولة إيران جمع هؤلاء الأخيرين مع «التحالف الوطني». صحيح أن أوساط المالكي تُشيع أن فيلتمان «نجح في تقريب وجهات النظر بين العراقية ودولة القانون. الأميركيون خائفون من التيارات الأخرى، وخاصة التيار الصدري والمجلس الأعلى. يرون أن مفاتيحها ليست بيدها، بل بيد أطراف أخرى في الخارج. لا يعني ذلك أنهم يرفضونها ويريدون إقصاءها، بل لا يريدون أن تكون في موقع يؤهلها لأن تتحكم بمفاصل الحكومة المقبلة». وتضيف: «حاول (فيلتمان) أن يضغط على الأكراد ليقبلوا بدعم صيغة تداول المالكي وعلاوي رئاستي الحكومة والجمهورية وفق صيغة سنتين بسنتين. نحن لا نرى أنها صيغة قابلة للتطبيق. يمكن أن يحصل ذلك ضمن الحزب الواحد، لكن بين كتلتين ببرنامجين ومشروعين سياسيين مختلفين، فهذا مستحيل». وتوضح: «يريد الأميركيون جمع دولة القانون والعراقية والأكراد. المشكلة عند الأخيرين. اتفاقهم مع العراقية صعب جداً، وخاصة مع أسامة النجيفي وعمر الجبوري ومحمد تميم»، كاشفة عن أن «الخلافات والتآكل بدأت تضرب الكتلة العراقية. النجيفي وصالح المطلك يجرون محادثات مع دولة القانون باسمهم الشخصي» في مقابل تعزز كتلة المالكي التي «انضم إليها الحزب الإسلامي فعلياً، رغم أنهم يحاولون إشاعة أجواء مغايرة كي يتجنبوا الإحراج مع الكتل الأخرى».
في المقابل، فإن أوساط علاوي تؤكد أن «الأميركيين في وضع لا يريدون فيه أن يتدخلوا في تقديم سيناريو. كان فيلتمان مستمعاً أكثر مما كان متحدثاً. هدفه الأساسي جمع العراقية ودولة القانون. وجهات النظر متباينة إلى درجة كبيرة. كل مصرّ على تولي رئاسة الحكومة. يبدو من الصعب جداً التفاهم في هذه المرحلة»، مشيرة إلى أنها تتوقع أن تلجأ الولايات المتحدة إلى «الفصل السابع وأن تتولى الأمم المتحدة مهمة تأليف الحكومة العراقية على غرار ما حصل في الحكومة الأولى أيام الأخضر الإبراهيمي، وذلك إذا ما عجز الأطراف عن التوصل إلى حل. الأمم المتحدة هي المسؤولة عن العملية الديموقراطية».
وتضيف المصادر نفسها، وهي من الدائرة الضيقة المحيطة بعلاوي، أن «علاقة الأكراد بالعراقية جيدة جداً. هناك خطوات متقدمة في الموصل بين كتلة الحدباء (الخاصة بالنجيفي) وكتلة نينوى المتآخية (الكردية)، وجرى الاتفاق بينهما على مجموعة من النقاط. كذلك فإن محادثاتنا كانت ناجحة جداً مع (رئيس إقليم كردستان مسعود) البرزاني ومع (الرئيس جلال) الطالباني»، موضحة أن «الأكراد حالياً يقفون مراقبين. دورهم سلبي. يقولون: نحن لا نتدخل في رئاسة الحكومة. أنتم الكتل الثلاث اتفقوا في ما بينكم، ونحن مع ما تقررونه. صحيح أنه كانت لديهم مشاكل مع بعض مكونات العراقية، لكن كان ذلك عندما كانوا وحدهم. أما وقد انضووا تحت لواء العراقية، فقد اختلف الوضع. بات الجميع مقتنعين بأنه لا بد من الجلوس إلى طاولة المفاوضات. الآن هناك لقاءات وتفاهمات. النجيفي زار الطالباني الأسبوع الماضي».
وتقول أوساط المالكي، وهي من قيادات حزب «الدعوة»، «إننا في حال من شدّ الأصابع. المخطط كبير. هناك صراع بين إرادتين، محلية وإقليمية. يريدون لبننة العراق»، مشيرة إلى أن «الأمور تتجه نحو توافق لا غالب فيه ولا مغلوب». وتضيف أن «هناك تقدماً بطيئاً. لا تراجعات. التيار الصدري، على سبيل المثال، كان ضد المالكي بالمطلق. الآن يبدو أنهم يسحبون الجعفري شيئاً فشيئاً. يدفعون به في العلن أمام جمهورهم، لكنهم في السر يقرون بأنهم لن يحصلوا على ما يرغبون فيه من وزارات في حال توليه رئاسة الحكومة، فضلاً عن أن الجعفري يبقى من حزب الدعوة، ومن يضمن لهم (للصدريين) أنه لن يغير رأيه ويخرج بالتالي من تحت عباءتهم؟»، كاشفة عن أن «الصدريين طرحوا الجعفري مرشحاً توافقياً، فقلنا لهم هذا أمر مرفوض، هناك قاعدة، وإذا كان الجعفري توافقياً فكل المرشحين توافقيون، فسحبوه من التداول».
في المقابل، فإن مصادر قيادية في التيار الصدري تؤكد أن «حظوظ الجعفري تكبر. حتى المالكي يعترف بذلك. قال، خلال جلسات معنا ومع غيرنا الأسبوع الماضي، إنه إذا عُدمت فرصه في تولي رئاسة الحكومة، فإنه لا يعطي هذا المنصب إلا للجعفري». ونقلت عن المالكي قوله إن «الجعفري الأحق برئاسة الحكومة من بعدي. أصلاً هذا المنصب كان من حقه في الدورة السابقة (2005) وأنا أخذته منه». وتضيف المصادر نفسها «هذا غباء سياسي منه. ماذا يقول لنا؟ ابقوا متمسكين بالجعفري لأنني سأدعمه إذا فشلت». وكشفت المصادر الصدرية عن أن هناك «خلافات داخل كتلة المالكي نفسها، بين أطرافها في المركز وتلك الموجودة في المحافظات. هناك مثلاً حكومة النجف تعلن مقاطعتها لوزير النقل، والاثنان تابعان للمالكي، على خلفية تصريحات للأخير متعلقة بمطار النجف. وهناك أيضاً حكومة البصرة، وهي تابعة للمالكي، ترسل كتاب احتجاج، إثر التظاهرات الأخيرة، على استخفاف الحكومة المركزية بالأمور الحياتية في المدينة مثل الكهرباء».
أما أوساط علاوي، فيبدو واضحاً أنها تراجعت عن مطلبها في تكليفه رئاسة الحكومة على ما كانت تطالب تحت عنوان أن «العراقية» هي الكتلة الأكبر بحسب تفسيرها للنص الدستوري. وتقول إن «القنوات مفتوحة مع جميع الأطراف. تأليف الحكومة بحسب الاستحقاق الدستوري لا يكفي. يجب الاتفاق مع القوائم الأخرى». وتضيف أن «المشكلة في التحالف الجديد (التحالف الوطني). هم ليسوا متفقين على مرشحهم لرئاسة الوزراء، بل حتى على آليات الترشيح. العملية شبه متوقفة. لا يبدو أن هناك في الأفق اتفاقاً على شخص معين». وتشدد مصادر علاوي على «أننا نصر على أن يكون لدينا رئيس جمهورية منتخب من البرلمان خلال شهر، على ما ينص عليه الدستور. لكن ذلك يبدو بعيد المنال. لا نتوقع حلاً قبل أواخر هذا العام».

علّاوي والمالكي وسجال المطارات



وسط الجمود السياسي الذي يلفّ مفاوضات الحكومة العراقية، واستمرار مسلسل الموت اليومي في بلاد الرافدين، وجد نوري المالكي وإياد علّاوي موضوعاً جديداً للسجال بينهما: إقفال مطار المثنّى في وجه علّاوي

لقي 26 عراقياً مصرعهم، أمس، وأصيب نحو 53 آخرون بجروح في انفجار سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان استهدفا «البنك العراقي للتجارة» في غرب بغداد، في هجوم تبنّته «دولة العراق الإسلامية»، وهو الثاني الذي يستهدف مصرفاً حكومياً خلال أسبوع. وعلى صعيد العقدة الحكومية المزمنة، اتفقت معظم الأطراف السياسية على أنّ تأليف حكومة جديدة لن يحصل في القريب العاجل، وسط إصرار كل طرف على روايته؛ ففيما أعرب القيادي في القائمة «العراقية» أسامة النجيفي عن اطمئنانه إلى أن كتلته هي التي ستؤلّف الحكومة المقبلة، أكّد صادق الركابي، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، أنّ الوضع «يسير في اتجاه تأليف حكومة شراكة وطنية بين جميع الكتل الفائزة في الانتخابات من دون استثناء». لكنّ الركابي اعترف بأنّ «تأليف الحكومة بحاجة إلى مزيد من الوقت، لأنّ الخلافات لا تقف عند حدود منصب رئيس الوزراء، بل تمتدّ إلى مناصب أخرى كرئاسة الدولة ورئاسة البرلمان». وفي السياق، رفض المالكي اقتراحات حلفائه المفترضين في «الائتلاف الوطني الموحَّد» تقليص صلاحيات رئيس الوزراء، بداعي أنها ستحوّله إلى «شرطي مرور غير مُطاع».
في هذه الأثناء، تحدّث رئيس «العراقية» إياد علّاوي عن محاولات لاغتياله، متهماً الحكومة الحالية بعدم اتخاذ أي إجراءات لحمايته. وأشار علّاوي، في مؤتمر صحافي عقده في مقر قائمته في بغداد، إلى أنه تسلّم قبل شهرين من موعد الانتخابات «رسالتين من القوات المتعددة الجنسيات أعقبتها رسالة من وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي ورسائل مماثلة من دول صديقة وشقيقة، فحواها وجود محاولات لاغتياله بقنبلة».
وتابع «كنت أتوقع تسلّم تحذيرات من الحكومة العراقية بشأن محاولة الاغتيال لا من القوات الأميركية، لكنّ الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراء لحمايتي، بل منعتني من استخدام قاعدة الطيران المخصصة لسبع شخصيات عراقية هم، إضافة إلي، رئيس الجمهورية ونائباه ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري».
وكشف أنه فوجئ، قبل يومين، بمنع هبوط طائرته الشخصية في مطار المثنى من قبل الحكومة العراقية لأسباب مجهولة، معترفاً بأن القوات الأميركية «تدخّلت في الأمر وسهّلت عملية هبوط الطائرة في المطار المذكور».
وكان مكتب المالكي قد ذكر، في بيان، أنّ قرار منع الطائرات المدنية من الهبوط في مطار المثنى العسكري «جاء بعد ورود معلومات تفيد بهبوط طائرات خاصة في المطارات العسكرية وخروج ركابها من دون المرور بالإجراءات الرسمية المعتادة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)

انتفاضة كهرباء في البصرةالأخبار
شيّع سكّان مدينة البصرة، أمس، جثمان المواطن حيدر داوود سلمان، الذي قتل في تظاهرة جرت في البصرة أول من أمس، احتجاجاً على أزمة الكهرباء وتردّي الخدمات العامة في المحافظة، وهو ما قابلته السلطات المحلية بـ«انتقام» عندما زادت ساعات قطع التيار الكهربائي.
وقال أحد المشاركين في مسيرة التشييع إنّ «الشهيد حيدر داوود سلمان (26 عاماً) قدّم نفسه قرباناً من أجل قضية عامة، فأبت جماهير البصرة إلا أن تخرج وتجعل من عملية التشييع مناسبة لرفض التجاوز على الجماهير». وكانت مواجهات عنيفة قد وقعت السبت بين المتظاهرين وقوات الأمن، احتجاجاً على سوء الخدمات والكهرباء، ما أدى إلى مقتل سلمان وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
وشهدت البصرة، في ليلة التظاهرة، ارتفاعاً غير معهود في درجات الحرارة والرطوبة، بالتزامن مع انقطاع طويل للتيار الكهربائي في أغلب مناطق المحافظة، وصل إلى خمس ساعات قطع متواصل، في مقابل ساعة واحدة يأتي فيها التيار، الأمر الذي فسّره مواطنو البصرة بأنه مقصود، بهدف معاقبة مواطني المحافظة على احتجاجهم. وأكّد سكان المدينة أنه عندما تقرر القيام بتظاهرة سلمية، قامت دوائر الكهرباء بخطوات عديدة، تمثّلت بتقليل ساعات القطع، حيث استقرت قبل قيام التظاهرة على معدّل ساعتَي قطع مقابل ساعتَي تشغيل، من أجل امتصاص الغضب الشعبي وإلغاء التظاهرة. وأوضحوا أنه «بعد خروج التظاهرة يوم السبت، ألغت الجهات المسؤولة سياق العمل بالقطع المبرمج، وأصبح معدل القطع خمس ساعات مقابل ساعة تشغيل واحدة».
وقال مواطنون بصريون إن «هذه الخطوة ينظر إليها المجتمع البصري بأنها مقصودة، وكأنها عقوبة جماعية لأبناء المحافظة، بسبب خروجهم في التظاهرة التي نددت بوزارة الكهرباء والحكومة المحلية التي لم يكن لها موقف صلب جرّاء سياسات التهميش ضد الملايين في المدينة».
وفي السياق، تبادلت وزارتا النفط والكهرباء الاتهامات بشأن المسؤولية عن نقص وقود محطات التوليد، وتحدث كل منهما عن «خطط طموحة» لسد العجز الحالي. وأشارت وزارة الكهرباء إلى أنها لا تتسلّم من وزارة النفط سوى أقل من 3 ملايين ليتر من الوقود يومياً لتشغيل محطاتها، بينما أكدت وزارة النفط أنها تسلّم أكثر من 4 ملايين ليتر من الوقود يومياً إلى محطات الكهرباء، إضافة إلى الوقود المستورد.
وبرّر وزير الكهرباء كريم وحيد أزمة كهرباء البصرة بنقص الوقود وعمليات الصيانة وقدم محطات توليد الطاقة التي لا تصمد أمام العواصف
الترابية.