«لا يزال رونالدو ينتظر دوره لتسديد ركلة ترجيح»، «رونالدو الخائف وضع نفسه اللاعب الرقم 11 على لائحة مسددي ركلات الترجيح». نكات عدة حُبكت بعد ساعات على خروج البرتغال على يد إسبانيا من الدور نصف النهائي لكأس أوروبا، وسط علامات تعجّب واستفهام بسبب عدم أخذ رونالدو الكرة ووضعها عند نقطة الجزاء، ثم إطلاقها باتجاه مرمى الحارس إيكر كاسياس.
من أخطأ في ما حصل، هل هو رونالدو نفسه أم مدربه باولو بنتو الذي أوعز إليه تسديد الركلة الأخيرة؟
الحسم يبدو صعباً في هذا السياق، والانقسام كبير حول الموضوع. لكن يمكن الكلام عن تفسيرات منطقية، رغم أن رونالدو صرّح بأن اتفاقاً ثنائياً مع المدرب كان وراء القرار النهائي الذي أرسى تنفيذه الركلة الأخيرة.
أول هذه التفسيرات هو ما قيل عن أن رونالدو خاف أن يتحوّل فاشلاً في ليلة حاسمة، ذلك أن مواجهته لزميله في ريال مدريد الإسباني الحارس كاسياس سيعطي الأخير لا محالة أفضلية كبيرة بنسبة عالية، وذلك لسبب بسيط وهو أن رونالدو غالباً ما يتدرب على تنفيذ ركلات الجزاء التي ينبري لها شخصياً مع الفريق الملكي، وبالتالي فإن كاسياس الذي يتدرّب على التصدي لهذه الركلات في حصصٍ خاصة بعد التمارين يقضي وقتاً طويلاً في مواجهة البرتغالي، وبالتالي فإنه يعرف تماماً طريقة تسديد الرقم 7 لهذا النوع من الكرات. أضف، إن كاسياس تابع مراراً رونالدو مستخدماً تقنيات مختلفة لقهر حراس آخرين في مباريات فريقهما.
التفسير الثاني يلقي على رونالدو تهمة الجُبن، وذلك مردّه الى أنه أصبح لديه «فوبيا» من تسديد ركلات الترجيح في مباريات حساسة، إذ من دون شك مرّ في ذهنه للحظات مشهد إهداره إحداها في المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2008 عندما واجه تشلسي الإنكليزي مع فريقه السابق مانشستر يونايتد. كذلك، ربما لم يذهب الى هذه المناسبة البعيدة نوعاً ما، بل الى نصف نهائي دوري الأبطال هذه السنة عندما كان أوّل المسدّدين ضد بايرن ميونيخ الألماني، حيث تصدى له حارس الأخير مانويل نوير.
إذاً، الأرجح أن رونالدو سلّم بالأمر الواقع، وكان مقتنعاً بما توجّه به بنتو إليه انطلاقاً من أنه لم يكن ليحتمل إهدار ركلة ترجيحية حاسمة أخرى في الموسم عينه، وبالتالي تسجيل نقطة سلبية إضافية في رصيده، وهو الذي بحاجة الى أكبر قدرٍ من النقاط الإيجابية من أجل خطف الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم، لكن لا ضير من القول إنه ربما سلّمها بنفسه أول من أمس الى غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي.
ومهما يكن من أمر، فإن المدرب بنتو قد يتحمل بعضاً من المسؤولية في ما حصل لأن التقليد المتبع عند الفرق أو المنتخبات الناجحة في مجال ركلات الترجيح يعتمد على الدفع بمنفذيها من الأفضل الى الاسوأ. ويمكن العودة الى كأس العالم عام 1990 عندما احتكمت ألمانيا وإنكلترا الى ركلات الترجيح في نصف النهائي، فانبرى للركلة الأولى بنجاح أندرياس بريمه الذي يعتبر من أفضل المسددين من مسافة 12 متراً في تاريخ اللعبة، وهو نفسه الذي منح الألمان الفوز على الأرجنتينيين في المباراة النهائية من نقطة الجزاء. كذلك، يمكن ذكر ربع نهائي مونديال 1998 بين فرنسا وإيطاليا، حيث دفعت الأولى بأفضل مسدديها زين الدين زيدان لافتتاح التسجيل، ما رفع من معنويات زملائه في الطريق لإقصاء الطليان. والأمر عينه فعلته البرازيل في المونديال عينه بإيعازها لنجمها رونالدو تسديد الركلة الأولى في نصف النهائي أمام هولندا فنجح و«السيليساو» في العبور الى النهائي.
سدد رونالدو، لم يسدد. أخطأ بنتو، لم يخطئ. في نهاية المطاف، ركلات الترجيح أشبه بالـ«طرّة نقشة»، وفاز فيها الإسبان.