الاعتقال السياسي في الضفة: «سلاح» ينقلب على السلطة
منذ أن نشأت السلطة وحتى هذه اللحظة، لم تتوقف عن استخدام الاعتقال السياسي وسيلة لإعادة ضبط المجتمع الفلسطيني، خارج إطار القانون والقضاء. هذا السلاح المستخدم، على الرغم من عدم قانونيته، يصفه المحامي والناشط الحقوقي ظافر صعايدة، الذي يعمل في «محامون من أجل العدالة»: «إنه جريمة بحق أصحاب الرأي».
وهذه الجريمة نفذتها، قبل أسابيع قليلة، الأجهزة الأمنية في جنين، حين أقدمت على اختطاف الناشط فخري جرادات والناشط غسان السعدي، بتهمة «الذمّ الواقع على السلطة»، وهذه التهمة التي تعدّ الأبرز بين التهم، التي تلجأ إليها السلطة في تبرير اعتقال الناشطين في الضفة، وفق جهاد عبدو، الناشط في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية. فقد أشار عبدو إلى ثلاث قضايا أساسية في مسألة الاعتقال السياسي، وأثره السلبي على بنية المجتمع الفلسطيني، وهي كالآتي: الأولى تتعلق بمؤسسات المجتمع المدني، وتحديداً حقوق الإنسان، والتي يراها جميعاً غائبة عن الحدث، ويقتصر عملها على رفع التقارير إلى المموّل، من دون أن تكون فاعلة في مواجهة تغوّل السلطة. أما المسألة الثانية التي كشفتها عملية الاعتقال، وهي قدرة المحافظ على إلغاء القانون والمؤسسات المنبثقة عنه، وبالتالي فتح الباب أمام شريعة الغاب في ظل غياب القانون، فالمحافظ في جنين، مكان اعتقال فخري وغسان، يضغط عليهما للتوقيع على تعهّد بعدم العودة إلى النقد وإبداء الرأي. ويرى عبدو في المسألة الثالثة أن الاعتقال السياسي سلاح فتّاك، ويضرّ بوحدة ولحمة المجتمع الفلسطيني، الذي من المفترض أن يكون في مواجهة مع الاحتلال.
أما أسامة جرادات، ابن المعتقل فخري جرادات، كما أنه محامٍ، فقال لـ«الأخبار»: «إن والده فخري، لجأ إلى الإضراب عن الطعام منذ أيام، للضغط على السلطة لإطلاق سراحه، ومثله السعدي، وهو أحد جرحى الانتفاضة، وذلك بعدما قررت النيابة تمديد الاعتقال مرة أخرى».
من جانبه، أوضح صعايدة لـ«الأخبار» أعداد المعتقلين في سجون السلطة، على خلفية إبداء الرأي، اختلفت من مرحلة، وقسّمها إلى ثلاث مراحل: الأولى، بدأت مع نشوء وتشكّل السلطة الوطنية، وامتدت حتى عام 2007، فقد شهدت هذه المرحلة اعتقال المئات على خلفيات سياسية متنوعة، أما المرحلة الثانية، فبدأت عام 2007، واستمرت حتى «7 أكتوبر» وطاولت أيضاً الآلاف، لكنها ركّزت على المنتمين إلى التيار الإسلامي، أما المرحلة الثالثة، وهي ما بعد «7 أكتوبر»، فقد طاولت المئات. ورأى صعايدة أن خطورة هذه المرحلة تكمن في أنها جاءت في ظل حرب الإبادة على غزة، والاقتحامات الدائمة والمستمرة للمدن والمخيمات والقرى في الضفة من قبل الاحتلال. وبيّن أن أخطر ما في عمليات الاعتقال هذه، التهم الجديدة التي أضيفت إلى «كوكتيل» التهم السابقة وهي «حيازة سلاح بصورة غير مشروعة»، وهذه التهمة بحسب صعايدة، تعني أن التهمة كفيلة بأن «تقود صاحبها إلى سجون الاحتلال الصهيوني، بعد الإفراج عنه من سجون السلطة».
واللافت في الاعتقال السياسي الذي تنتهجه السلطة في مواجهة الناشطين، أنه لا يوفر أحداً. ففي حالة فخري والسعدي، وهما ينتميان إلى حركة «فتح»، أي حزب السلطة، وهذا ما يؤكد أن هذا الاعتقال يثبت بأن السلطة لم تعد قادرة على الاستماع والتمييز بين من تلجأ إلى اعتقالهم، حيث تقودها عصابة ومافيا لا تريد أيّ نوع من الانتقاد وفق عبدو. أما صعايدة، فقد أشار إلى مفارقات في الأسس القانونية التي تلجأ إليها السلطة في تشريع عمليات الاعتقال، فهي تعتمد على قانون أردني صادر عام 1960، كان يعمل به عندما كانت الضفة تحت الحكم الأردني، علماً بأن هذا القانون لم يعد موجوداً في الأردن، بعدما طرأت عليه تعديلات كثيرة، هذا فضلاً عن مشاريع القوانين الصادرة بقرار، وهي مراسيم يصدرها رئيس السلطة في ظلّ غياب المجلس التشريعي منذ عام 2007، بعد حدوث الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني، وكلاهما يتعارضان مع الحق في حرية الرأي والتعبير الذي كفله النظام الأساسي الفلسطيني، وهذا التعارض يثبت، وفق عبدو، أن هذا الفعل جريمة لا تسقط بالتقادم، حيث يرى أنه ستتم محاسبة كل مسؤول أجرم بحق الشعب الفلسطيني، في كل سلوك قام به خارج نطاق القانون.
وما بين عدم شرعية الاعتقال السياسي، ولجوء السلطة إلى استخدامه كسلاح في مواجهة قوى المجتمع الفلسطيني، تبقى بعض القوى المجتمعية في مواجهة دائمة ومستمرة مع أجهزة السلطة، وهذا ما أشار إليه صعايدة بأن معظم المعتقلين الذين تم الزجّ بهم في السجون بعد «7 أكتوبر»، جرى اعتقالهم على خلفية التظاهرات المنددة بالعدوان على غزة، فوجّهت إليهم تهم جديدة تتعلق بتخريب الممتلكات العامة، التي ينفيها صعايدة جملة وتفصيلاً، ويرى أنها تأتي في سياق منع الناشطين من التضامن مع غزة.
وبينما كانت تكتب هذه المادة، أفرجت السلطة (الأربعاء الماضي) عن الناشط فخري جرادات، بعدما فشلت كل المحاولات في فرض شروطها عليه، وعلى رأسها كتابة التعهد، حيث كان سبب الاعتقال الأساسيّ انتقاده لأجهزة أمن السلطة، بعد حادثة استشهاد عدد من المقاومين في جنين، فيما لا يزال غسان السعدي في المعتقل ينتظر الإفراج، القادم لا محالة، وقد كتب رفيق اعتقاله فخري جرادات أمس في صفحته في «فايسبوك» أن السعدي تدهورت صحته ونقل إلى «مستشفى الرازي في جنين وهو مضرب عن الطعام والدواء والماء احتجاجاً على اعتقاله السياسي»، متبعاً ذلك بـ«غسان في خطر».
وهذه الجريمة نفذتها، قبل أسابيع قليلة، الأجهزة الأمنية في جنين، حين أقدمت على اختطاف الناشط فخري جرادات والناشط غسان السعدي، بتهمة «الذمّ الواقع على السلطة»، وهذه التهمة التي تعدّ الأبرز بين التهم، التي تلجأ إليها السلطة في تبرير اعتقال الناشطين في الضفة، وفق جهاد عبدو، الناشط في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية. فقد أشار عبدو إلى ثلاث قضايا أساسية في مسألة الاعتقال السياسي، وأثره السلبي على بنية المجتمع الفلسطيني، وهي كالآتي: الأولى تتعلق بمؤسسات المجتمع المدني، وتحديداً حقوق الإنسان، والتي يراها جميعاً غائبة عن الحدث، ويقتصر عملها على رفع التقارير إلى المموّل، من دون أن تكون فاعلة في مواجهة تغوّل السلطة. أما المسألة الثانية التي كشفتها عملية الاعتقال، وهي قدرة المحافظ على إلغاء القانون والمؤسسات المنبثقة عنه، وبالتالي فتح الباب أمام شريعة الغاب في ظل غياب القانون، فالمحافظ في جنين، مكان اعتقال فخري وغسان، يضغط عليهما للتوقيع على تعهّد بعدم العودة إلى النقد وإبداء الرأي. ويرى عبدو في المسألة الثالثة أن الاعتقال السياسي سلاح فتّاك، ويضرّ بوحدة ولحمة المجتمع الفلسطيني، الذي من المفترض أن يكون في مواجهة مع الاحتلال.
أما أسامة جرادات، ابن المعتقل فخري جرادات، كما أنه محامٍ، فقال لـ«الأخبار»: «إن والده فخري، لجأ إلى الإضراب عن الطعام منذ أيام، للضغط على السلطة لإطلاق سراحه، ومثله السعدي، وهو أحد جرحى الانتفاضة، وذلك بعدما قررت النيابة تمديد الاعتقال مرة أخرى».
من جانبه، أوضح صعايدة لـ«الأخبار» أعداد المعتقلين في سجون السلطة، على خلفية إبداء الرأي، اختلفت من مرحلة، وقسّمها إلى ثلاث مراحل: الأولى، بدأت مع نشوء وتشكّل السلطة الوطنية، وامتدت حتى عام 2007، فقد شهدت هذه المرحلة اعتقال المئات على خلفيات سياسية متنوعة، أما المرحلة الثانية، فبدأت عام 2007، واستمرت حتى «7 أكتوبر» وطاولت أيضاً الآلاف، لكنها ركّزت على المنتمين إلى التيار الإسلامي، أما المرحلة الثالثة، وهي ما بعد «7 أكتوبر»، فقد طاولت المئات. ورأى صعايدة أن خطورة هذه المرحلة تكمن في أنها جاءت في ظل حرب الإبادة على غزة، والاقتحامات الدائمة والمستمرة للمدن والمخيمات والقرى في الضفة من قبل الاحتلال. وبيّن أن أخطر ما في عمليات الاعتقال هذه، التهم الجديدة التي أضيفت إلى «كوكتيل» التهم السابقة وهي «حيازة سلاح بصورة غير مشروعة»، وهذه التهمة بحسب صعايدة، تعني أن التهمة كفيلة بأن «تقود صاحبها إلى سجون الاحتلال الصهيوني، بعد الإفراج عنه من سجون السلطة».
واللافت في الاعتقال السياسي الذي تنتهجه السلطة في مواجهة الناشطين، أنه لا يوفر أحداً. ففي حالة فخري والسعدي، وهما ينتميان إلى حركة «فتح»، أي حزب السلطة، وهذا ما يؤكد أن هذا الاعتقال يثبت بأن السلطة لم تعد قادرة على الاستماع والتمييز بين من تلجأ إلى اعتقالهم، حيث تقودها عصابة ومافيا لا تريد أيّ نوع من الانتقاد وفق عبدو. أما صعايدة، فقد أشار إلى مفارقات في الأسس القانونية التي تلجأ إليها السلطة في تشريع عمليات الاعتقال، فهي تعتمد على قانون أردني صادر عام 1960، كان يعمل به عندما كانت الضفة تحت الحكم الأردني، علماً بأن هذا القانون لم يعد موجوداً في الأردن، بعدما طرأت عليه تعديلات كثيرة، هذا فضلاً عن مشاريع القوانين الصادرة بقرار، وهي مراسيم يصدرها رئيس السلطة في ظلّ غياب المجلس التشريعي منذ عام 2007، بعد حدوث الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني، وكلاهما يتعارضان مع الحق في حرية الرأي والتعبير الذي كفله النظام الأساسي الفلسطيني، وهذا التعارض يثبت، وفق عبدو، أن هذا الفعل جريمة لا تسقط بالتقادم، حيث يرى أنه ستتم محاسبة كل مسؤول أجرم بحق الشعب الفلسطيني، في كل سلوك قام به خارج نطاق القانون.
وما بين عدم شرعية الاعتقال السياسي، ولجوء السلطة إلى استخدامه كسلاح في مواجهة قوى المجتمع الفلسطيني، تبقى بعض القوى المجتمعية في مواجهة دائمة ومستمرة مع أجهزة السلطة، وهذا ما أشار إليه صعايدة بأن معظم المعتقلين الذين تم الزجّ بهم في السجون بعد «7 أكتوبر»، جرى اعتقالهم على خلفية التظاهرات المنددة بالعدوان على غزة، فوجّهت إليهم تهم جديدة تتعلق بتخريب الممتلكات العامة، التي ينفيها صعايدة جملة وتفصيلاً، ويرى أنها تأتي في سياق منع الناشطين من التضامن مع غزة.
وبينما كانت تكتب هذه المادة، أفرجت السلطة (الأربعاء الماضي) عن الناشط فخري جرادات، بعدما فشلت كل المحاولات في فرض شروطها عليه، وعلى رأسها كتابة التعهد، حيث كان سبب الاعتقال الأساسيّ انتقاده لأجهزة أمن السلطة، بعد حادثة استشهاد عدد من المقاومين في جنين، فيما لا يزال غسان السعدي في المعتقل ينتظر الإفراج، القادم لا محالة، وقد كتب رفيق اعتقاله فخري جرادات أمس في صفحته في «فايسبوك» أن السعدي تدهورت صحته ونقل إلى «مستشفى الرازي في جنين وهو مضرب عن الطعام والدواء والماء احتجاجاً على اعتقاله السياسي»، متبعاً ذلك بـ«غسان في خطر».