لم تختلف لغة الرئيس بشار الأسد عن المقابلات السابقة. تواصل الهجوم على حكام السعودية الذين هم من «فئة لم تدخل عصر الحضارة»، وعلى تركيا ورئيسها «السلطان الإخواني» صاحب «الأحلام الكبيرة». أمس أيضاً، كان الرئيس السوري واضحاً في كلامه عن توحيد البندقية ووحدة الدم مع المقاومة اللبنانية، ما يوصل «إلى النتائج الأفضل بزمن أقصر وبثمن أقل».
وبعد الكلام الاعلامي المكثّف حول جنوح موسكو وطهران نحو تسوية قد لا تلقى قبولاً في أروقة الدولة السورية، أكد الأسد أن سياسة روسيا «مبدئية وهي تزداد مبدئية»، مؤكداً أيضاً أنّ «تحالفنا مع إيران عمره الآن ثلاثة عقود».
وفي مقابلة مع قناة «المنار» اللبنانية، أكد الأسد، الذي أرسل إشارات ودّ لمصر، أن «الإرهابيين هم الأداة الحقيقية في العدوان الإسرائيلي على سوريا... وما يقومون به أخطر مما تقوم به إسرائيل، ولذلك إذا أردنا مواجهتها فعلينا أن نواجه أدواتها أولاً». ولفت إلى أنّه «لا توجد حتى الآن البيئة المناسبة أو العوامل الضرورية لنجاح المسار السياسي في الوصول إلى حل للأزمة».

لا توجد حتى الآن
البيئة المناسبة لنجاح المسار السياسي

وأكد أن «الولايات المتحدة لا تريد للإرهاب أن ينتصر كما لا تريد له أن يضعف إلى درجة تسمح بتحقيق الاستقرار في المنطقة، بل تريد أن تبقى الأمور تسير باتجاه الفوضى وإضعاف كل الدول».
وحول الموقف الروسي الحقيقي من سوريا، رأى الأسد أن «سياسة روسيا منذ أيام الاتحاد السوفياتي هي سياسة مبدئية وتزداد مبدئية، وهي سياسة ثابتة، مع التأكيد على أن روسيا لا تدعم شخصاً أو تدعم رئيساً. أساساً غير مقبول من دولة أن تدعم رئيساً. هذا يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية».
وحول إيران، قال الأسد «ما هو الجديد عندما نكون مع إيران؟ نحن في الأساس علاقتنا قوية ونحن حلفاء. نحن مع إيران وإيران مع سوريا. فما الذي يختلف في أي تحالف جديد؟».
وفي ردّه على سؤال عن تأثير الحراك السياسي في العراق على حجم التنسيق بين سوريا والعراق، أكد أنّ «التنسيق مع العراق لم يتأثر سلباً... هناك وعي كبير في العراق لوحدة المعركة، لأن العدو واحد والنتائج واحدة. فعندما نوحّد المعركة، كما يحصل الآن بيننا وبين حزب الله في لبنان... الساحة واحدة... وعندما نوحّد البندقية، سوف نصل إلى النتائج الأفضل بزمن أقصر وبثمن أقل».
وعن هذه الساحة، لفت الأسد إلى أنّ الحدود «بين المقاومة وإسرائيل هي المقاومة من الجانب اللبناني... أما الحدود الآن بيننا وبين إسرائيل فهي عملاء إسرائيل.. ما يشبه جيش لحد وجيش سعد حداد من قبل، فلا بد أن تتعامل مع هذه المشكلة قبل أن تتعامل مع ما يليها من الناحية الجغرافية أو من الناحية السياسية». وأكد أنّ العلاقة مع السيد حسن نصرالله «وثيقة عمرها الآن أكثر من عشرين عاماً... ولكن أعتقد بأن أي شخص تابع هذه العلاقة، وتحديداً سماحة السيد، لاحظ أن العلاقة تتسم بالصدق والشفافية، لأنه شخص صادق بشكل مطلق وشفاف بشكل كامل ومبدئي إلى أقصى حدود المبدئية وفي أقصى حدود الوفاء لمبادئه وللأشخاص الذين يعمل معهم»، معتبراً أنّ شهداء المقاومة اللبنانية الذين استشهدوا في سوريا «عبّروا بشكل صاف وحقيقي عن ماذا تعني كلمة وحدة الدم»، تحت راية السيد نصرالله «القائد الصلب والحقيقي لها».

السعودية

من جهة أخرى، لفت إلى أنّ النتيجة واحدة مع السعودية حتى الآن، بغض النظر عن التصعيد الإعلامي أو عدمه، أي «ما زالت الدولة السعودية تقوم بدعم الإرهابيين... إذا أردنا أن نتحدث عن التصعيد اللغوي الذي ذكره وزير الخارجية (عادل الجبير)، نستطيع أن نرد بكلام مشابه. أن نتساءل ماذا نتوقع من مجموعة، من فئة لم تدخل عصر الحضارة الإنسانية... هل نتوقع منها كلاماً أخلاقياً أم موضوعياً أم ذا بعد سياسي أم حصيفاً...؟ إذا كنا نتوقع هذا الشيء فالمشكلة فينا وليست فيهم».
وعن جدية الكلام التركي عن المنطقة العازلة وإمكان تنفيذ ذلك، قال الأسد: «أردوغان لديه أحلام... أحلام كبيرة أن يكون زعيماً... أن يكون سلطاناً إخوانياً. الآن انهارت هذه الأحلام بحكم الواقع... بقيت لديه آمال بأن يستجيب أسياده له، لأن أردوغان وربيبه أوغلو أثبتا في هذه الأزمة أنهما مجرد دمى لديهما حلم كبير الآن في سوريا هو حلم المنطقة العازلة، وهو الحلم الأخير بعد فشل كل أحلامهما السابقة في سوريا».

الحرص على العلاقة مع مصر

وعن مصر، قال الأسد إنّه «لا شك في أنّ العلاقة بين سوريا ومصر والعراق لها خصوصية، لأن هذه الدول هي أساس الحضارات العربية عبر التاريخ، فنحن نحرص على العلاقة مع مصر بكل تأكيد. حتى خلال وجود الإخونجي (محمد) مرسي كرئيس لمصر، لم نحاول أن نسيء لمصر، أولاً لأهمية هذه العلاقة، وثانياً لأن التواصل بين سوريا ومصر لم ينقطع حتى في ظل مرسي».
وتابع الأسد أنّه «لا أريد أن أحمّل الإخوة في مصر المسؤولية. قد تكون الظروف ضاغطة جداً. ما نريده نحن في المرحلة الأولى أن لا تكون مصر منصة انطلاق ضد سوريا أو ضد غيرها من الدول العربية، لكن في المرحلة الثانية نريد من مصر أن تلعب دور الدولة المهمة».