على مدار أحد عشر يوماً، لم تُخرج المقاومة الفلسطينية سوى جزء يسير ممّا في جعبتها في مواجهة الاحتلال، مُعتمدةً على سلاح الصواريخ وقذائف «الهاون» بدرجة أساسية، مع استخدام محدود لأسلحة أخرى مثل الطيران والصواريخ الموجَّهة، فيما غابت الوحدات القتالية الأخرى نتيجة اختفاء جيش العدو عن الأنظار. ويرجّح خبراء عسكريون أن المقاومة استخدمت خلال المواجهة جزءاً محدوداً من ترسانتها العسكرية، وأخذت في بالها تكتيك إطالة أمد المعركة، ما جعلها تتنوّع في استخدام الأدوات، حتى يكون لديها جديد كلّ يوم، وبما يشكّل ضغطاً متواصلاً على صانعي القرار في دولة الاحتلال.
سلاح الصواريخ
برزت الصواريخ كسلاح أساسي واستراتيجي في معركة «سيف القدس»؛ إذ أطلقت المقاومة قرابة 4500 صاروخ تجاه الأراضي المحتلّة، وهو ما يعادل تلك التي أطلقتها خلال حرب 2014. إلّا أن الفارق هذه المرّة أن تطوّراً واضحاً ظهر على منظومة الصواريخ التي باتت أكثر تركيزاً وقدرةً على إصابة أهدافها وتدميرها، بالإضافة إلى إدخال أنواع ومديات جديدة إلى الخدمة. وخلال المعركة، لم تستخدم المقاومة من ترسانتها سوى تلك الصواريخ المُصنَّعة محلياً، والتي جرى تخزين جزء كبير منها منذ فترة طويلة، وباتت هناك طرازات جديدة منها وأكثر تقدّماً، ما يجعل الحاجة ماسّة إلى استبدالها، وفق ما أعلنه عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري. كذلك، بدا واضحاً عدم تفعيل المقاومة الصواريخ المتطوّرة التي كان يرسلها «محور المقاومة» إلى قطاع غزة طيلة السنوات الماضية، والتي كشفت عنها «كتائب القسام» العام الفائت ضمن برنامج «ما خفي أعظم» على قناة «الجزيرة» القطرية. وكان التقدير في دولة الاحتلال، قبيل معركة «سيف القدس»، أن الفصائل تمتلك أكثر من 14 ألف صاروخ، إلّا أن الكثافة النارية ضدّ مدن تل أبيب والمركز، وتضاعُف القدرة النارية بأكثر من 400% عمّا كانت عليه في حرب 2014، أفهما قيادة العدو أن المقاومة استطاعت مضاعفة هذه الترسانة عدّة أضعاف، الأمر الذي دفع عدداً من الكتّاب وأبرزهم بن كاسبيت، إلى توقُّع أن الفلسطينيين سيقدرون في الجولة القادمة على ضرب تل أبيب بالحدّة نفسها التي «سحقوا» بها عسقلان «هذا الأسبوع».
برز، خلال المواجهة، طرازان جديدان من الطائرات المسيّرة التابعة للمقاومة


أمّا ادّعاءات الاحتلال بتفوّق «القبّة الحديدية» في تحييد صواريخ المقاومة واعتراضها بنسبة عالية، فقد جاءت إحصائيات الأضرار والتعويضات بعد المعركة لتدحضها؛ إذ ثبت تقديم تعويضات لأكثر من 3400 منزل، بالإضافة إلى 1700 مركبة، وهو ما يعني أن الصواريخ كانت تصل إلى أهدافها وتُحقّق أضراراً بالغة، الأمر الذي يشير إلى فعّاليتها العالية وعجز «القبّة» عن التقاطها. كذلك، تميّزت صواريخ المقاومة، هذه المرّة، بتعجيز العدو عن الوصول إلى منصّات إطلاقها التي تَظهر فجأة وتختفي بسرعة فور إطلاق رشقاتها، بعدما كان جيش الاحتلال قادراً على كشفها واستهدافها بشكل مسبق أو بعد الإطلاق أو الوصول إلى العناصر الذين يفعّلونها. واستخدمت المقاومة عدّة طُرز من الصواريخ خلال المعركة، منها ما كان معلَناً عنه ومنها ما كُشف لأوّل مرّة، كـ«عياش 250»، و«A120»، و«SH85»، و«Q20» و«سجّيل». أيضاً، نفّذت المقاومة أربع عمليات استهداف لقوات العدو عبر الصواريخ المُوجَّهة من طراز «كورنيت»، ما أدى إلى مقتل 3 جنود وإصابة 7 آخرين بحسب اعتراف المصادر العبرية، إذ استهدفت «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، «جيبَين» عسكريَّين أحدهما تابع لمخابرات الاحتلال، إضافة إلى باص ينقل جنود العدو، وزورق حربي في عرض بحر غزة.

الطائرات المسيّرة
برز، خلال المواجهة، طرازان جديدان من الطائرات المسيّرة التابعة للمقاومة، هما «شهاب» الانتحارية، و«الزواري» الاستطلاعية، إلى جانب طراز قديم من نوع «أبابيل»، وطائرات استطلاع (درونز) صغيرة الحجم استولت المقاومة عليها خلال السنوات الماضية بعد إسقاطها، وأعادت إدخالها الخدمة لصالحها. ولأوّل مرّة، استهدفت الطائرات المسيّرة الانتحارية من طراز «شهاب» مصنعاً لإنتاج الكيماويات في مستوطنة «نتيف هعتسرا» شمال قطاع غزة، وتجمّعاً للجنود قرب القطاع، فيما شكّل استهداف منصّة الغاز قبالة غزة مفاجأة للاحتلال الذي اعترف بأن إحدى الطائرات الانتحارية تمّ تطويرها لتحمل رأساً قتالياً مضادّاً للدبابات، وأنها حاولت تدمير مركبة عسكرية شمال القطاع، وأنها يمكنها التغلّب على المصفّحات.