أُسدل الستار على واحدٍ من أكثر المواسم صخباً في كرة السلة اللبنانية، وأكثرها إثارةً في السلسلة النهائية، ولو أنه كما كان متوقّعاً، تُوّج الرياضي باللقب بعدما حسم المواجهة أمام الحكمة (4-1).موسمٌ لم يكن ككل المواسم مع دخول عنصرٍ أجنبي إضافي إلى تشكيلات الفرق، وذلك في وقتٍ رصدت فيه أندية عدة ميزانيات غير مسبوقة مدركةً سلفاً بأن المستوى الفني يقتضي صرف الأموال من أجل الظهور بصورةٍ مقبولة، وخصوصاً أن الأكثرية الساحقة من المباريات كانت منقولة عبر شاشة التلفزيون، وبالتالي أراد كثيرون الحفاظ على اسم النادي الذي ينتمون إليه وعلى سمعته.
موسمٌ قدّم فرقاً متطوّرة عدة ولاعبين بلغوا مرحلةً أعلى، ومنهم من سيكون له شأن في دائرة النجومية في المستقبل القريب. كل هذا دحض القلق حول انعدام ميزان المنافسة بعد اختفاء نادي دينامو لبنان عن الخريطة إثر حلوله وصيفاً في الموسم الماضي.
استحق الرياضي الفوز باللقب نظراً إلى أدائه الرائع طوال الموسم (طلال سلمان)

مشهد لا يتغيّر
لكن هنا، قفز نادي الحكمة لإنقاذ الموسم بشكلٍ أو بآخر ببلوغه النهائي، فنسي كل المتابعين كل ما مرّ، وأصبح النهائي الكبير أو ما وُصف بالنهائي الحلم كل شيءٍ في الموسم، حيث سُخّرت كل الجهود الاتحادية، الإعلانية، التلفزيونية وحتى الأمنية لإنجاحه.
نهائي حمل مشاهد إثارة عدة، وعرف حوله بعض المشاهد التي كانت ربما متوقّعة في ما خصّ تعامل بعض المشجعين معه، لكنّ مشهداً واحداً لم يتغيّر، ألا وهو: الرياضي بطلاً للبنان.
هو مشهدٌ لم يكن هناك تشكيك عند الكثيرين بأنه سيتغيّر، إذ إن البطل العتيد سار في خطٍّ تصاعدي رهيب منذ بداية الموسم وحتى نهايته، فبدا الفوز عليه صعباً ويحتاج إلى «معجزة» تماماً كما حصل في المواجهة النهائية الثانية عندما فاز الحكمة بسلّة ثلاثية خرافية لنجمه الأميركي جوناثان غيبسون.
بدا الفوز على الرياضي صعباً ويحتاج إلى «معجزة»


سلة بهذا الشكل لا تتكرّر كل يوم، لكن أدرك كثيرون منذ المباراة الأولى التي وصل فيها الفارق النهائي إلى أكثر من 40 نقطة، وبعد المباراة الثالثة التي تخطّى فيها الفارق الـ 30 نقطة، بأن ما سيتكرّر حتماً هو مشاهدة الرياضي محتفلاً على منصة التتويج.
كان أمراً حتمياً بالفعل بعدما أثبت هذا الفريق للسنة الثانية على التوالي بأنه أفضل فرق المنطقة بإحرازه مجدداً لقب الدوري السوبر لمنطقة غربي آسيا، ليقف بالتالي مرشحاً قوياً للفوز ببطولة «وصل» التي ستحلّ مرحلة «الفاينال 8» الخاصة بها ضيفةً على قاعة «لوسيل» في العاصمة القطرية الدوحة بين 24 الحالي و1 حزيران المقبل.

(طلال سلمان)

نجاحٌ إداري
«دولة الرياضي» بسطت حكمها مرةً جديدة بطريقةٍ لم تخرج فيها عن «عقائدها» الأساسية، وهي المتعة في الأداء، والإصرار لتحقيق الفوز، والالتزام نحو الأفضل.
وعند هذه النقطة يمكن التوقف، إذ كثر الحديث طوال الموسم عن تأثير نجوم الرياضي والجهاز الفني في النتائج، لكن لا بدّ أيضاً من الإضاءة على عملٍ إداري مبني على الاستقرار الذي يفرز قراراتٍ صائبة، إذ إنه للموسم الثاني على التوالي عرفت إدارة الفريق البيروتي الشعبي إيصال مركبها إلى المكان الآمن والمناسب.
إدارةٌ عملت بشكلٍ حثيث على سدّ أي ثغرة فنية بطريقة تدريجية، فضربت أوّلاً بإقناع نجوم فريقها المحليين بتجديد عقودهم، وختمت كالعادة بصفقة جعلت اللقب عصياً على أي منافس، فكان لوصول العملاق الأسترالي ثون مايكر وقع كبير تماماً كما كان هو الحال عليه وسط الدور الذي لعبه مواطنه ديوب ريث في الموسم الماضي.
(طلال سلمان)

الأمور واضحة حتى الموسم المقبل: إذا ما أراد أي فريق سحب اللقب من تحت بساط الرياضي عليه أوّلاً أن ينتظر حركة الانتقالات لمعرفة إذا ما كان هذا الفريق سيخسر أيّاً من نجومه وسط الحديث مثلاً عن عرضٍ خارجي ضخم لوائل عرقجي. كما يفترض على أي طامحٍ برفع الكأس أن يحشد أفضل العناصر المحليين بعددٍ يسمح له بأن يكون لديه فريقان على أرض الملعب كما هو حال «الأصفر» الذي نادراً ما يفقد لاعباً قبل نهاية مسيرته.
أما النقطة الثالثة فهي تركيب توليفة من الأجانب المتناغمين وأصحاب الأدوار المتعدّدة التي تخلق توازناً على أرض الملعب وفعاليةً لا تختفي في حال غاب أحدهم عن مستواه في مناسبة كبرى تحديداً.
كل هذه الأمور أو بعضها غابت عند المنافسين المباشرين للرياضي على لقب بطولة لبنان، فكان أن حضر بجهوزية لا مثيل لها في كل محطة أساسية، ليترك متعةً للمشاهدين ولينثر مجدداً دروسه الخاصة في كرة السلة.