الغلاف
في مطلع الألفية الثانية، وبعدما حُيّدت مصر عن الأزمة الدائمة في الشرق الأوسط، قرّرت ثلة المهووسين التي تدير شؤون الكوكب من واشنطن، أنّه لا بدّ من إسقاط العراق كي تنجو المدلّلة «إسرائيل». ارتأت الإمبراطورية حينها أن تموّه حربها المجرمة باستدراج رعاياها والعالم إلى دائرة النوازع الوحشيّة للبشريّة عبر تشييد جدار هائل من ثنائيات الهويات الثقافية المتنازعة: عالم «نحن» مقابل «الآخرين»، «معنا» أو مع «الإرهابيين»، وهم الفسطاطين المتناقضين حكماً، وصراع الحضارات المحتّم. وقتها، رُسمت خطوط الانقسام بدقة: غرب مقابل الشرق، وبيض ضد الملونين، ومسيحيون ويهود ضدّ المسلمين، وشركاء في التحالف «الدولي» العسكري لإسقاط العراق ــــ أي تجمع مرتزقة الإمبراطورية الأميركية ـــ ضد الإرهاب. هكذا أصبح عادياً أن يُوقف بريطاني في مطار أميركيّ لأنّ لون بشرته ليس أبيض، أو يعامل فرنسي بجلافة لأن بلاده لم تنخرط (رسميّاً) في التحالف الدولي، أو يفقد مواطن يحمل جواز سفر أميركيّاً ووُلد في الولايات المتحدة، فرصةً للدراسة أو العمل لأن اسمه ذو إيقاع عربيّ. لم تتغير الأمور كثيراً من حينها، لكنّ تحول الأولويّات بسبب اللحظة...