واشنطن تعرض حوافز... وتلوّح بعقوباتأعرب شريكا الحكم في السودان عن استعدادهما للمضي قدماً باتجاه إجراء الاستفتاء على مصير الجنوب، متعهدين باحترام نتائجه، في وقتٍ أعاد فيه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التلويح بسياسة العصا والجزرة

واشنطن ــ محمد سعيد
تعهد شريكا الحكم في شمال السودان وجنوبه «ببذل كل الجهود» لضمان إجراء استفتاء يحدد مصير جنوب السودان، سواء بالوحدة أو الاستقلال، في موعده في التاسع من كانون الثاني المقبل، وأن يتمتع ذلك الاستفتاء بصدقية تعكس رغبات شعب جنوب السودان.
وأكدا، في بيان صدر عقب انتهاء مؤتمر نيويورك عن السودان على هامش أعمال الجمعية العامة الذي حضره نحو أربعين رئيس دولة وحكومة، تنفيذ اتفاقية السلام الشامل الموقعة عام 2005، ودعَوا إلى سرعة التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة والمتمردين في دارفور.
وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد أكد في كلمته خلال المؤتمر ضرورة التزام السودان بالتنفيذ الكامل لاتفاق السلام الشامل، وكذلك بالموعد المحدد لإجراء الاستفتاء.
وقال أوباما: «لم يعد باقياً على موعد الاستفتاء سوى 100 يوم تقريباً، وهذا التجمع الذي نشهده اليوم هو رسالة واضحة للسودانيين بأن ما يحدث في السودان يهم كل دول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء ويهم العالم بأسره». وأضاف: «علينا العمل على ضمان تقديم كل المساعدات لجنوب السودان بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء»، مؤكداً في الوقت نفسه وجود «التزامات على حكومة السودان لا بد من تنفيذها، وأنه لن يكون هناك تسامح لمن يرفض تحقيق السلام فى السودان».
وتحدث أوباما عن أن هناك مسارين مقبلين في السودان. وأشار إلى أنه بالنسبة إلى هؤلاء الذين يتجاهلون مسؤولياتهم، فإن العواقب ستكون مزيداً من الضغوط وعزلة أكبر. أما بالنسبة إلى هؤلاء الذين يلتزمون بتعهداتهم، فسيؤدي هذا إلى إقامة علاقات أفضل بين الولايات المتحدة والسودان.
وتحدث الرئيس الأميركي عن ضرورة محاسبة مثيري العنف في دارفور، والمتورطين في ارتكاب انتهاكات في السودان، «فجرائم الإبادة الجماعية لا يمكن قبولها».
من جهته، تعهد نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه، بالتزام إجراء الاستفتاء في موعده والقبول بنتائجه، وان لم يفته بالطبع انتقاد غياب الرئيس السوداني، عمر البشير، بسبب صدور مذكرتي توقيف بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامه بالتورط في ارتكاب أعمال إبادة وجرائم حرب في دارفور.
وأكد أن الحكومة السودانية «بالتعاون مع شركائنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان والمجتمع الدولي ستسعى لأن يكون الاستفتاء عادلاً وشفافاً ويعكس على نحو حقيقي رغبة شعب جنوب السودان»، مشيراً إلى أن «اتفاقية السلام تتجه نحو آخر مراحلها وأدقها، هي حكم شعبنا في الجنوب في تحديد مصيره والسودان كله».
بدوره، اتفق نائب الرئيس السوداني، رئيس الحركة الشعبية، سيلفا كير ميارديت مع طه بقوله: «لقد دخلنا لحظة حاسمة في تاريخ السودان». وحذر من أن «أي تأخيرات (في الاستفتاء) تهدد بالعودة إلى عدم الاستقرار والعنف على نطاق واسع». وتحدث عن النتيجة المرجحة للاستفتاء، مشيراً إلى أن «كل الدلائل واستطلاعات الرأي تشير إلى أن شعب (جنوب) السودان سيصوت بغالبية ساحقة لإقامة دولته المستقلة».
من جهته، رأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لدى افتتاحه المؤتمر، أنه ينبغي على شريكي الحكم إيجاد وسيلة لحل خلافاتهما سلمياً، لأنه «لا يمكن أن يتحمل الشعب السوداني استئناف الصراع».
وفي سياق تفسير سياسة العصا والجزرة التي أشار إليها أوباما في خطابه تجاه السودان، نقلت مصادر أميركية مطلعة عن المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان سكوت غرايشن حديثه في اجتماع مغلق مع جماعات معنية بالسودان يوم الاثنين الماضي عن تفاصيل الحوافز والعقوبات.
ووفقاً للمصادر، قال غرايشن: «نقر بأن شمال السودان سيخسر بعض موارد عوائده المالية إذا ما انفصل جنوب السودان، ونحن سنساعدهم باتخاذ خطوات تسمح بتجارة إضافية واستثمارات في السودان، وأمور أخرى مثل إعفاء من الديون والاستثمارات في القطاعات غير النفطية». وفي الجانب الدبلوماسي، أوضح غرايشن أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لتبادل السفراء مع الخرطوم. كذلك فإنه في حال تنفيذ الرئيس السوداني لاتفاق السلام الشامل وإنهاء الوضع في دارفور، فإن الولايات المتحدة ستنظر في رفع العقوبات المفروضة على السودان.
وسيُنظَر في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإلغاء المراسيم الرئاسية الأميركية التي تفرض قيوداً على الاقتصاد السوداني وقانون سلام دارفور ومحاسبة السودان.
وأما عن العواقب المحتمل أن تواجهها الحكومة السودانية، فتشير المصادر إلى فرض عقوبات إضافية على السودان تصل إلى حد منع مسؤولين في الحكومة السودانية من مغادرة الخرطوم وتجميد الأرصدة الخارجية للحكومة.