strong>غزة تحت الحصار منذ 3 سنوات. الكلُّ تواطأ على خنقها، وبعد الاعتداء على أسطول الحرية تعالت الأصوات المتضامنة. لكن يبدو أن الاحتلال يريد امتصاص الضغط عبر تخفيف الحصار من دون فكّه
وسط الدعوات الدولية لرفع الحصار عن قطاع غزة، التي تصاعدت عقب الاعتداء على أسطول الحرية، أصرّ الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس على استثمار الكسر عبر إقحام حكومة سلام فيّاض في إنهاء الحصار، في محاولة لمنع حصول حكومة «حماس» على شبهة اعتراف دولي. وقال عباس، في مقابلة مع صحيفة «الأيام» الفلسطينية نُشرت أمس: «حكومتنا هي الممثل الشرعي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لذا فإن أي إجراءات أو خطوات من جانب إسرائيل أو المجتمع الدولي يجب أن تكون من خلال هذه الحكومة، ونحن على استعداد للقيام بكل ما هو ممكن حسب طاقتنا». وأضاف: «في ما يتعلق بمعبر رفح، علينا أن نعود إلى الاتفاق الموقّع عام 2005 بين الإسرائيليين والفلسطينيين والأميركيين والأوروبيين. لذا، فإننا عندما نعود سنعيد حرس الرئاسة إلى رفح، لكن هذا يتطلب الحديث عن المصالحة، فلا يمكن وضعهم في الجانب المصري، ويجب أن يعودوا إلى قطاع غزة من خلال المصالحة وتحت المصالحة».
وعن المصالحة الوطنية، جدّد قوله: «نحن ننتظر ونطلب من «حماس» التوقيع على الوثيقة (المصرية)، ومن ثم يمكننا الذهاب مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية وستجري المصالحة وتعود الوحدة».
في المقابل، أعلن دبلوماسي أوروبي رفض الكشف عن هويته قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أن الدولة العبرية مستعدة لزيادة البضائع التي تدخل غزة. وقال: «المعطيات من إسرائيل تدل على أن السلطات الإسرائيلية لديها الإرادة» لمراجعة لائحة المنتجات التي يمكنها دخول غزة ونشر لائحة بالمواد المحظورة.
وفي السياق، أكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد، كاثرين آشتون، استحالة تحقيق السلام، ما لم تقم إسرائيل برفع الحصار عن غزة.
وكتبت آشتون، في مقال نشرته صحيفة «ذا تايمز»: «حين زرت غزة قبل ثلاثة أشهر، كأول مسؤول سياسي بارز تسمح له إسرائيل بالدخول إلى القطاع، كنت شاهدة على محنة سكانه ووجدت الظروف غريبة وقاتمة». وأضافت أن الحصار «إجراء غير فعّال لحماية أمن إسرائيل».
وأشارت آشتون إلى أن العثور على وسيلة متفق عليها لرفع الحصار عن غزة «لن يكون سهلاً، ويحتاج إلى تعاون إسرائيل والسلطة الفلسطينية لأن النجاح سيكون جائزة حقيقية من أجل قضية السلام».
كذلك أعرب مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، طوني بلير، عن أمله أن تبدأ الدولة العبرية تخفيف حصارها على غزة في غضون أيام. وقال: «في ما يتعلق بسياسة الإغلاق، آمل بشدة أن نحصل في الأيام المقبلة على الالتزام الذي نطلبه من حيث المبدأ، ثم تُتَّخَذ خطوات أيضاً»، في إشارة إلى الخطوات الإسرائيلية لتخفيف الحصار.
لكن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» رأت، في المقابل، الطرح الإسرائيلي لتخفيف الحصار إشارة إلى أن دولة الاحتلال «تريد أن تفلت من العقاب، وأن تنفس حالة الضغط الدولي والشعبي والمؤسساتي والحقوقي» عنها، على حدّ تعبير المتحدث فوزي برهوم، الذي طالب المجتمع الدولي بأن «يسعى لإنهاء الحصار بالكامل، لا أن يمنح إسرائيل فرصة كي تتهرب من المسؤولية المباشرة عن جرائم ترتكب بحق شعبنا وبحق المتضامنين مع غزة».
من جهتها، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقريراً أوضحت فيه أنه «لا يمكن الردّ على المعاناة الشديدة التي يواجهها مليون ونصف مليون شخص من سكان غزة بتقديم المساعدات الإنسانية، لكن الحل الوحيد الدائم لهذا الوضع هو رفع الحصار».
وأشارت اللجنة، في تقريرها، إلى أنها تراقب عن كثب أوضاع السكان المدنيين المتضررين من سير العمليات العدائية أو العنف المسلح، وتقدّم ملاحظات سرّية إلى السلطات أو الجماعات المسلحة المعنية وتذكّرها بواجب الامتثال للقانون الدولي الإنساني والقواعد الدولية الأخرى.
وبالتوازي مع الدعوات الدولية لإنهاء الحصار، تتواصل عملية إرسال شحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني، وقالت إذاعة «إيران» إن طهران سترسل سفينتي مساعدات إلى غزة في خطوة على الأرجح أن تعدّها الدول العبرية استفزازاً. وأفادت الإذاعة بأنّ سفينة غادرت الميناء الأحد، فيما تغادر الأخرى يوم الجمعة المقبل محملة أغذية ومواد بناء ولعباً للأطفال. وقال مسؤول في الجمعية الإيرانية للدفاع عن الشعب الفلسطيني: «حتى ينتهي حصار غزة ستستمر إيران في إرسال سفن المساعدات».
وعن أنباء مواكبة الحرس الثوري الإيراني لسفينتي المساعدات المتجهة إلى غزة إذا أمر المرشد علي خامنئي بهذا، قال نائب قائد الحرس، حسين سلامي: «هذا غير مدرج على جدول أعمالنا».
بدورها، أرسلت البحرين شحنة من المساعدات الإنسانية من طريق مصر، تمثلت في 40 طناً من المواد الطبية والإغاثية. وقال الأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية مصطفى السيد إن دفعة المساعدات ـــــ وهي الرابعة من نوعها خلال أيام ـــــ «تتكون من مواد طبية وإغاثية يرافقها وفد من أعضاء اللجنة البحرينية الوطنية لمناصرة الشعب الفلسطيني في غزة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)