خاص بالموقع - أطفال الصومال جنودٌ في الحرب المستعرة في البلد الأفريقي الفقير، يحملون السلاح بدل الكرّاسات، ورصاصةً يتجاوز حجمها ضعفي إصبع اليد، ويركبون الملالات بدل الدراجات الهوائية. هؤلاء الصبية ليسوا جنوداً للمتمردين، بل يقاتلون من أجل الحليفة واشنطن ولمصلحة حكومة مقديشو. هذا ما تناوله تحقيق صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر اليوم.عويل صالح عثمان يطوف خلسة في شوارع المدينة المحطمة، يبدو ككثير من الصبية في مثل سنه بثياب رثة وجسد نحيل وعينين تواقتين للانتباه والعاطفة. إلا أنه مختلف عنهم بطريقتين: هو يحمل سلاح كلاشنيكوف أوتوماتيكي مذخر بالرصاص ويعمل لمصلحة الجيش المسلح والممول بالكامل من الولايات المتحدة الأميركية.
ينهكه التعب من حمل سلاحه الثقيل، ينقله من كتف نحيل إلى آخر، فيتدخل قائده، أحمد حسان (15 عاماً) كي يساعده. أحمد بدوره خبير في القتال. ذهب إلى أوغندا قبل عامين من أجل التدرب. يقول: «أحد الأشياء التي تعلمتها هو كيفية القتل بالسكين».
والمبكي أن عويل يستمتع بلعبته، ويقول: «أستمتع بالسلاح». يحبّ التدخين، وهو مدمن للقات، يمضغه لساعات كل يوم. تركه والداه وهربا إلى اليمن، وانضم إلى الميليشيا في عمر 7 سنوات. يتحدث وهو يأكل وجبته من الأرز بيدين وسختين، لا يعلم من أين ستأتي وجبته التالية. يحصل على 1.50 دولار في اليوم الواحد. فراشه يغطيه الذباب ويشاركه فيه اثنان من رفاقه المقاتلين، علي ديك (10 أعوام) وعبد العزيز (13 عاماً).
«أنت!» يصرخ عويل في وجه سائق يحاول أن يتسلل على نقطة التفتيش الخاصة به، ويتحول وجهه الملائكي إلى وجه عنيف غاضب. يقول: «أنت تعلم ماذا أفعل هنا!»، يهزّ سلاحه «أوقف سيارتك». في الصومال تُفقد الحياة بسهولة، والقليل يريد أن يخاطر مع صبي مزاجي لا يتجاوز 12 عاماً.
معروف أن المتمردين الإسلاميين الأصوليين في الصومال يخرجون الأطفال من ملاعب كرة القدم لتحويلهم إلى مقاتلين. لكن عويل ليس متمرداً. هو يعمل من أجل الحكومة الانتقالية التي تعدُّ حجر في الاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب في القرن الأفريقي.
وبحسب مجموعة حقوق الإنسان الصومالية ومسؤولين في الأمم المتحدة، تقوم الحكومة السودانية، التي تعتمد على مساعدة الغرب، بتجنيد المئات من الأطفال على الجبهات الأمامية، وبعضهم لا يتجاوز 9 سنوات.
وتقول الأمم المتحدة إن الحكومة الصومالية هي بين «أكبر المنتهكين» لمسألة إرسال الأطفال إلى الحرب، إلى جانب المجموعات المتمردة مثل «جيش الرب المقاوم».
وتشير «نيويورك تايمز» إلى أن المسؤولين في الحكومة الصومالية يقرون بأنهم لم يتخذوا الخيار المناسب، ويقولون إن الحكومة الأميركية تساعد في تمويل تجنيد الأطفال، وهو ما أكده أيضاً مسؤولون أميركيون، وهو ما يعني أن أجور هؤلاء الأطفال المقاتلين تُدفع من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين.
وأفادت الصحيفة أن العديد من المسؤولين الأميركيين أعربوا عن قلقهم من استخدام الأطفال للقتال. لكن عند السؤال عن ضمانات الحكومة الأميركية بأن لا تُنفق الأموال الأميركية على تجنيد الأطفال، أجاب أحد المسؤولين: «لا أملك إجابة جيدة عن هذا».
وبحسب «يونيسيف» (منظمة الأمم المتحدة للطفولة)، هناك دولتان فقط لم توقّعا حقوق الطفل الذي يمنع استخدام من هم دون 15 عاماً للقتال: الولايات المتحدة والصومال. لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما، عند طرح المسألة خلال حملته الانتخابية، لم يوافق قائلاً: «من المحرج أن نضع أنفسنا في معركة الصومال، أرض غير قانونية». ولم تذكر الصحيفة إن كان هذا الوضع قد تغير بعد انتخابه.
ويقول نائب مدير «إلمان بيس» ومركز حقوق الإنسان في مقديشو، علي شيخ ياسين، إن نحو 20 في المئة من القوات الحكومية (ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف) هم أطفال، فيما يبلغ عدد المقاتلين الأطفال في صفوف المتمردين 80 في المئة.

(الأخبار)