فراس خطيبربّما أشرفت قضية «وثيقة غالانت» على نهايتها التقنية، لكنَّ التوتر الذي خلّفته لا يزال يهيمن على الأجواء في هيئة الأركان الإسرائيلية العامة. وزير الدفاع إيهود باراك، الذي خرج ـــــ إعلامياً على الأقل ـــــ رابحاً من القضية، ظل صامتاً، إلى أن اختار أمس حدثاً احتفالياً (شرب نخب السنة العبرية الجديدة) ليوّجه سهامه نحو رئيس أركان الجيش غابي أشكينازي. وتجلّى التوتر، الذي تحدثّت عنه وسائل الإعلام على مدار الشهور الماضية، جلياً في خطاب باراك، إذ إنه لم يكتفِ بتحقيق الشرطة في قضية الوثيقة، بل عيّن لجنة تحقيق أخرى وسط «صدمة» جنرالات هيئة الأركان.
وكانت وثيقة غالانت التي قالت الشرطة إنَّها مزوّرة، قد تحدثت عن ضرورة تعميق الخلاف (الموجود أصلاً) بين أشكينازي وباراك لتعيين قائد المنطقة الجنوبية في الجيش، يوآف غالانت، خلفاً لأشكينازي، قبل أن يتبيّن أنّ الوثيقة مزورة على يد ضابط سابق.
ووصف باراك، في الاحتفال المذكور، قضية الوثيقة بأنَّها «عملية فاسدة هزَّت الدولة على مدار أسابيع، وألحقت ضرراً عميقاً بثقة الجمهور بالجيش». وأعرب عن قلقه من «محاولة عدد من الضباط الكبار النظاميّين والاحتياط وقف وتأجيل عملية تعيين رئيس أركان جديد، والتأثير بصورة غير شرعية في النتيجة»، موضحاً أنَّ المحاولة المذكورة «كادت أن تنجح».
لكنَّ باراك لم يكتف بالهجوم العام على «بعض السلوكيات» داخل الجيش، بل وجّه سهامه إلى أشكينازي من دون أن يسمّيه، مذكّراً إياه بأنَّه يخضع له. قال باراك إنَّ «الجيش يحمي دولة إسرائيل، وقائد هيئة الأركان هو الرتبة القيادية الأعلى في الجيش، والجيش خاضع للحكومة، وقائد هيئة الأركان خاضع لوزير الدفاع». ورغم أنّ باراك لم يذكر اسم أشكينازي مباشرةً، فإنَّ الحضور من قيادة المؤسسة العسكرية أدركوا أنَّ باراك لمّح في كلامه إلى أنَّ أشكينازي «تآمر عليه». وأجمع المحلّلون على أنّ أهم ما جاء في كلمة الوزير عدم اكتفائه بنتيجة التحقيق الذي خلصت إليه الشرطة في «وثيقة غالانت»، إذ أوحى أنّ القضية بالنسبة إليه لم تنتهِ بعد، معلناً تأليف لجنة تحقيق برئاسة لواء الاحتياط إسحاق بريك (مقرّب من باراك)، الذي «يوصيني أيّ خطوات يجب اتخاذها».
وكتب المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، أنّ باراك «حضر إلى حفل رأس السنة (العبرية) وهو مصرّ على هزّ هيئة الأركان العامة، وخصوصاً رئيسها». ووفقاً للضباط الذين خرجوا من الحفل، فإنّ باراك «نجح في المهمة، لكن عندما خرج من الغرفة، ترك وراءه هيئة أركان عامة محطَّمة».
وفي السياق، رأى المحلل العسكري في «هآرتس»، عاموس هارئيل، أنّ باراك يسعى إلى تقصير ولاية أشكينازي واستبداله بغالانت قبل نهاية ولاية الأول في أواخر كانون الثاني المقبل. ولفت هارئيل إلى أنّ وزير الدفاع ليس الوحيد الذي يعتقد أنّ تحقيق الشرطة ترك أسئلة مفتوحة بشأن «وثيقة غالانت»، وأنّ أشكينازي ومعظم كبار الضباط ليسوا مقتنعين بأنّ المقدم في الاحتياط بوعاز هرباز عمل وحده في تزوير الوثيقة، ويلمّحون إلى ضلوع باراك أو أحد مساعديه في القضية.
وفي إطار التعيينات العسكرية، كشفت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنَّ قائد شعبة الاستخبارات العسكرية، عاموس يدلين، تلقّى عرضاً لترؤّس جهاز الاستخبارات الخارجية، الموساد، ليخلف مئير داغان، الذي جلس على كرسيه 8 سنوات. تجدر الإشارة إلى أنّه سبق لأرييل شارون أن عيّن داغان، وحظي بتمديد تلو الآخر لولايته التي يتفق المراقبون على أنها ستنتهي قريباً، وسط غموض يلفّ هوية الرئيس الجديد لأشهر الأجهزة الاستخباريّة في دولة الاحتلال.