رغم محادثات المصالحة المرتقبة في التاسع من الشهر الجاري في دمشق، فإن السجال الحمساوي الفتحاوي لم يهدأ. حاول البعض تلطيف الأجواء وإبداء بعض التفاؤل، لكن ذلك لم يحُل دون اشتداد حدة الحرب الكلامية وحمى التلاسن، ولا سيما عقب رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس السماح لـ«حماس» بالمشاركة في الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة الغربية كجزء من حل معضلة الملف الأمني.وقال رئيس كتلة «حماس» البرلمانية، يحيى موسى، إن «رفض عباس مبدأ الشراكة الأمنية يدل على أن كل ما يعني أبو مازن هو أن تكون الأجهزة الأمنية مجرد وكيل أمني لإسرائيل، وهذا يمثّل خرقاً واضحاً وكبيراً لما جاء في الورقة المصرية التي يطالب عباس «حماس» بالتوقيع عليها». وأضاف أن ذلك يعني أيضاً أن عباس «يرفض إحداث أي تغيير في الواقع الحالي» الذي «يستمر فيه تعقب المقاومين وسجنهم والتنكيل بهم».
وأوضح المسؤول «الحمساوي» أن جميع الفصائل الفلسطينية أجمعت في حوارات القاهرة السابقة على رفض التعاون الأمني مع إسرائيل، وأكدت وجوب اعتماد عقيدة أمنية جديدة تقوم على الحفاظ على أمن المواطن الفلسطيني، لا الاحتلال.
وكان أبو مازن قد أعلن أنه إذا طرحت «حماس» خلال حوارات دمشق المقبلة اقتسام الأمن، فإن هذا الطلب سيُرفَض. وشنّ هجوماً على إيران، متهماً إياها بعرقلة عملية التسوية.
وقد استهجن موسى اتهامات عباس لإيران، مشيراً إلى أن هذه التصريحات تدلّ على أن عباس «جزء من المنظومة الأميركية الإسرائيلية في المنطقة»، متسائلاً: «إن كان العالم، ما عدا أميركا، يجمع على أن الحكومة اليمينية في إسرائيل هي المسؤولة عن عرقلة عملية التسوية، فكيف يتطوع عباس لاتهام من يقدم العون للشعب الفلسطيني».
وتابع: «من الذي يواصل الاستيطان والتهويد ويطالب بالاعتراف بيهودية الدولة؟ ومن الذي يوفر الغطاء للمستوطنين للمسّ بالمواطنين الفلسطينيين؟». وشدد على أن عباس «غير مؤتمن على القضية الوطنية، وليس أهلاً للتفاوض باسم الشعب الفلسطيني».
لكن في المقابل، رأى العضو البارز في المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق أن محادثات المصالحة المرتقبة في دمشق قد تضيق الانقسامات الفلسطينية، رغم أن المصالحة الشاملة لا تزال بعيدة بعض الشيء.
وقال الرشق إن محادثات التاسع من تشرين الثاني ستغطي الملف الأمني الحساس للغاية وإعادة بناء جهاز الأمن، مشيراً إلى أن أي اتفاق يتوقف على رفض «فتح» للضغوط الاسرائيلية.
وأوضح أن حركته «راغبة في تأسيس لجنة أمنية عليا تراقب السياسات الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يلي ذلك إعادة هيكلة جهاز الأمن»، وهي «تأمل أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة لفتح الباب أمام إنهاء الانقسام وتوقيع اتفاق مصالحة».
وشدّد المسؤول الحمساوي، الذي يقيم في دمشق، على أن «قضية المصالحة تحتاج إلى جهد آخر للاتفاق والتوافق على برنامج سياسي وطني متفق عليه» يتضمن موقفاً مشتركاً بشأن المحادثات مع الدولة العبرية.
(الأخبار)