نابلس | «أبو مازن جادّ في نيّته التنحّي عن رئاسة اللجنة التنفيذية، وقد أكد ذلك مرات عدة أمام اللجنتين التنفيذية والمركزية، وهو كان ينادي بذلك منذ مدة، وصرخته تعبير عن شعوره بالمرارة»، يقول عضو «التنفيذية» المستقيل، غسان الشكعة، وهو يوضح موقف رئيس السلطة محمود عباس، من رفضه الترشح مرة أخرى لرئاسة اللجنة المزمع انتخابها في الخامس عشر من أيلول الجاري.
وفي حديث مفصل مع «الأخبار»، عبّر الشكعة عن فقدان الرضا في اللجنتين «التنفيذية» لمنظمة التحرير، و«المركزية» لحركة «فتح»، بشأن قرار عباس التنحّي. وأضاف: «أكدت التنفيذية في اجتماعها الأخير أن من حق عباس التنحّي، ولكن في الوقت نفسه عليه ألا ينسى أنه رئيس منتخب وقرر خوض غمار العمل العام الذي تترتب عليه مسؤوليات وحقوق».
الشكعة رأى، في الإطار العام، أن اتفاقية أوسلو لم تعد موجودة اليوم، لأن «الاحتلال لم ينتهِ بعد مرور 21 عاماً عليها، وهذه المشكلة الكبرى بالنسبة إلى الرئيس». ويذكّر الرجل، المستقيل أيضاً من رئاسة بلدية نابلس، بتاريخ عباس السلمي، قائلاً: «كان (أبو مازن) الوحيد في السبعينيات الذي تحدث عن استراتيجية السلام، في حين لم يكن هناك فلسطيني أو عربي أو حتى مسلم يفكر في السلام مع دولة الاحتلال».
وأضاف: «منذ تسلمه الرئاسة عام 2006، كان الرئيس واضحاً بأنه سيعمل ضمن هذا المسار، ولقد جاء لتحقيق السلام... لكنه وصل إلى اقتناع تام بأن دولة الاحتلال لم تعد معنيةً بذلك، وهو السبب الرئيسي برأيي الذي يقف خلف قراره التنحي». وأشار إلى أن «عباس لا يرغب في الوقت نفسه بتركِ فراغٍ سياسي، ولكنه يريد التنحّي حسب النظم والقوانين حتى تكون من بعده جهة صاحبة قرار ومسؤولية تقود الساحة الفلسطينية».
ومضى يقول: «يجب ترك مسألة استمرار الرئيس في منصبه، أو العكس، إلى حين اجتماع المجلس الوطني والمؤتمر الحركي السابع لحركة فتح»، لافتاً إلى حق «أبو مازن» في التنحي، ولكن «للجمهور الفلسطيني أيضاً الحق في أن يقرر إن كان هذا الأمر مقبولاً أو لا».
وحول المرشح الأبرز لخلافة عباس، أشار الشكعة إلى حساسية الموضوع، بالقول: «الراغبون في تولّي المنصب كثر، ولكنني أعتقد أن الأمور لن تصل إلى هذا الحد، فالمجتمعون في المجلس الوطني والمؤتمر السابع سيكون لهم رأيهم، ومن يعرف أبو مازن يعرف أنه ليس سهلاً عليه رفض مطالب الشعب».
وعمّا تناقلته وسائل الإعلام عن نية مدير المخابرات العامة، اللواء ماجد فرج، المجيء خلفاً لعباس، استبعد أن يكون فرج طامعاً بالرئاسة، وقال: «من حقه (فرج) أن يكون له موقع متقدم في حركة فتح، ولو صدق حدسي فإنه من أشد الناس إصراراً على بقاء أبو مازن رئيساً للجنة التنفيذية وفتح».
وتحدث الشكعة عن اهتمام «اللجنة التنفيذية»، خلال اجتماعها، بمسألة زيادة تمثيل المرأة داخل اللجنة، مشيراً إلى وجود لجنة من الأمناء العامين للفصائل والتنفيذية للتشاور في موضوع اختيار أعضاء «التنفيذية». وتمنى في الوقت نفسه أن يكون هناك أكثر من امرأة في اللجنة المنوي انتخابها.

«من يعرف أبو مازن، يعرف أنه ليس سهلاً عليه رفض مطالب الشعب»

وفي ما يتعلق بالآليات التي بحثتها القيادة الفلسطينية لضمان مشاركة أعضاء «المؤتمر الوطني» من داخل فلسطين وخارجها، بيّن أن اللجنة في اجتماعها الأخير «شددت على أن الجميع مطالبون بالعمل على حضور معظم الأعضاء ومن مختلف التوجهات ليتحقق النصاب».
واستدرك: «لدى (حركة) حماس وجهة نظر مختلفة حول انعقاد دورة المجلس الوطني، ففي غزة نحو 160 عضواً من مختلف الفصائل، لذلك الأمر مرتبط بقرار الإخوة في حماس المشاركة في المجلس أو السماح للأعضاء الآخرين بالحضور من القطاع إلى الضفة... المسألة الأخرى متعلقة بدولة الاحتلال المتحكمة في المعابر، سواء مع غزة أو الأردن».
وعلّق على بيان تحالف القوى الفلسطينية الذي رفض عقد جلسة المجلس الوطني، بالقول: «الأخ أحمد مجدلاني (وزير العمل السابق) موجود في دمشق وتشاور مع الفصائل، وهناك إمكانية كبيرة في أن يكونوا شركاء في المجلس الوطني المقبل».
وعن رؤيته لضخ دماء جديدة في المنظمة، وإشراك حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» فيها، أكد الشكعة أن الحل هو الانتخابات... «الاتفاق المتعلق بالسلطة والمنظمة والمجلس التشريعي والرئاسة له طريق وحيدة هي الذهاب إلى صندوق الاقتراع بعيداً عن المناكفات، ولنترك الناس تختار من سيقود المسيرة وأي سياسة يريد الشعب انتهاجها للوصول إلى الحل المنشود».
ولكنه نفى، في الوقت نفسه، أن يكون هناك نية لحلّ السلطة، لافتاً إلى إمكانية «انهيارها بفعل إجراءات الاحتلال وتقاعس الدول المانحة عن الوفاء بالتزاماتها المالية».
على صعيد آخر، نبّه العضو المستقيل من اللجنة إلى أنه يجب «الاتفاق على تنفيذ المصالحة بين فتح وحماس وتبنّي استراتيجية موحّدة وحكومة توافق أو وحدة وطنية». وقال: «إذا بقينا عاماً آخر بهذه الظروف فستذهب القضية أدراج الرياح... الأمر بهذه البساطة، وبهذه الخطورة».





«الشعبية» لا تريد المشاركة، و«حماس» ضد، و«الجهاد الإسلامي» مع التأجيل

علمت «الأخبار» من مصادر موثوق بها أن «المزاج العام السائد في أوساط اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هو رفض المشاركة في الجلسة (للمجلس الوطني) واعتبارها غير شرعية، وتكريساً مُتعمّداً لحالة الشرذمة والانقسام في الساحة الفلسطينية».
وعملياً، تشوب العلاقة بين «الجبهة الشعبية» وقيادة المنظمة (حركة «فتح») حالة من التوتر والتصعيد المُتبادل، ولا سيما خلال السنتين الأخيرتين؛ فقد اتخذت قيادة المنظمة «سلسلة إجراءات عقابية بحق الجبهة، أكثر من مرة، بسبب مواقف الأخيرة من المفاوضات مع العدو ورفضها سياسة التنسيق الأمني ونهج الرئيس محمود عباس في إدارة الشؤون الداخلية».
وكانت «الشعبية»، وهي الفصيل الثاني كبراً في المنظمة ومن القوى الرئيسية والمؤسسة لها، قد تعرضت «لضغوط سياسية كبيرة حتى تشارك في هذه الجلسة»، وفق المصادر.
في الوقت نفسه، لا تزال حركة «حماس» تصرّ على رفض المشاركة واعتبار ما يجري مسرحية سياسية، برغم أن المتحدث باسم الحركة في غزة، سامي أبو زهري، قال لـ«الأخبار» إن «حماس لن تمنع حماس أحدا من الفصائل في غزة من المغادرة لحضور جلسة مجلس الوطني الفلسطيني في رام الله، لأن حماس تحترم الفصائل الأخرى ولسنا كما عباس».
في المقابل، دعا نائب الأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، قيس أبو ليلى، أمس، «حماس»، إلى «المشاركة في فعاليات المجلس الوطني»، مطالباً الحركة بعدم تغييب حضورها «المهم».
أما «حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين»، فدعت إلى تأجيل عقد دورة المجلس الوطني. وقالت الحركة إن أمينها العام، رمضان شلّح، طلب خلال لقائه عضو اللجنة المركزية لـ«فتح»، عزام الأحمد، في القاهرة يوم الجمعة الماضي، تأجيل عقد «المجلس الوطني». كذلك دعا شلّح إلى ضرورة عقد اجتماع موحّد بين الفصائل والقوى كافة «لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وحماية قضيته، والإسراع في عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير».
إلى ذلك، قال أبو زهري، إن استمرار الخلافات داخل «فتح» في عدد من المناطق في قطاع غزة يعكس «ديموقراطية العنف التي تمارسها فتح بين أبنائها»، في إشارة إلى عراك بين أنصار محمود عباس والنائب المفصول من فتح محمد دحلان، في جامعة الأزهر أمس.
(الأخبار)