بعد تولي لازاريني مهامّه، إثر انتخابه، أقنعته دوروثي كلاوس بضرورة تحديث الأرشيف مرة ثانية
وبعد تولي لازاريني مهامه، إثر انتخابه، أقنعته دوروثي كلاوس بضرورة تحديث الأرشيف مرة ثانية، وحصلت من بلجيكا على تمويل يُقدّر بمليوني دولار، لكن قامت بهذه المهة هذه المرّة خارج أنظار «الأونروا»، وافتتحت مكتباً لها في مقر «الإسكوا» في بيروت، وتمارس هذه المهمة بذريعة أنها تريد أن تعمل على شجرة عائلة كل لاجئ فلسطيني بهدف شطب ربّ الأسرة من سجلات الوكالة والتعامل مع أفراد لا مع عائلات. وبهذه الطريقة، تقلّل من أعداد اللاجئين الفلسطينيين. كما تعمل الآن على إصدار بطاقات فردية لكل لاجئ، ما يستوجب تسجيله فردياً. هذا المنحى، يفهم منه على أنه تماهٍ مع خطة الإطار الموقّعة بين الولايات المتحدة و«الأونروا»، وينذر باستنزاف الوكالة مالياً، علماً أن المشروع سيستمر لمدة 5 سنوات، وإذا جرى اعتماده فإن كل من لم يستحصل على البطاقة الفردية فسيتم شطبه من سجلات «الأونروا»، وبذلك تكون الوكالة قد تحوّلت من الدور الإغاثي إلى الدور السياسي بالشروط الأميركية.
وعندما تشرح دوروثي عن المشروع لا تتحدّث عن هذه التفاصيل الخَفيّة، لأنها تعلم تماماً أن الدول المضيفة كافة سوف ترفضها، وبالأخص ما يتعلّق بالبطاقات البديلة لبطاقات الهوية الصادرة من حكوماتهم وتفكيك المجتمع بمبدأ الكرت الفردي بدل الأسري. لذلك، هي تكتفي بشرح مقترح تحديث، ومقترح شجرة العائلة، ومعرفة التاريخ بشكل أفضل، واستخدام الوثائق لدعم القضية الفلسطينية... من هنا يتوجّب على الدولة اللبنانية متابعة هذا الموضوع بالطريقة المناسبة والسريعة.
المشروع الآخر، الشراكات، والذي قد يوصل في آخر المطاف إلى الاعتماد الكامل على المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تطبّق اتفاقية اللجوء (1951) (التي نصّت في المادة 1 (د-أ) على: «لا تسري هذه الاتفاقية على الأشخاص الذين يتلقون المساعدة أو الحماية من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»)، فهو يتناقض تماماً مع جوهر تعاطي المجتمع الدولي مع خصوصية اللجوء الفلسطيني وتخصيصه بوكالة «الأونروا» التي وُجدت لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم إلى حين تطبيق القرار 194، وليس كما تطرح مفوضية اللاجئين الحلول الثلاثة: التوطين، أو الموطن البديل، أو العودة.
وعلى الرغم من أن الدولة اللبنانية لم توقّع على اتفاقية اللجوء عام 1951، لكنها استقبلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وافتتحت لها مكتباً في بيروت، وتمارس دورها الطبيعي، وكذلك «الأونروا» لم توقّع اتفاقية أو مذكّرة تعاون مع الدولة اللبنانية في ما يتعلق بمهامّها داخل الأراضي اللبنانية، كما هو الحال مع سوريا، ما يستدعي مطالبة الدولة اللبنانية، وعلى رأسها اللجنة الاستشارية لـ«الأونروا»، بوقف مشروع كلاوس فوراً، وبتوفير ميزانية كافية لـ«الأونروا»، وتعيين لجنة رقابة تتمثل فيها منظمة التحرير، لضمان عدم التلاعب بالملفات الموجودة في الوكالة، واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لكل من يريد أن يفتح هذه الملفات.
يرفض اللاجئون الفلسطينيون أي مساس بـ«الأونروا» ومكانتها القانونية، باعتبارها مرتبطة بحقهم في العودة الذي هو من الحقوق الآمرة في القانون الدولي وغير القابلة للتصرّف، تطبيقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 الصادر عام 1948، والذي ما زالت قرارات الجمعية العامة تؤكد عليه في كل قرار متعلق بالقضية الفلسطينية، حتى بات ملزماً لإسرائيل. وبالتالي، لا خوف على مصير الوكالة طالما هو متعلّق بتطبيق القرار 194. لكنّ الخوف الدائم هو التسييس المالي لـ«الأونروا»، وقطع المساعدات عنها بهدف تهجير الفلسطينيين وتشتيتهم مرة أخرى، لإضاعة حقهم في العودة عن طريق اللعب بسجلات اللاجئين الفلسطينيين داخل الوكالة.
* مستشار قانوني في المحكمة الجنائية الدولية