في إشارة إلى يأس إسرائيل من إمكانية التصالح مع أنقرة، بدأت تل أبيب بالبحث عن بدائل للحليف السابق تركيا. بدائل علّها تعوّض الخسارة وتطوّق الحليف القديم عبر التحالف مع خصومه وحتى أعدائه التقليديين
محمد بدير
كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أنّ إسرائيل تسعى إلى بلورة حلف استراتيجي جديد مع دول بلقانية بديلاً عن حلفها المنهار مع تركيا. وقالت الصحيفة إن «حلف البلقان» الذي تعمل إسرائيل على إنشائه يضم دولاً محيطة بتركيا تشعر بالقلق من سياسة رئيس وزرائها، رجب طيب أردوغان. وأهم هذه الدول اليونان وبلغاريا اللتان اهتمّت تل أبيب بتوثيق علاقتها بهما في العام الماضي. إلا أن مروحة الدول التي تطمح إسرائيل إلى تطويق تركيا عبرها تشمل أيضاً قبرص ورومانيا وصربيا والجبل الأسود ومقدونيا وكرواتيا. ووفقاً لـ«هآرتس»، فإنّ هذه الدول تشارك إسرائيل قلقها من «التطرف» في أنقرة، ومن تسلُّل الجهاد العالمي إليها، وجميعها ترى أن هناك فرصاً للتعاون الأمني والاقتصادي والتكنولوجي مع تل أبيب.
وإذ رأت الصحيفة أن الحلف المذكور يُعدّ الخطوة الدبلوماسية الأهم لحكومة بنيامين نتنياهو المتعثرة، فقد أشارت إلى أن التعاون الاستخباري والتدريبات العسكرية المشتركة والسياحة المتبادلة، هي من بين العناصر التي يقوم عليها هذا الحلف.
وبحسب الصحيفة، فإن من العوامل التي أحدثت التحول الإيجابي في سياسة اليونان وبلغاريا إزاء إسرائيل، الرؤية الشخصية لدى كل من رئيس وزراء بلغاريا، بويكو بوريسوف، ونظيره اليوناني جورج باباندريو (الصورة). فبوريسوف كان سابقاً المدير العام لوزارة الداخلية البلغارية والمسؤول عن مكافحة الإرهاب، وبعد أن أصبح رئيساً للوزراء، زار إسرائيل في كانون الثاني الماضي، واقترح على نتنياهو توثيق التعاون بين البلدين. كما طلب بوريسوف خلال الزيارة الاجتماع برئيس «الموساد»، مائير دغان، وأبدى رغبته بتوسيع التعاون الاستخباري بين البلدين.
بعد 60 سنة من السياسة المؤيدة للعرب، اكتشف اليونانيون أنّهم لم يستفيدوا شيئاً
ولفتت الصحيفة إلى أنّ الصحافة البلغارية نشرت قبل شهر «صورة استثنائية جداً» جمعت بوريسوف ودغان، تزامنت مع بيان بلغاري أكد أنّ الرئيس وضيفه الإسرائيلي «أعربا عن الرضى من التعاون والعمليات المشتركة الناجحة لجهازي الأمن» لبلديهما. ونقلت «هآرتس» عن دبلوماسي إسرائيلي قوله إن حادثة «أسطول الحرية» زادت الرغبة البلغارية في التعاون الأمني والاستخباري، «لأنهم فهموا أن ثمة خطراً كبيراً عليهم. ممنوع أن ننسى أنهم ظلوا 500 سنة تحت الحكم التركي».
وعن «التسخين الدراماتيكي» للعلاقات مع اليونان، أشارت الصحيفة إلى أن القضية بدأت بلقاء بين نتنياهو وباباندريو في أحد المطاعم الروسية في شباط الماضي. وفي أعقاب اللقاء، «فهم رئيس الوزراء اليوناني، الذي يرى نفسه سياسياً دولياً ويتطلع إلى دور في عملية السلام، أن عليه أن يغير علاقاته بإسرائيل. وجاءت حادثة الأسطول بعد 3 أشهر لتدفع الجيش أيضاً وأجهزة الأمن اليونانية إلى دعم القيادة السياسية في التقرب من إسرائيل».
وبحسب «هآرتس»، فقد كان للأزمة الاقتصادية في اليونان أيضاً دور في قرار باباندريو. «فبعد 60 سنة من السياسة المؤيدة للعرب، اكتشف اليونانيون أنهم لا يتلقّون مساعدة اقتصادية أو استثمارات من الدول العربية»، الأمر الذي ولّد خيبة أمل لديهم، على حد تعبير دبلوماسي إسرائيلي. وأضافت الصحيفة أن الكيمياء بين نتنياهو وباباندريو تحوّلت إلى علاقات وثيقة تجد تعبيرها في محادثات هاتفية أسبوعية بينهما. ولفتت إلى أنه في أعقاب «الزيارة التاريخية» التي قام بها رئيس الحكومة اليونانية إلى الدولة العبرية، في تموز الماضي، وزيارة نتنياهو لأثينا بعدها بأسبوعين، تمّ تعيين شخصيات رفيعة المستوى في الجانبين لدفع العلاقات بينهما قدماً.
وفي إشارة إلى التحوّل اليوناني، لفتت الصحيفة إلى تغيير أثينا أنماط تصويتها في الأمم المتحدة في القضايا المتعلقة بإسرائيل. كما زار نائب وزير الدفاع الإسرائيلي متان فيلنائي، واللواء في الاحتياط، عاموس جلعاد، أثينا أخيراً لإجراء محادثات أمنية، فيما قام سلاحا جو الطرفين بتدريبات مشتركة واسعة النطاق. وشدّد دبلوماسي إسرائيلي للصحيفة أن «عام 2011 سيكون عام تعاون أمني واستراتيجي مع اليونان».