غزة | يبدو أن قرار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إغلاق مركز «تحالف السلام الفلسطيني»، الذي صدر إعلامياً قبل أي مذكرة قانونية، استفز المانح السويسري الذي أبلغ سفارة السلطة أن إغلاق المؤسسة، التي أقيمت بدعم وتمويل سويسري عام 2004، سيؤثر في العلاقات الثنائية، وفق مصادر نقلت أن «مفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي» وجهت رسالة مماثلة إلى رام الله، أعربت فيها عن «عميق قلقها من قرار إغلاق المؤسسة، التي تعدّ واحدة من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني».وبعيداً عن كون ما جرى، قبل عشرة أيام، مقدمة لقرار فعلي، أو محاولة «جس نبض»، فإن المفارقة هي أن محمود عباس كان ينوي إغلاق مؤسسة تعرف بأنها تطبيعية، نكاية بغريمه الثالث (بعد سلام فياض ومحمد دحلان) ياسر عبد ربه، الذي له يد طولى في هذه المؤسسة، وقد أقاله عباس «جبراً» من منصبه في أمانة السر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قبل أن يستقيل منها «أبو مازن» ومعه أعضاء آخرون كي يفرغوها من نصابها القانوني ويعيدوا ترشيح أنفسهم لاحقاً.

وكان القرار من الناحية القانونية يستند إلى أن «تحالف السلام» مركز أنشئ بموجب مرسوم رئاسي (رقم 3 لسنة 2003) أصدره الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبذلك يمكن إغلاقه بقرار رئاسي، مع العلم أن القائمين عليه يقولون إنه تحول إلى جمعية بترخيص رسمي. و«تحالف السلام» أنشئ بعد توقيع مبادرة جنيف عام 2003، وقد ترأس المبادرة عن الفلسطينيين ياسر عبد ربه، وعن العدو الإسرائيلي يوسي بيلين. ومن مهمات المركز عقد نشاطات وحوارات فلسطينية ــ إسرائيلية مشتركة، إضافة إلى برامج بين الشباب من الطرفين غالبها التطبيع، كما ان له نشاطات أخرى في غزة يشارك فيها قادة من حركة «حماس»، ممن يوصفون بأنهم منفتحون على الغرب.
من هؤلاء أحمد يوسف، الذي سارع إلى انتقاد توجهات عباس، وقال في التاسع عشر من الشهر الجاري، إن «مؤسسة تحالف السلام الفلسطيني المدعومة من الحكومة السويسرية والاتحاد الأوروبي، لها دور واضح في تجميع الشباب الفلسطينيين، ونشر مفاهيم المصالحة الوطنية، ومحاولات في التغلب على حالة الانقسام بتثبيت ثقافة الوحدة الوطنية». وأضاف: «أيا كان مسؤول المؤسسة (في إشارة إلى عبد ربه)، فإنه لا يمكن التعامل مع هذه المؤسسة وهي من مؤسسات المجتمع المدني، على أساس شخصي، ولكن يجب التعامل معها على ما تنشره من فائدة وطنية، وأثرها الطيب في ترسيخ مفاهيم الشعب الفلسطيني، الذي بات بحاجة إليها».
يوسف، الذي يدير هو الآخر مركز «بيت الحكمة» في غزة المدعوم أوروبياً، ذكر أن «ما لمسناه من هذه المؤسسة ومن نشاطاتها السابقة يبين لنا باليقين أنها مؤسسة وطنية تُحترم، وقامت بمحاولات عديدة لإيجاد صيغ مقبولة في المجتمع المحلي للتغلب على الانقسام وأدواته».

التحذير الأوروبي أنقذ المؤسسة من الإغلاق

في المحصلة، فإن القائمين على «تحالف السلام» اطمأنوا إلى أن رام الله لن توقف عملهم، علماً بأن موقع المؤسسة يشهد ركوداً في تزويده بالأخبار وتحديثه منذ بداية هذا الشهر. وأمس، قال المدير التنفيذي للمؤسسة، نضال فقهاء، إن السلطة أبلغته رسمياً أنه ما من قرار بإغلاقها، ثم أعرب عن «عميق شكره لكل الجهات الدولية والمحلية التي تدخلت لإلغاء القرار».
وكان فقهاء قد دافع عن «تحالف السلام» بالقول إنها «جمعية سياسية لا حزبية تنشط في مجالات: زيادة وعي الفلسطينيين ببرنامج حل الدولتين، وتوسيع مجالات الحوار مع مؤيدي حل الدولتين في إسرائيل. والمشاركة في العلاقات الدولية المؤيدة لمشروع إنهاء الاحتلال. والمصالحة الفلسطينية بما يتوافق مع رؤية القيادة».
وتأتي خطوة عباس اتجاه «تحالف السلام»، بوضوح، بعيدة عن إطار محاربة التطبيع، كما انها جاءت بعد وقت قصير من إجراءات مماثلة بحق مؤسسة «فلسطين الغد»، التي يديرها رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض بعدما أسسها النائب عن حركة «فتح» محمد دحلان. كما كان قراره يشمل أن تصادر أموال «تحالف السلام» وتنقل أملاكه إلى أملاك وزارة الإعلام. وقيل في السياق نفسه ان قضية «فلسطين الغد» في طريقها إلى الحل بالوتيرة نفسها، وكذلك الأمر مع فياض.
يشار إلى أن، حسن خريشة، وهو نائب رئيس المجلس التشريعي، قد رد على ما قاله يوسف، بأن «ما يروج له السيد أحمد يوسف بدفاعه المستميت عما يسمى تحالف سلام أفرز وثيقة جنيف السيئة السمعة، يبدد الثوابت الوطنية، ويدعو إلى التنازل عن أهم ثابت في القضية، وهو حق العودة المقدس للاجئين الذي يمثل جوهر القضية المركزية». وتساءل خريشة، الذي ترشح إلى المجلس بصفته مستقلا، لكنه يساند «حماس» في مواقف كثيرة، عن «مفاهيم المصالحة لدى السيد يوسف»، وهل هي «مبنية على التطبيع والتسابق على ذلك... أي وحدة وطنية يصونها هذا التحالف إذا لم يكن الهدف بالأساس يعتمد الوحدة الوطنية». وأضاف: «هل ما يتحدث به (يوسف) اجتهاد فردي؟ أين الفائدة المرتبطة بالتطبيع والمال السياسي، وورش العمل وأجندات تحالف السلام الممولة من أجهزة مشبوهة».






عبد ربه: السلطة لم تطلب محاكمة إسرائيل بل عرضت أخبار الجرائم فقط

قال أمين السر للّجنة التنفيذية (المُقال) ياسر عبد ربه، إن «القيادة الفلسطينية لم تتقدم لمحكمة الجنايات الدولية بأي قضية لمحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني». وأضاف في مقابلة مع موقع محلي، إنه «يجب التعامل مع المحكمة الدولية ليس على طريقة إرسال ملفات عن جرائم إسرائيل وإنما التقدم بشكاوى لمحاسبة إسرائيل على جرائمها». وتابع: «(ثمة) فرق بين أن ترسل لهم أخبارا بما ترتكبه إسرائيل من جرائم، وأن لا تطالبهم بشيء، لأن إرسال الملف معناه عرض الجرائم فقط دون مطالبة المحكمة».
(الأخبار)