نتنياهو مستعد «لاتفاق إطار» لا يتضمن قضايا الوضع النهائي... وكلينتون لن تلوم الفلسطينيين إذا قرّروا الانسحاب
واشنطن، القدس المحتلّة ــ الأخبار
لم تُجمع المصادر الفلسطينية المطّلعة على المفاوضات في واشنطن والصحف الإسرائيلية على ما دار من حوارات بين طرفي المفاوضات وراعيهما. فبدت واشنطن كأنها تضغط على الفلسطينيين حتى لا ينسحبوا من المحادثات إذا استمر الاستيطان، فيما تضغط في الوقت نفسه على إسرائيل لتمديد التجميد.
وأعلن مصدر مطّلع على الاجتماع الثنائي بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الأخيرين اتفقا على أن «تكون الحدود القضية الأولى التي ستبحث من بين قضايا الحل النهائي الست، على أن تشمل أيضاً المستوطنات».
وأوضح المصدر لـ«الأخبار» أن عباس شرح لنتنياهو بالتفصيل كل ما جرى التفاوض عليه مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، ثم انتقل إلى قضية الاستيطان، فقال إنه «لن يكون قادراً على مواصلة المفاوضات إذا استؤنفت أعمال البناء في المستوطنات بعد السادس والعشرين من الشهر الجاري، موعد انتهاء التجميد». فأجاب نتنياهو بأنه «سيكون من الصعب عليه تمديد فترة التجميد».
عندها سأله عباس: «ما الذي تنوي القيام به في السادس والعشرين؟»، فقال نتنياهو «انظر. لا يزال أمامنا متسع من الوقت حتى ذلك التاريخ، وأعتقد أنه بإمكاننا أن نحقق الكثير». وأضاف «أنا جاد جداً في ما خصّ المفاوضات. فقط جرّبني».
ولفت المصدر إلى نقطتين؛ الأولى هي أن نتنياهو لم يثر طوال الاجتماع مسألة اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، والثانية تتمثل في أن الوفد الإسرائيلي أبلغ نظيره الفلسطيني أن التجميد سينتهي في الثلاثين من الشهر الجاري لا في السادس والعشرين.
وقال المصدر نفسه إن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أبلغت عباس أن الإدراة الأميركية «لن تلوم الفلسطينيين إذا قرروا الانسحاب من المفاوضات إذا لم تمدّد حكومة نتنياهو تجميد الاستيطان».
نتنياهو لعبّاس: أنا جاد جداً في ما خصّ المفاوضات، فقط جرّبني
في المقابل، ذكر موقع «معاريف» الإلكتروني أن كلينتون قالت لنتنياهو «عليك تجميد البناء في المستوطنات حتى نهاية العام الجاري على الأقل. وإذا لم تقم بذلك، فستنفجر المفاوضات وتنهار». وأضاف أن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية انضموا إلى وزيرة الخارجية في مسعاها، وأبلغوا نتنياهو أن حججه لم تعد مقبولة مطلقاً، وقالوا «لا يمكنك الاحتفاظ بوضعك السياسي على حساب وضع أبو مازن السياسي. وإذا قمت بذلك، فلن تجد لك شريكاً».
وإذا كانت هذه المجموعة في الإدارة الأميركية تمارس الضغط على نتنياهو، فقد نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر فلسطينية في واشنطن قولها إن «(الرئيس الأميركي باراك) أوباما يمارس ضغطاً كبيراً على عباس للاستمرار بالمفاوضات المباشرة، حتى لو أعلنت إسرائيل الاستمرار بالاستيطان». وأشارت المصادر إلى أن أبو مازن «قد يقبل وجود بعض الكتل الاستيطانية في يد إسرائيل، كالأحياء اليهودية في القدس ومعاليه أدوميم وغوش عتصيون، لكنه يرفض وجود مستوطنة أريئيل لأنها في قلب الضفة، وتشطرها إلى نصفين».
وفي ما يتعلق باللاجئين، قالت الصحيفة إن «الفلسطينيين غير مصرّين هذه المرة على أن تتحمّل إسرائيل المسؤولية عن مشكلة اللاجئين. وقد تقبل عودة بضع عشرات آلاف منهم إلى داخل حدود إسرائيل كلفتة إنسانية، فيما ستُحلّ مشكلة اللاجئين داخل الدولة الفلسطينية».
وعن تبادل الأراضي، قالت المصادر إن السلطة «لن تقبل تبادل أراض خصبة في الضفة بأراض صحراوية، لكنها ستقبل بأراض بذات الحجم والجودة».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فذكرت أن نتنياهو طالب الرئيس الأميركي بالتدخل لدى الفلسطينيين ليكفّوا عن الاشتغال بـ«مسائل هامشية» مثل مسألة البناء الاستيطاني. ووفقاً للصحيفة، فإن نتنياهو «لا يريد أن تتطرق المفاوضات في مراحلها الأولى إلى القضايا الجوهرية الشديدة الحساسية في الصراع: الحدود والمستوطنات واللاجئين والقدس، بل يريد إرجاء مناقشتها إلى مراحل متقدمة». وأضافت أن بيبي «معنيّ في المرحلة الأولى بوضع الترتيبات الأمنية الضرورية لإسرائيل»، وعليه اقترح أن يُرجأ تطبيق أي اتفاق في شأن المستوطنات إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات، وأن يُطبّق الاتفاق الدائم «على مدى سنوات كثيرة».
وتابعت الصحيفة أن نتنياهو أبدى تحفّظه على اقتراحات أوروبية وفلسطينية بنشر قوات دولية في الضفة الغربية وغور الأردن، بداعي أن هذه القوات تفتقر إلى القدرة على فرض النظام. إلا أنها أشارت إلى أن «نتنياهو أكد لأوباما أنه مستعد للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين خلال عام من المفاوضات، لكن فقط إلى اتفاق مبادئ لا إلى اتفاق دائم لحل الصراع، وذلك لفحص أهليّة الفلسطينيين وقدرتهم على تنفيذ الاتفاقات». وأضافت الصحيفة أن بيبي أبلغ أوباما أن «عباس ليس الشريك الملائم لإجراء مفاوضات تؤدي إلى اتفاق يضع حداً للصراع».
في هذا الوقت، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن نتنياهو «لا يستبعد اللجوء إلى استفتاء» في إسرائيل في حال التوصل إلى اتفاق.
وفي ردود الفعل، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، إلى «إعطاء فرصة» للمفاوضات، متسائلاً في الوقت نفسه عمّا إذا كانت إسرائيل «مستعدة» فعلاً لتوقيع «سلام حقيقي».
بدوره، تحدث الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عن «بداية واعدة جداً» لمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، آملاً أن «تؤدي إلى نجاح فعلي». وصرّح للصحافيين، على هامش منتدى امبروسيتي الذي يضم شخصيات سياسية واقتصادية في تشرنوبيو بشمال إيطاليا، بـ«أنها بداية واعدة جداً». ورحّب الرئيس الإسرائيلي بـ«النداء التاريخي» من أجل السلام الذي وجهه نتنياهو، معتبراً أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو «أيضاً رجل سلام».