الحصار الإيراني للمجلس الأعلى ينعكس ضائقة مالية توقف المشاريع والرواتبإيلي شلهوب
الاستعدادات تجري على قدم وساق لإنجاح جلسة البرلمان العراقي الاثنين، في ظل مفاوضات على أكثر من جبهة مع المكوّنات السنيّة للكتلة «العراقية» حيث الإجماع على أن إياد علاوي بات «حصاناً خاسراً».
وتؤكّد مصادر من شركاء السر في المفاوضات العراقية أن «جلسة البرلمان الإثنين ستكون حاسمة. إذا رشحت القائمة العراقية أحد كوادرها لرئاسة البرلمان، فإنه سيحظى بهذا المنصب، ومن ثم يُنتخب جلال الطالباني للرئاسة ويكلف نوري المالكي بتأليف الحكومة». وتضيف «أما في حال امتناع العراقية عن القيام بخطوة كهذه، فإن التحالف الوطني ومعه الأكراد سينتخبون رئيس برلمان مؤقتاً ويكملون باقي الخطوات. سيفعلون ذلك تحت عنوان الحفاظ على حصة العراقية ضماناً للشراكة الوطنية، وفي الوقت نفسه المضي قدماً في المسيرة. وفي هذه الحال، لا يعود كل شيء مرتبطاً بعلاوي. إن قرر الانضمام فأهلاً به، وإلا فليتحمل مسؤولية خياره».
وتضيف المصادر نفسها أن «علاوي يبدو وكأنه قد انهار. كان يفترض أن يعطي جواباً نهائياً للصدريين مساء الأربعاء. لم يفعل. بل كان قد استبق ذلك بإعلانه أنه قد يلجأ لخيار المعارضة. لعله ينتظر مآل الأمور داخل كتلته، حيث أعلن نحو ثلاثين نائباً دعمهم لعلاوي، فيما تناولت مجموعة أخرى من الأعضاء السنّة فيها طعام الغداء إلى مائدة السفير الإيراني في بغداد»، مشيرة إلى أن «الأبواب كلها، عدا السعودية، أقفلت في وجهه؛ أميركا تخلّت عنه وأبرمت صفقة مع إيران قوامها تأييد المالكي في مقابل ضمان أمن انسحابها من العراق. كذلك فعلت تركيا. سوريا غاضبة منه، وخصوصاً الدكتور بشار (الأسد) لكونه قد تمرد على الخيار الاستراتيجي السوري رغم أنه تبلغ به من الرئيس السوري مباشرة. إيران تضع فيتو عليه. لم يفهم الرسالة وها هو يدفع الثمن».
وتتساءل المصادر نفسها، في تبريرها لحال التصدع داخل العراقية، عن «سبب تمسك الزعماء السنة فيها بعلاوي وقد تبين في نهاية الأمر أنه حصان خاسر». وتضيف «أكثر طرح مثير للضحك ذاك الذي يتحدث عن رئاسة الوزراء للمالكي ورئاسة الجمهورية لعلاوي. أي عن منصبين سياديين أساسيين للشيعة. من يضمن ألا يتمسك هؤلاء بهذين المنصبين حقاً ثابتاً لهم، بحجة وجود سابقة من هذا النوع؟». بدورها، تقول أوساط المالكي إن «الشغل الشاغل الآن هو الإعداد لجلسة الاثنين التي قد تتأجل ليوم أو يومين إرضاءً لـ(رئيس إقليم كردستان مسعود) البرزاني الذي يبدو أنه تحسس من قرار عقد الجلسة البرلمانية التي رأى فيها تهميشاً لمبادرته التي يعلم علم اليقين أن شيئاً لن يصدر عنها لكون العراقية غير مهتمة أصلاً بها». وتضيف أن «العراقية معترضة على الجلسة لأنها بالنسبة لها هي الكابوس الذي تخشاه»، مشيرة إلى أن «مفاوضات مكثفة تجري في أكثر من عاصمة مع مكونات العراقية. صالح المطلق يريد محمد تميم لرئاسة البرلمان، وهو شخص جيد لكن مشكلته أنه من كركوك ولا يقبل به الأكراد. العلاقة ممتازة مع جميع قادة العراقية، ولا فيتو سوى على رافع العيساوي لمواقفه المتشددة من دولة القانون ومن التحالف. يرفض اللقاء مع المالكي ويرى أنه سيضيّع حقوق السنّة».

الأكراد

مصادر معنية بعلاقة التحالف الوطني مع الأكراد نفت كلام علاوي عن أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني أبلغه بأنه لا يتمسك بمنصب الرئاسة للأكراد وأنه مستعدّ للتخلي عنه إذا قبل الرئيس جلال الطالباني بذلك. وقالت إن «المالكي، وفور علمه بحديث علاوي هذا، اتصل بالبرزاني الذي نفى نفياً قاطعاً أن يكون يغرّد خارج السرب، ومتهماً علاوي بالكذب». وأضافت المصادر «لتأكيد حسن نواياه، صدر بعد هذه المكالمة مباشرة البيان المشترك بين التحالفين الكردي والوطني الذي أعلن التمسك برئاستي الوزراء للمالكي والجمهورية للطالباني».
وأوضحت هذه المصادر، في تفسيرها رفض الأكراد المبادرة السعودية الأخيرة، «أن هذا حصل لأنهم يدركون أنه إذا عُقد الاجتماع في السعودية بين السنة والشيعة العرب، فإن الأكراد سيكونون ضيوف شرف».

المجلس الأعلى

مصادر من شركاء السر في مفاوضات تأليف الحكومة العراقية تقول إن «المجلس الأعلى بدأ يلين ويبعث برسائل تشير إلى برغبته بفتح نقاش يستكشف في خلاله حصته إذا عاد وأيد حكومة برئاسة المالكي»، مشيرة إلى أن «حال (نائب الرئيس العراقي عادل) عبد المهدي خير معبّر عن وضع المجلس الأعلى. معنوياته منهارة، ويحاول الاستنجاد بالمسؤولين السوريين».
مصادر رفيعة المستوى في البيت الشيعي، على تماس ميداني مع ما يجري في النجف، تتحدث عن ضائقة مالية يعانيها المجلس الأعلى، أولى مؤشراتها، على ما توضح، وقف غالبية مؤسسة الشهيد المحراب ومكاتبها رواتب الطاقم المتفرغ عدا الكوادر الرئيسية. وتضيف «يبدو واضحاً أن المجلس فقد سيطرته على الأرض. لقد خرج عن الإجماع الشيعي، وإلى أين ذهب؟ إلى السعودية».
بدورها، تعبّر مصادر وثيقة الصلة بالدوائر المعنية بالملف العراقي في طهران عن حال من «الغضب» لدى القيادة الإيرانية من أداء السيد عمّار الحكيم دفعت بها إلى «وقف الينابيع المالية التي تغذي المجلس الأعلى، بل إلى إصدار لائحة ممنوعات وُزّعت على الجهات الحليفة في المنطقة تتعلق بمجموعة من الأمور ممنوع تقديمها لجماعة الحكيم».
وبرغم نفي رئيس منظمة بدر، هادي العامري، أي خلاف بين المنظمة والمجلس، تؤكد هذه المصادر أن هناك «مشروعاً لا يزال على الطاولة بانسحاب جميع المنضوين تحت لواء بدر منها في إطار تنظيمي فلكي للمجلس الأعلى، وتأسيس منظمة جديدة باسم: أنصار الولاية. لا تزال هناك اعتراضات على التسمية، لكن فكرة تفريغ بدر من عناصرها وتركها خرقة بالية للمجلس الأعلى يتسلى بها لا تزال واردة». وتكشف هذه المصادر عن أن «دور منظمة بدر سيتعزز في الفترة المقبلة».
مصادر البيت الشيعي تنعى دور المرجعيات في النجف. تقول «لم يبق أحد إلا وتدخل بالشأن العراقي الداخلي وآخر الغيث السعودية. ماذا تنتظر المرجعية لتدلي بدلوها؟ متى ستتخلى عن مقولة أننا على مسافة واحدة من الجميع ونراقب عن كثب؟ إلى متى هذا الصمت؟ هل هناك درك أعمق من هذا يدفع بالمرجعية إلى أن تؤدي دورها فيه؟ علماً بأن هذه المرجعية لو قامت بواجبها في وقت مبكر، لما خرج ساسة العراق يستنجدون بالجوار».