لطالما ارتفعت في المخيمات الفلسطينية أعلام فصائل المقاومة، ولطالما انتشرت في أزقتها صور شهداء هذه الفصائل. لكن كثافة في نشر إعلام الجهتين كانت لافتة أخيراً، أما السبب فبحسبهما... الوحدة الوطنية

قاسم س. قاسم
على باب مخيم برج البراجنة تدور «حرب» هادئة، ميدانها أعمدة الكهرباء. «الأسلحة» المستخدمة فيها من النوع الجغرافي، إذ اقتصرت أدوات المعركة على من يضع علَم فصيله في موقع أعلى من علم الفصيل الآخر. أما المتضرر من «حرب العلمين»، فهو بطبيعة الحال العلم الفلسطيني الذي غاب عن ساحة المعركة كلياً. هكذا، ورغم «فرط» عقد المصالحة التي كان يعوّل عليها أبناء المخيمات بين فتح وحماس في دمشق، ينشط مناصرو الطرفين في إثبات حضورهما في المخيم من خلال كثافة نشر أعلامهما وصور شهدائهما. للوهلة الأولى يبدو أن هناك معركة بين علمي الفصيلين، إذ بعد تعليق حماس أعلامها الخضراء على أعمدة الكهرباء في نزلة العاملية منذ أيام، رفعت فتح علمها الأصفر تماماً فوق رايات حماس، ليبدو الأمر نوعاً من الرد. لكن «الخبرية" ليست بالسوء الذي قد توحي به للبعض. إذ يقول أحد قادة حركة فتح في المخيم في رد على سؤال لـ«الأخبار» إن ما جرى كان مقرراً بين الفصيلين وذلك بهدف إظهار الوحدة الوطنية الفلسطينية!. إذ بعد دورة الشهيد ياسر عرفات في كرة القدم التي ضمّت فرقاً من فصائل منظمة التحرير وتحالف القوى الفلسطينية، قرر الفصيلان المتنازعان استكمال «عرض وحدتهما الوطنية» من خلال وضع علميهما الواحد بقرب الآخر، وكأن تجاور العلمين سينهي الخلاف المستمر منذ عام 2007 بين الفصيلين. لكن المفارقة «اللذيذة»، بالرغم من الهدف «النبيل» الذي وضعه مسؤولو الفصيلين في المخيم لإظهار وحدتهما، كانت في أن عناصر فتح أبوا إلا أن يرفعوا علم فصيلهم أعلى من علم حماس. مظاهر الوحدة التي قرر الفصيلان القيام بها لم تقتصر على رفع أعلامهما بل تعدتها إلى رفع صور جديدة لمسؤولي الفصيلين وشهدائهما. هكذا، تستقبل عبارة «الثابت على الثوابت»، كما تصفه اللافتة المعلقة على باب المخيم الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس، الداخل إليه. لا تختلف صورة عباس القديمة التي أزيلت بسبب تغير ملامحه وبهتان الألوان، عن الجديدة. «البوز» نفسه، لكن الألوان الجديدة أعطت الحياة لملامح الرجل. بالقرب من عباس ارتفعت صورة الشهيد أبو عمار، ليفتقد المشهد صور أبو إياد (صلاح خلف)، وأبو جهاد (خليل الوزير)، اللذين أزيلت صورهما. شهداء حماس لهم حصتهم أيضاً على مدخل المخيم، لكن من جهة العاملية وتحديداً في ساحة القدس. إذ علقت صور الشهيد المؤسس للحركة الشيخ أحمد ياسين والشهيد عبد العزيز الرنتيسي. لكن المفارقة الكبرى أنه مع تأكيد الطرفين أن الهدف هو الوحدة الوطنية، فإن الغائب الأكبر عن هذه الوحدة الشكلية، هو رمزها الحقيقين أي العلم الفلسطيني الذي غاب عن المشهد.
ومع وضع حركة فتح أعلامها فوق أعلام حماس، نزعت الأخيرة أعلامها وتعليقها عن جدران المنازل المطلّة على نزلة العاملية منعاً للاستفزازات. واليوم يمكن الداخل إلى المخيم من أي من المداخل، أن يرى صور الفصائل وأعلامها بمختلف ألوانها، حتى أن هناك حصة كبيرة لمناصري القضية الفلسطينية: هنا صورة لرئيس وزراء الحكومة التركية رجب طيب أردوغان المنتظرة زيارته إلى لبنان، وببعض الحظ ربما المخيمات الفلسطينية حيث ارتفعت اسهمه منذ مشادته الشهيرة مع بيريز، كما ارتفعت صورة أخرى عملاقة لقائدي الثورة الإسلامية ومرشديها الإمامين الخميني والخامنئي على سطح أحد منازل المخيم. وبين أصفر فتح وأخضر حماس، ضاعت ألوان الوحدة الوطنية في زحمة الصور والشعارات وأعلام الفصائل الفلسطينية.


ألوان علم

صمم الشريف حسين العلم الفلسطيني الحالي على أنه علم الثورة العربية عام 1916، واستخدمه الفلسطينيون في إشارة إلى الحركة الوطنية الفلسطينية عام 1917. وفي عام 1947، فسّر حزب البعث العربي العلم على أنه رمز للحرية وللوحدة العربية. وتم تبني العلم في المؤتمر الفلسطيني في غزة عام 1948. ثم اعترفت جامعة الدول العربية بالراية على أنها علم الشعب الفلسطيني، كما أكدت منظمة التحرير ذلك في الموتمر الفلسطيني في القدس عام 1964.