عشر ساعات فصلت بين عملية مأرب التي أدت إلى مقتل 92 عسكرياً، بينهم 60 من قوات التحالف (بحسب الأرقام التي اعترفت بها حكومة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي)، وبين العمليات الجوية الهستيرية التي شنها طيران التحالف على العاصمة صنعاء. في اليومين الماضيين، شهدت صنعاء أعنف الغارات على الإطلاق بالتزامن مع استهداف مواقع للمرة الأولى، انتقاماً من العملية النوعية التي مثلت مفصلاً في العدوان على اليمن.
الضربة القاصمة التي تلقتها السعودية والإمارات والبحرين، بمقتل العشرات من ضباطها وجنودها، انعكست في تصريحات مسؤولي هذه الدول التي لم تخلُ من لهجة التهديد والوعيد. الإمارات التي عرفت أول من أمس أقسى خسارة عسكرية منذ تأسيس الدولة عام 1971، توعدت بـ«الانتقام الفوري»، لجنودها الـ 45 الذين قتلوا في مأرب. ونقلت الصحف الإماراتية عن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، قوله «ماضون بعزم حتى تطهير اليمن من الحثالة»، مضيفاً: «ثأرنا لا يبات».
من جهته، تعهد نجل ملك البحرين وقائد الحرس الملكي، ناصر بن حمد آل خليفة، أثناء زيارته مصابي القوات البحرينية المشاركين في التحالف، بـ«الثأر للجنود»، داعياً القوات الإماراتية إلى «قتل خمسة مقابل كل شهيد بحريني».
وكانت عملية مأرب التي حصّنت المحافظة والعاصمة صنعاء من هجمات برّية في المدى المنظور، قد شغلت العالم في اليومين الماضيين، فيما عاشت دول التحالف تخبطاً ملحوظاً قبل الاعتراف بخسائرها، ولا سيما السعودية التي كانت آخر من أعلن رسمياً مقتل جنودها العشرة.

استهدف طيران
التحالف مبنى السفارة الإماراتية في العاصمة


أما فريق هادي المقيم في الرياض، فأرجع العملية التي نفذها «أنصار الله» في مأرب بواسطة صاروخ «توشكا» إلى «الخيانة العسكرية». وحمّل المتحدث باسم وزارة الدفاع في الحكومة المستقيلة، علي البكالي، «بعض الضباط» مسؤولية العملية في مأرب، مشككاً في ولائهم «للشرعية»، قائلاً إنهم «لا يزالون يدينون بالولاء للحوثيين وصالح». واعترف البكالي بـ«وجود خطأ في تقدير الموقف بالنسبة إلى تحرير شبوة» التي اتضح أن الصاروخ انطلق منها، لا من محافظة مأرب، موضحاً أن هذه الحادثة تؤكد أن محافظة شبوة «لم تحرر بعد». وأكد أنه «لا يمكن إعطاء الثقة حالياً سوى للجيش الجديد الذي يعاد تشكيله، في حين يجب إعادة النظر في ولاءات الجيش القديم»، مطالباً بإعادة هيكلته وقياداته أيضاً.
وفجر أمس، استهدف التحالف المعادي مواقع جديدة في صنعاء. منها حديقة «21 سبتمبر» (مقر الفرقة الأولى مدرع التي أسسها سابقاً اللواء الفار علي محسن الأحمر) وسط العاصمة، بالإضافة الى قاعدة الديلمي الجوية وجبل النهدين ودار الرئاسة. واللافت في تلك العمليات كان استهداف مبنى السفارة الإماراتية التي تقع في منطقة الصافية وسط العاصمة، ومقر المركز الثقافي السوري الواقع في منطقة مزدحمة بالسكان. هذه الغارات أصابت أهدافاً مدنية مباشرة، ما أسفر عن استشهاد 12 مدنياً؛ بينهم أربع نساء ورضيعان.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، تميم الشامي، إن حصيلة شهداء يومي السبت والأحد هي 37 شهيداً و25 جريحاً، وإن الغارات استهدفت مباشرة منازل مواطنين في حي النهضة وعمارة سكنية في حي حدة في صنعاء مساء أول من أمس.
وفيما خلت شوارع العاصمة صنعاء من المارة وأغلقت المتاجر، تسببت إحدى الغارات التي أصابت محيط مستشفى السبعين للأمومة والطفولة، بخروجه عن الخدمة. وقال الشامي إنه تم توزيع نزلاء المستشفى على بقية مستشفيات العاصمة. من جهته، قال مصدر في مستشفى السبعين إن طفلين رضيعين استشهدا وأصيب عدد من كوادر المستشفى جراء الغارات التي وقعت في محيط المستشفى والمنشآت المجاورة له.
(الأخبار)